إعلان

تذكار على وجع بيروت.. لبنانية احتفظت بنقود أبيها ممزوجة بدماء الانفجار

02:31 م الأربعاء 02 سبتمبر 2020

من آثار انفجار بيروت

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

كلما تتذكر فادية جورج المشهد ينخلع قلبها فزعًا؛ شهرين مرا لكن أثر انفجار بيروت لايزال باقي معها، تراه أينما ذهبت، في الخراب الذي حّل على مدينتها، صالون التجميل الذي تعمل به، البناية التي تسكنها وقد انهارت كليًا، عروج أقدام ابنتها بسبب الشظايا، وتعافي والدها من الإصابة، لكن ثمة تذكار اختارت بنفسها أن يبقى معها، إذ احتفظت بنقود والدها الممزوجة بدمائه حين وقع الانفجار ليكون "تذكار على مشهد صار".

كاميرات صالون التجميل التي تعمل به فادية سجلت لحظات ما جرى، غير أن السيدة اللبنانية تتذكره دون العودة لها. حيث تقطن في منزل قريب من مرفأ بيروت، كان يوم عملًا عاديًا، تجوب أرجاء صالون التجميل لتصفيف شعر المترددات عليه، غير أن صوت أزيز قوي قطع كل ذلك "كأنه صوت طيران حرب، خرجت أنا ورفيقي في العمل نستطلع"، لم يتعدَ المشهد ثواني حتى حدث الانفجار المدوي "جرينا باتجاه الصالون مُجددًا لكن الباب اتسكر بطريقة قوية وانجرحنا بسبب الزجاج المتطاير من كل مكان".

لم ينشغل عقل فادية وقتها سوى بابنتها التي ظنت أنها حبيسة داخل صالون التجميل "خمس دقائق فتشت عنها لحتى لقيتها في شارع مجاور ومصابة في أياديها وأقدامها"، ما إن اطمأنت على وجودها اتكأت على جروحها بحثًا عن والدها صاحب التسعة وسبعين عامًا والذي يعمل سائق تاكسي "ودائمًا ما يجوب المنطقة التي صار فيها الانفجار".

كان السيد جورج بداخل سيارة الأجرة، يجوب بحثًا عن زبون جديد حتى حدث الانفجار أول صوت سمعه ترك سيارته وركض هربًا لكن وقع بعدها الانفجار وتساقطت عليه زجاج بناية كاملة ولأنه ضعيف اتأذى كثيرًا"، وصلت بأعجوبة فادية لوالدها بينما مُلقى على الطريق مُصابًا في رأسه وأماكن متفرقة من جسده، اصطحبته في رحلة مُضنية بحثًا عن مستشفى تُسعفه "في الطريق طلع لي أوراقه الثبوتية من جيوبه وكان معهم 18 ألف ليرة لبناني "حسيت وقتها بالقهرة، كانت المصاري (النقود) كلها دماء، ذكرتني بكل الوجع اللبناني، الإنسان هنا لا له حقوق ولا حياته تساوي شيئًا".

في كل مرة ينزل والد فادية إلى عربته للعمل تشعر بغُصة "هنا في لبنان مجبور الإنسان إنه يشتغل حتى لو صار 100 سنة لحتى يكفي حياته، لأن ما في معاش تقاعدي أو حقوق لكبار السن في العمل". تتذكر الشابة والدها الذي شارف على الثمانين عامًا بينما لايزال يكافح "مع كل الظروف القاسية اللي مرقت على لبنان عمره ما استغل الأوضاع ولا فكر يطعمينا لقمة حرام، زلمة في عمره شاف أهوال وحروب وفي ظل انتشار وباء عالمي، المفروض يكون في بيته مُعزز والدولة هي اللي عم تصرف عليه".

حاولت فادية خلال الشهرين الماضيين ترميم ما فعله الانفجار، لم يعد منزلها وأسرتها صالحًا للسكن، بحثوا عن مكان مؤقت لاستئجاره بينما تتابع استشفاء والدها من جروحها "تقريبًا تعافى لكن صحته لم تعد كما كانت، لأنه وصل المستشفى ودمه كان مصفى"، افتتحت صالون التجميل مُجددًا لاستقبال زبائنها "لأن الظروف المادية صعبة كتير في الوضع الحالي"، بين كل تلك الترتيبات تُعيد النظر على نقود والدها "بتلخص كل المعاناة اللي بيعيشها اللبنانيين، من قهر على كل المستويات"، في كل مرة تتفقدها تتجدد الأمنية بداخلها "إنه الله يجيب لنا حقنا".

فيديو قد يعجبك: