إعلان

في حياة "سميرة" شَيخةُ الأمَّهاتِ المثاليات: "سرطانٌ وعجزٌ وحبٌ بكليةٍ واحدة"

06:50 م السبت 20 مارس 2021

سميرة حسن الأم المثالية في بورسعيد وزوجها

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

في عام 1980 تقدم الشاب محمود جوان، لخطبة سميرة حسن من والدها. علاقة محبة متبادلة سبقت ذلك الموعد، واستمرت بعد ذلك لنحو 41 عاما، وما تزال متوهجة متجددة. صعاب كثيرة مرت على الزوجين، الطفلة الأولى تعاني من متلازمة داون، والزوج أصيب في فقرات العمود الفقري، والزوجة مصابة بالسرطان. لكنه الحب جعلهما يتخطيان كافة الصعاب، حتى تم تكريم سميرة، ذات الـ69 عامًا اليوم كأم مثالية.

صباح اليوم كرمت وزارة التضامن الاجتماعي، 34 سيدة، اختارتهم الوزارة كأمهات مثاليات، لعام 2021، على مستوى جمهورية مصر العربية.

ومن بين 27 اسمًا، موزعًا على محافظات مصر، كانت سميرة المتزوجة الوحيدة بينهن، بينما كان أكثر الأخريات أرامل، ثم مطلقات. ورغم تكريمها كأم مثالية إلا أن الزوجة تدين بالفضل للعلاقة الطيبة التي خلقها زوجها وأشاعها بين أفراد الأسرة، وترى أن تكريمها تكريم له أيضا، فيما يدين هو له بكل شيء: «كان دايما يراضيني وواقف في ضهري» تحكي سميرة عن زوجها.

صورة 1

حياة سميرة مليئة بالصعاب والتحديات، كانت أول طفلة تلدها سميرة، ابنتها شاهندة، التي تعاني من متلازمة داون، فقررت الأم التي تعمل موظفة بالبريد المصري، أن تكرس حياتها لأجل تلك الطفلة، وكانت تسافر بها كثيرًا من محافظة بورسعيد إلى القاهرة، لدروس التخاطب، وجلسات العلاج، والتعلم كذلك، وكان الزوج الذي يعمل بالتعليم الأزهري، يساعدها في أمورها كلها. وحينها أنجبت الأم طفلتها الثانية التي أسمتها شيرويت، ثم الابن الثالث محمد. وكان الأب والأم يحرصان على تعليم أولادهم، ومنحهم الثقة الكافية لمواجهة شؤون الحياة.

عام 1995 تعرض الزوج لحادث سير أرق الأسرة وآلمها، ودفع الزوجة للتخبط. شريك حياتها مصاب في عموده الفقري، ولا يقوى على الحركة، وليس معها أحد يعينها، وبين يديها ثلاثة أطفال، لا يملكون من شؤونهم شيئا، وبين تفكير مستمر في رحلة العلاج، وتدبير شؤون المنزل، كانت سميرة تخفي عن زوجها ذلك القلق كله، وهو ما تراه ضروريا في مثل تلك اللحظات، وكان دافعًا لاستكمال حياتهما بأفضل شكل ممكن: «ظروف الحياة لوحدها تقيلة، فليه أشيله هم فوق همه» تحكي الأم المثالية، التي كانت تتحرك وحدها لمعالجة الزوج، وتسافر به إلى كل مكان لملاقاة الأطباء، وكانت خلال فترة مرضه تعينه على كل أموره، حتى صار بإمكانه الحركة من جديد بواسطة عكاز طبي.

أفراد الأسرة يكبرون. الأم والأب يحاولون قدر الإمكان دفع أبنائهم لاستكمال التعليم، وتطوير أنفسهم للحصول على أفضل الدرجات. شيرويت تحصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة، ومحمد يحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة، ثم يتزوج وينجب أول حفيد للأسرة، أسماه يوسف، فكان فرحة للعائلة كلها، والطفل الأقرب لسميرة وزوجها محمود.

صورة 2

تمر الأيام وتتعرض الأم لأزمة صحية. تصاب بالسرطان وتستأصل الكلى، وفي تلك الفترة ورغم وجود بناتها حولها، إلا أن الزوج كان حاضرا، تعلم بنفسه كيف يغير على الجروح، كي لا تضطر إلى النزول، كما كان يداعبها بين الحين والآخر، بإعداد وجبات الطعام بنفسه، وتقديمها لها مع زهرة أو حلوى. يفاجئها بالهدايا في كل حين، ويغمرها بمحبة تقول هي عنها إنها أفضل ما في الوجود. علاقة كانت شيرويت شاهدة على كل تفاصيلها.

تحكي الابنة عن علاقة أبيها بأمها، فتعدد ما يقوم به من أجلها، خلال فترة مرضها وبعد ذلك، وكيف كان ذلك يجعل الأوقات الصعبة سهلة: «بابا وماما بينهم علاقة حب فظيعة، احترام وحب متبادل، حكت لنا إنها زمان اتعرض عليها عرسان كتير عشان كانت من أسرة مرموقة لكنها حبت بابا وقررت إنها مش هتتجوز غير ده» تحكي شيريوت، التي تعلمت من والدها ووالدتها الكثير من الأمور، لكن أهمها وفقا لها، كيف يكون الحب: «بابا رومانسي من الطراز الأول، يتعلم أكل جديد ويعمله ليها، يوضيها بنفسه لما تتعب ويصلي بيها، ورغم إني في البيت مثلا، لكنه مبيحبش حد يعمل ده غيره معاها، وبيحبها كما لو كانوا لسة متجوزين».

تعود الأم المثالية للحديث عن زوجها من جديد، وتحكي عن العلاقة بينهما، ودستور التعامل الذي وضعاه لنفسيهما بلا اتفاق: «عمري ما أشد معاه، ولو هو متضايق أرخي الأمور، وعمري ما أشتكي، وطالما في حب وتفاهم، فكل حاجة مقدور عليها، ومشيلوش همها» أسلوب في التعامل كان له مردوده من الزوج، الذي يرى في زوجته أعظم الصفات وأنبلها، فتحكي عنه سميرة، وتقول إنه لم يغضبها قط: «عمره ما زعلني، ولو أنا اتعصبت غصب عني يفوتلي، ومبيحطش في دماغه ويشيل لي مواقف وحشة».

نسب الطلاق المرتفعة، أمر يضايق سميرة. في رأيها أن العلاقة الزوجية لتستمر، يجب أن تكون مبنية على الحب في المقام الأول والأخير، وأن يكون الطرفان على قدر كبير من المسؤولية، وبالتالي فإن أي معوقات سيتخطيانها بكل سهولة: «بنات وولاد الجيل الجديد ده بيصعبوا علي، وبزعل عليهم ومنهم، الظروف صعبة لكن الحب قادر يخطيها».

استقبل الزوج خبر تكريم زوجته بفرحة بالغة، زوجته التي اختراها شريكة لحياته، اختبرت أما مثالية، وهو ما تستحقه وفقا لها: «لو مكنتش بحبها وبتحبني مكناش كملنا ولا قدرنا نكمل، شالتني في عز تعبي، ربنا نجاني من الموت ونجاني بعد كده بيها». وفي كل عام كان يشتري لها هدية في عيد الأم، كما يفعل الأبناء الأمر نفسه، وفي هذا العام كان قراره أن تختار ابنته شيرويت هدية لها: «وبقولها، كل سنة وانتي أفضل أم، ويا رب يبارك في عمرك، وتفضلي جنبي لغاية بر الأمان».

تكريم الأمهات المثاليات شمل الأولى على كل محافظة مصرية، ثم أمهات بديلة عن الأم الأولى وأخرى للمؤسسات، وأم من ذوي الهمم، وأخرى أم لابن من ذوي الهمم، وأم حاصلة على مشروع تمكين اقتصادي، وأم مثالية لشهيد بالقوات المسلحة وأخرى للشرطة، وبعضهن متزوجات. وكرمتهم وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة نيفين القباج، كما سيكرمهن رئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي في الغد، وهو ما تنتظره سميرة: «التكريم هيكون لي، لكنه في الحقيقة لوالدي اللي أصر على تعليمي في وقت مكنش فيه البنات بتتعلم ولا تشتغل، ولزوجي اللي كان في ضهري، ولأولادي».

صورة 3

وكان من شروط اختيار الأم المثالية لعام 2021، ألا يقل سن الأم عن 50 عامًا، والإلمام بالقراءة والكتابة على الأقل، ولا يزيد عدد الأبناء عن ثلاثة، باستثناء المحافظات الحدودية، والتأكيد على معيار عطاء الأم وإعلاء القيم الإنسانية والأسرية، وقدرة الأم على مواجهة التحديات والحفاظ على كيان الأسرة.​

اقرأ أيضا : "ست الكل تاج الرأس".. حكايات الأمهات المثاليات 2021 - (تغطية خاصة)

فيديو قد يعجبك: