إعلان

نور الحياة.. حكاية أم في دُنيا المكفوفين (قصة مصورة)

11:37 م السبت 21 مارس 2020

حكاية أم في دنيا المكفوفين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتابة وتصوير- شروق غنيم:

قبل 13 عامًا جاء محمود إلى الحياة، لاتزال تتذكر والدته تلك اللحظة، أدخل البهجة على حياتها كونه ابنها البِكر، انغلقت عيناه عن رؤية الأشياء لكنه يُبصر حبها مع كل خطوة، بعد 6 أعوام حّل شقيقه الأصغر إلى الدُنيا زياد يتلمّس خطاه بعدما كّف بصره، فيما كانت تمنحهم الأم محبة غير مشروطة، دعم باستمرار، فكانوا لها نور الحياة.

يوميًا تصطحبهم الأم إلى مدرسة للمكفوفين، ثم إلى دار نور البصيرة التي تضم أنشطة مختلفة لهم فيما تسعد حينما يستعدان للانطلاق في مغامرة جديدة "المكفوفين ليهم حق برضو يتفسحوا"، وفي فبراير الماضي كان الموعد لزيارة محمية وادي دجلة.

في الصباح الباكر توقظ الأم الابناء للاستعداد لوجهتهم الجديدة، تفتح نافذة الغُرفة فتضئ تدريجيًا مع أول آشعة من الشمس الساطعة. يتملّك الحماس من الأم تجاه الرحلة، اعتادت على عدم الذهاب مع أبنائها الاثنين سوى في رحلات المصيف، غير ذلك تتركهم يذهبون بمفردهم فيما تضع كل ثقتها في رجاحة عقل ابنها الأكبر محمود "وكمان الجمعية بتهتم بيهم وبياخدوا بالهم من الولاد كلهم".

1

2

3

تنهمك الأم في تجهيز سُترات جلدية في حال انقلبت الأجواء وصارت أكثر برودة، ترافق صغيريها في كل خطوة، بحنو يستند محمود على كتفها بينما تساعده في ارتداء ملابسه، تُمرر وقت الاستعداد في منحهم وصايا "خلوا بالكوا على بعض"، فيما تحثهم على الاستمتاع قدر الإمكان "عشان الرحلات مبتحصلش كتير"، فيما تخبر زياد بالتحلي بالصبر والهدوء "بطل تتحرك عشان أعرف أسرحلك شعرك".

ينتظر الصغيران موعد النزول من المنزل للتوجه إلى مقر جمعية نور البصيرة الذي يبعد قرابة ربع ساعة عن منزلهما، يتأملان الحركة من الخارج، يطير في حرية الحمام المتواجد على أعتاب نافذتهم الصغيرة "أي حد بيجبلنا بيحب يتفرج على الحمام، أنا سامعه بيطير دلوقتي"، يقول الصغير زياد، تُكمل الأم مهامها، تُعد زاد الرحلة زجاجة مياه وبعض الحلوى والمأكولات الخفيفة فيما ينشغل محمود وزياد باللعب مع شقيقتهم الأصغر نور.

11

12

13

يقول الصغير زياد في انطلاقة "أي رحلات بتبقى حلوة"، تعبتر تلك ثاني رحلة له فيما كان النصيب الأكبر لشقيقه محمود "روحت المتحف المصري والأهرامات والملاهي"، رافقه زياد مرة واحدة، لا يعلم الشقيقان تفاصيل كثيرة عن مغامرتهم الجديدة "عايزين نتفاجئ لما نروح ونكتشف حاجات جديدة".

14

15

16

"يالا بينا بقى"، يقول زياد بينما يقابل الثنائي شريكهما في الرحلة ضمن 40 طفل آخر. فيما تنتظر الأمهات وسيلة مواصلات لتقل الصغار إلى مقر الجمعية.

تُحصي غادة، المسئولة عن دار نور البصيرة عدد الأطفال، يُشغل الشقيقان وقتهما بلقاء أصدقائهم، فيما تتابع الأم تدفق الصغار إلى مبنى الجمعية استعدادًا للرحلة.

23

24

25

في صفوف يتجمع الأطفال، على بعد أمتار تنتظرهم الحافلة وكذلك ريهام أبو بكر، منظمة الرحلة، والتي سبق وأن أعّدت رحلة للمكفوفات إلى المكان ذاته، وبرفقتها مجموعة من المتطوعين المرافقين للأطفال خلال مغامرتهم الجديدة، في انتظار محمود وزياد أصدقاء جدد، يتلاقى محمود وريم، فيما كان من نصيب زياد المتطوع محمد عابدين.

لا تغيب سيرة الأم مع كل مرحلة جديدة من المغامرة، داخل الحافلة يُنادي محمود على شقيقه زياد الذي أصر بطريقته الطفولية على حمل حقيبة الرحلة، يطلب منه شيئًا يأكله، ثم خلال ساعة يتعرف الشقيقان على رفاق جدد.

31

32

33

34في العاشرة ونصف صباحًا يصل الأطفال أخيرًا إلى وجتهم، تتعالى الدهشة على الوجوه في انتظار التعرف على مكان المغامرة الجديد، بعض الأطفال لم يتسنَ له فرصة اختبار تجربة الرحلة، مثلما تقول غادة مُشرفة دار نور البصيرة، يتقافز زياد سعادة، مرة واحدة رافق شقيقه الأكبر في رحلة إلى القلعة، لا زال يتذكر محمود المسئولية التي وقعت عليه ومناكشتهم لبعضهم دومًا "القط بيحب خناقه"، يُصبح كل واحد منهم في ذمة متطوع "كدة أحسن عشان أعرف استمتع".

داخل المكان تحكي ريهام أبو بكر، منظمة الرحلة عن المكان "تعرفوا يعني إيه محمية؟" يرفع الأطفال أياديهم لقول الإجابة، يقول كل منهم ما بداخله بطريقة عفوية فيما ترد ريهام بتبسيط الأمور "المحمية مكان الدولة قررت تقفله على حاجة نادرة عشا تحميها.. سواء صخور أو نباتات أو حيوانات أو حاجات تحت المياه".

40

41

لا تحتاج إلى السفر بعيدًا من أجل التعرف على حال محمية طبيعية، تقول أبو بكر "عندنا المحمية هنا في القاهرة وقريبة"، تخبرهم عن المغامرة التي في انتظارهم "هنتعرف على صخور ونباتات.. بس أول قاعدة لازم نعرفها مينفعش تلمس أي نبات لوحدك لو متعرفش معلومة عنه، ممكن يبقى سام أو يشوّك"، تحثهم على القراءة قبيل أي مغامرة جديدة للإلمام بتفاصيلها، ثم تخبرهم "النبات اللي قدامكم مش سام تعالوا نلمسه ونتعرف عليه سوا".

42

43

أعدّت منظمة الرحلة برنامجًا يضم أنشطة مختلفة، منها التعرف على أنواع الصخور باللمس. يستكشف الشقيقان الأمر "هي الصخرة دي ليه كبيرة أوي كدة"، يسأل زياد بينما يُجيبه المتطوع بأنها يلمس الآن جبل "ياه طيب مينفعش نطلع الجبل ده؟

44

45

46

في برنامج الرحلة التي تعتمد على المشي الجبلي، أرادت أبو بكر أن يختبر الأطفال شعور الصعود إلى هُضيبة صغيرة. أمسك كل متطوع بأيدي الصغير جيدًا، ثم بدأت المهمة، إلى نقطة عالية قليلة صعد الأطفال، تحتضنهم السماء الصافية، وقف زياد يلتقط أنفاسه قليلًا ثم أكمل مهمته وما إن صعد لم يكد يصدق أنه حقق واحد من أحلامه "أنا دلوقتي فوق جبل".

لم تكن مفاجآت ريهام قد انتهت بعد، حضرت للصغار "هنعمل سفاري بسيط هنا في المكان، مين يحب يروح؟". امتلأت عربات رباعية الدفع بعدد من الصغار، للتجول داخل المحمية لمعرفة كيف تمشي العربات على منحنيات صخرية "حاسس إني راكب مرجيحة" يقولها زياد ثم ينفجر باقي الرفاق ضحكًا.

52

53

54

شارفت الرحلة على الانتهاء، خرج الأطفال بمغامرة جديدة، كذلك نال المتطوعين جانبًا "عاوزة أعرف إزاي بيحس الحياة"، تحكي ريم سعيد التي لازمت محمود طوال مدة الرحلة، تجيبه عن أي سؤال، تراعي خطواته حتى لا تتعثر "وكنت حابة إني أنقله أنا كمان إحساسي باللي حواليا". تطلب ريهام التقاط صورة جماعية تذكار للمغامرة الجديدة، فتصبح أول صورة توثق رحلة للشقيقان تقول والدتهم "ملهمش صور في أي رحلة راحوها قبل كدة".

55

56

57

في العودة كان الصغار متعبين قليلًا، ينتظرون بلهفة العودة للمنزل إلى الراحة، بينما طُبعت تجربة جديدة في وجدانهما، فيما يحاول محمود وزياد الاحتفاظ ببعض الطاقة قبل مقابلة والدتهما، التي اعتادت أن تتنظر حكايات عن كل تجربة جديدة لهما، ينقلها الصغار بقصصهم إلى العالم الذي ذهبوا إليه، تشعر بأنها رافقتهم في الرحلة رغم أنها كانت في المنزل "لما يتبسطوا أنا كمان ببقى سعيدة وكإني كنت معاهم" فيما تنتظر المغامرة القادمة.

Chrouq Ghonim-116

Chrouq Ghonim-118

Chrouq Ghonim-119

فيديو قد يعجبك: