إعلان

عاشق لمصر.. فرنسي ثمانيني يوثق الحكايات والصور النادرة للمحروسة

07:45 م الجمعة 21 فبراير 2020

مارك شارتييه، فرنسي عاشق لمصر وتاريخها

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

حين استقل الفرنسي "مارك شارتييه" الطائرة إلى مصر في 1970، لدراسة الأدب المصري المعاصر، كانت القاهرة تموج بالأحداث، صدمة لوفاة الرئيس جمال عبدالناصر، نائبه "السادات" يتولى الحُكم، الحَرب مع إسرائيل على الأبواب، الدكتور محمد فوزي، رئيس الوزراء حينها، يُعلن خطة للتنمية أمام مجلس النواب، ودخول الكهرباء إلى الريف، شركة اسطوانات القاهرة تُقدم أغنية "خليه يتجوز يا بهية" بصوت ليلى نظمي، صدور فيلم "السراب" لـ "ماجدة" ونور الشريف.

لم يظن وسط هذا الصخب أنه سيُصبح عاشقا للقاهرة، يقيم فيها ويزورها عدة مرات، وتُصبح شاغله بعد سن المعاش، يجمع أخبارها وحكاياتها وصورها النادرة في صفحة موجهة لأبناء بلاده لتمرير مزيدا من المعلومات عن تلك البلد التي منحته السعادة خلال سنوات إقامته فيها "دشنت الصفحة لتوجيه القراء إلى عالم وأحداث مصر، كواجب امتنان لهذا البلد الذي رحب بي بحرارة" يقولها الرجل الثمانيني من فرنسا في حواره مع مصراوي.

1 خبر عن وفاة الرئيس جمال عبدالناصر في جريدة الأهرام

2 خطاب الدكتور محمد فوزي رئيس الحكومة في عصر السادات

مشدوها بالتفاصيل قضى "مارك" في مصر 3 سنوات خلال فترة السبعينيات، تعلم خلالهم اللغة العربية، قرأ بنهم عن ماضي المحروسة، غرق في بحور تاريخها وحضارتها "كان لدي اهتمام كبير بكل شيء خاصة الأهرامات" تعلق قَلبه بالمكان والناس والحكايات، فعاد من جديدة في عام 1975، مضى بعض الوقت، ثم احتفظ بمصر داخله عند رجوعه إلى بلاده في فرنسا، يتهافت ما ينُشر عنها في الصحف ويُنقب عليها في الكُتب المختلفة، وينهل من الأدباء المعاصرين مثل "يوسف إدريس ويحيى حقي ويوسف الشاروني، مصطفى محمود" ينهمك بالساعات من أجل ترجمة أشهر أعمالهم ونقلها في مدونة خاصة دشنها على الإنترنت. بدا للجميع من حوله في فرنسا إعجابه الشديد بالحياة في مصر وما تعرف عليها خلال الفترة التي قضاها هناك.

3 مقال عن الروائي يوسف إدريس بالفرنسية

كان عقل "مارك" منشغلا بمصر في أوقات عديدة، كلما سنحت له الفرصة يسافر إليها في محاولة لاستعادة الأجواء التي أحبها في مصر "عدت إليها مرتين كسائح، خضت رحلة في صعيد مصر ورحلة على مركب في النيل، مرة ثالثة في مؤتمر عن الصحافة أقيم بفندق مينا هاوس" ظل لعقود طويلة يتابع بصورة يومية كل ما يدور في مصر من أحداث، وعند وصوله إلى سن المعاش راودته فكرة بتدشين صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي "لنقل أخبار مصر من الصحافة المحلية والعالمية، وتكريس مقالات عن تاريخ علم المصريات والاكتشافات الآثرية القديمة والحديثة".

4 صفحة أخبار مصر بالفرنسية

سريعًا انضم إلى الرجل الثمانيني، فريق صغير مكون من شخصين هما "فابيان" و"ماري" المسؤولين رفقته عن صفحة " Égypte-actualités"، كلا منهما متقاعد وسبق وأن زارا مصر عدة مرات، ويجمع بينهم مشاعرة واحدة "حبنا لهذا البلد-مصر- وشعبه وتاريخه" كان لابد من تنظيم العمل داخل الفريق، لذلك اختار كلا منهم دور مُحدد يهتم به ويعمل جاهدًا لإتمامه "فابيان يتابع على نطاق واسع الصحافة الدولية عن مصر الصادرة باللغة الفرنسية" يعمل على تنقيحها واختيار الأهم والأبرز قبل نشرها على الصفحة.

5

في الوقت نفسه تعكف "ماري" على البحث والتدقيق في المقالات الخاصة بعلم الآثار المصرية "وتعمل على إجراءا مقابلات مع شخصيات مصرية ودولية لديهم خبرة كبيرة في معرفة مصر القديمة" على أن تكون كافة المعلومات مدعمة بالمصادر المؤكدة وأيضًا الصور الخاصة بتلك المناطقة الآثرية لإثراء المحتوى أمام جمهور الصفحة، بينما يهتم "مارك" يوميًا ودون كل أو ملل بالأخبار والحكايات والصور النادرة من الصحافة المصرية والعالمية الصادر باللغة العربية والانجليزية، فيما يُشبه خلية نحل تعمل على مدار 24 ساعة فقط حبًا في مصر.

6

منذ تدشين الصفحة في فبراير 2013، نَشر "مارك" وفريقه كم هائل من المعلومات والحكايات عن مصر، وهو ما يتطلب منهم جهد كبير بصورة يومية "يتم تحديثها دائمًا لذلك أمضينا في عملنا آلاف الساعات خلال 7 سنوات" يحرصون دائمًا على ذكر المصادر التي نقلوا عنها أي شيء متعلق بالقاهرة "وللسماح أيضًا لمتابعي الصفحة بالوصول مباشرة إلى المصادر التي نذكرها" فضلًا عن التأكيد على الحقوق الأدبية لأصحاب الصور التي تُنشر على الصفحة "سواء كانت صور التقطها أعضاء الفريق، أو صور قديمة متاحة للمجال العام وخالية من الحقوق" أو صور أخرى لمصورين مختلفين "خاصة المصريين، نعيد نشرها بعد الحصول على موافقتهم".

7معبد فيلة- تصوير بواسطة إميل بروغ

على مدار 7 سنوات تزايد عدد متابعين الصفحة من الفرنسيين والأجانب حتى وصل إلى نحو 33 ألف شخص، يتابعون باهتمام بالغ كل ما يُنشر عليها، ويتفاعلون على التدوينات المختلفة سواء بالنقاش أو إبداء سعادتهم بالمجهود المبذول من قِبل الفريق القائم عليها "نرحب دائمًا بكافة التعليقات ونسعد بها" لكن مارك وفريقه يرفضون التعليقات التي تنتهك أحيانًا احترام الأشخاص وحرية الرأي "لأن المنشورات على الصفحة لا تعرض وجهة نظرنا أو تحليلنا الشخصي عن أخبار مصر، لكنها فقط معلومات مؤكدة من مصادرها" لذلك تُستبعد الأخبار أو التفاصيل من المؤسسات أو وسائل الإعلام "المنحازة" وفق وصف الرجل الثمانيني.

8الفرنسي مارك شارتييه

لا يكتفي "مارك" بهذا المجهود تعبيرًا عن حنينه إلى مصر، يرغب بأن يزورها في وقت قريب، لكنه يرى أن تلك الخطوة باتت صعبة "لأسباب شخصية وعائلية من الصعوبة الشروع في رحلة سفر بعيدة" غير أنه يعوض هذا الاشتياق عبر الإنترنت من خلال ما يقدمه على الصفحة التي دشنها، والبحث عن ما يكتبه المصريين عن بلادهم " أتمنى أن يستمرونا في إعطائنا صورة حقيقية ومخلصة لتاريخهم الرائع وثقافتهم الرائعة، لأنهم يساعدوننا على فهم أفضل لتاريخ وحضارة مصر".

فيديو قد يعجبك: