إعلان

طنطاوي ومبارك.. ماذا فعل درس أبو غزالة بالعلاقة بين المشير والرئيس؟

01:10 م الثلاثاء 21 سبتمبر 2021

غلاف - مايكل عادل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد شعبان:

بدأت العلاقة بين الرجلين مبكراً. كان مبارك في العام السابع من حكمه الممتد، يبحث عن قائد جديد للحرس الجمهوري، خلفاً للواء محمود سويلم. وقع اختياره على اللواء محمد حسين طنطاوي، قائد الجيش الثاني الميداني وقتها، لتبدأ علاقة طويلة بين الرجلين، طنطاوي ومبارك، امتدت لنحو ربع قرن.

في ذلك العام، 1988، أصبح طنطاوي مسؤولاً عن تأمين شخص ومسكن رئيس الجمهورية، ويحكي مصطفى الفقي، سكرتير مبارك للمعلومات، في برنامجه "سنوات الفرص الضائعة"، أن طنطاوي لم يكن سعيداً بالمنصب الجديد "لاحظنا أنه لواء متجهّم لا يضحك. فقد ترك قيادة جيش به آلاف الأفراد واعتقدَ أن الحرس الجمهوري هو وظيفة مراسمية"، على ما قال الفقي.

مرت بضع سنوات على طنطاوي في منصبه الجديد، قبل أن يغادر القصر إلى رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة، فيما كانت التوقعات، حسب الفقي، أنه سيصبح بعدها رئيساً للأركان، ومنها وزيراً للدفاع؛ إلا أنه قفز بعد شهور قليلة من رئاسة هيئة العمليات إلى منصب وزير الدفاع مباشرة، إذ اختاره مبارك في 20 مايو 1991 ليصبح على رأس القوات المسلحة، في وقت كان مبارك يبدأ فيه عقده الثاني في الحكم.

"كان طنطاوي يحظى بثقة الرئيس، ووجد مبارك فيه شخصاً غير طموح في السلطة"، يقول الفقي.

بعيداً عن الأضواء

دخلت العلاقة بين طنطاوي ومبارك مرحلة جديدة، مع تولي الأول منصب وزير الدفاع، الذي سيقضي فيه نحو 20 عاماً، ليصبح وزير الدفاع الأطول مدة في تاريخ مصر الحديث. هذه السنوات الطويلة، قضاها طنطاوي "في الظلّ"؛ كان حريصاً أن يكون بعيداً عن الأضواء. أدرك طنطاوي درس المشير عبد الحليم أبو غزالة جيداً، الذي أطاح به مبارك في مشهد درامي أواخر عقد الثمانينيات، وهي الإطاحة التي أرجعها كثيرون، بينهم الفقي، إلى "قلق مبارك من المشير أبو غزالة، وحب الناس له وشعبيته الطاغية بين صفوف القوات المسلحة، ولدى الرأي العام".

"قرأ طنطاوي شخصية الرئيس مبارك بذكاء، فمبارك، مثل كل الرؤساء، كان لا يريد لقائد الجيش أن يكون تحت الأضواء ويتمتع بشعبية قوية"، على ما قال الفقي في شهادته على عصر مبارك ورجاله.

وهكذا، مرت السنوات هادئة بين المُشير والرئيس، ورغم أن ثمة معلومات سربها موقع "ويكيليكس" حول برقيات دبلوماسية أمريكية تقول إن الجيش يرفض مشروع توريث الحكم لجمال مبارك، فضلاً عن ما تردد عن خلافات بين المشير طنطاوي ورجال مبارك الابن، إلا أن العلاقة ظلت كما هي بين مبارك الأب وطنطاوي، وظل كذلك الحضور السياسي نادراً للأخير. لكن رغم ذلك، فإن السنوات الأخيرة في حكم مبارك وتفاعلاتها شهدت إرهاصات عديدة، مهدت الطريق إلى مرحلة جديدة ومحطة فاصلة، في العلاقة بين المُشير والرئيس، بحكم الزمن وتطورات الأحداث.

من الظلّ إلى القمّة

نهاية العقد الثالث لحكم مبارك، مظاهرات حاشدة في الشوارع والميادين بامتداد خريطة مصر، من أقصاها إلى أقصاها، تُطالب بإسقاط الرئيس، في ذلك اليوم المشهود، 25 يناير 2011. حاول مبارك إنقاذ ما يُمكن إنقاذه، في لحظة عاصفة، عيّن حكومة جديدة، تردد وقتها أن مبارك حاول أن يُسند رئاستها لطنطاوي، لكن الأخير رفض. كذلك اختار مبارك نائباَ له هو اللواء عمر سليمان، فيما يذكر مصطفى بكري في كتابه "لغز المُشير" أن مبارك ألح بشدة على طنطاوي لتولي منصب نائب الرئيس لكنه رفض وفضل البقاء في منصبه وزيراً للدفاع.

في تفاصيل الأيام الأخيرة لنظام مبارك الذي هوى بعد 18 يوماً، أن القيادة العامة للقوات المسلحة أصدرت بياناً في 31 يناير 2011 أكدت فيه "تفهمها المطالب المشروعة للمتظاهرين وعدم استخدام العنف ضدهم"، بعدها بيوم واحد، وفق ما جاء في كتاب بكري، أن مبارك وجّه اللوم إلى طنطاوي بسبب ذلك البيان، في اجتماع له مع المشير وأحمد شفيق رئيس الحكومة وعمر سليمان وغيرهم، وقد كانت هذه بداية النهاية في العلاقة بين الرجلين، مبارك وطنطاوي.

رحل مبارك عن السُلطة مُجبراً، اضطر للتنحي تحت ضغوط الثورة الشعبية التي ساندها الجيش، ليجد المُشير طنطاوي نفسه وقد آلت إليه السلطة العليا في البلاد، تولى رئاسة مصر بصفته رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي أسندت له مهمة إدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية. في هذه اللحظة خرج المُشير من الظلّ إلى دائرة الضوء، ليصبح الحاكم الفعلي لمصر لنحو 15 شهراً. في هذه اللحظة من مساء يوم 11 فبراير 2011، أصبح المُشير رئيساً والرئيس مخلوعاً. ينتظر الشعب أحاديث طنطاوي وقراراته وتعامله مع الأحداث والأزمات والتطورات المتلاحقة في مصر، فيما كان مبارك محتجزاً في إحدى مستشفيات شرم الشيخ تحت حراسة الشرطة، وسيقدم للمحاكمة بتهم تتراوح بين قتل المتظاهرين والفساد المالي.

تبرئة في "محاكمة القرن"

اتخذت حياة الرجلين مسارات متباينة، لكن لم تنتهي العلاقة بينهما، فقد جاءه شهادة المُشير طنطاوي في "محاكمة مبارك" لتبرأ ساحة الأخير من التهمة والمسؤولية عن قتل المتظاهرين خلال ثورة يناير، وفقاً لما جاء في حيثيات محكمة الجنايات في 29 نوفمبر 2014 بانقضاء الدعوى ضد مبارك، وفي حيثيات محكمة النقض في 2 مارس 2017 ببراءته من جميع ما نسب له. علماً بأن فريد الديب، محامي مبارك، قال إن شهادتي اللواء عمر سليمان والمشير طنطاوي "برأت مبارك من قتل المتظاهرين".

بعد سنوات سيرحل مبارك، وسيغيب المُشير طنطاوي عن جنازته العسكرية في فبراير 2020، بسبب مرضه، وبعدها سينشر نعياً باسمه في صحيفة "الأهرام" على مساحة 3 أعمدة، ليكون ذلك هو الفصل الأخير في العلاقة بين الرجلين، التي امتدت لنحو ربع قرن، وسط ظروف ومواقف متباينة.

فيديو قد يعجبك: