إعلان

"رمسيس راح فين؟".. كيف حكم "الفرعون" حياة مخرج فيلم تسجيلي؟

03:16 م الخميس 12 نوفمبر 2020

كتب- محمد زكريا:

"رمسيس راح فين؟".. إن كان سؤالًا عن التمثال، فهو يستقر الآن في بهو ضخم، بداخل المتحف المصري الكبير، "فُرجة" لكل زائر وحائر عن مصيره، لكن في فيلم تسجيلي يحمل هذا الاسم، لم يكن صانعه بباحث عن إجابة مباشرة، أراد مخرج العمل أن يغوص في الذكريات، الحاضر والتاريخ معًا، ينتقل بين العام والخاص، الميدان والمنزل، سلطة الأب والدولة.. يوميات لعمرو بيومي بدا أن الملك الفرعوني يُسيرها.

صورة 1

يبدأ بيومي فيلمه بحكي شخصي عن النشأة، الشباب، الحرية، عن العلاقة بينه ووالده "كنت شايف إن تحكم أبويا فيا هو انتهاك للآدمية" قال ذلك نصًا في الفيلم، لينتقل من ذاك الخاص إلى العام، من سلطة الأب الذي سيطر على قراراته المصيرية، إلى السلطة السياسية التي كان لها القرار الأوحد في تحديد مصير التمثال، دون أن يكون لمحبيه وجيرانه ومرتادي الميدان العتيق من أمرهم أو أمره شيئًا.

تم اكتشاف تمثال رمسيس الثاني عام 1820، ويبلغ عمره 3200 عام بطول 11 مترًا ووزن 80 طنًا، في منطقة ميت رهينة التابعة لمدينة البدرشين بالجيزة، على يد المستكشف الإيطالي "جيوفاني باتيستا كافيليا"، قبل أن يأمر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مارس عام 1955 بإعادة تموضع التمثال في ميدان باب الحديد في القاهرة، والذي سمي فيما بعد على اسمه؛ "ميدان رمسيس"، ومن وجهة نظر صانع الفيلم: "كان هذا إيذانًا بعصر جديد امتلك ناصيته الضباط الأحرار".

صورة 2

منذ كان طفلًا، ارتبط بيومي بتمثال رمسيس، وهو الذي يسكن على مقربة منه، في حي السكاكيني، بدا له تمثال رمسيس شرفة على العالم، لم يتصور أن يخلو الميدان من ملكه يومًا، لكن هذا ما حدث في العام 2006، وكان له كبير الأثر على نفس صانع العمل، اتفق مع صديقه المصور مجدي يوسف على توثيق تلك اللحظة المصيرية، وأعدوا لها جيدًا، يقول لمصراوي: "تواصلت وقتها مع المقاولون العرب، وعرفت خط سير التمثال، ورتبت الأماكن اللي هصور منها، وفضلت ماشي وراه، من التحرير أصور من بلكونة صديق، ومن القصر العيني أصور من مجلة روزاليوسف.. الحدث ورصده وتسجيله كان هو الهدف الأساسي وقتها".

لماذا نُقل رمسيس؟ في الفيلم التسجيلي، يرجع الدكتور عماد أبوغازي، وزير الثقافة المصري السابق السبب إلى الحفاظ عليه من التلوث واهتزازات المترو من أسفله، أما المهندس أحمد حسين، المشرف على عملية النقل، أرجعه إلى قرار من السلطة المباشرة في حينها، والتي لم يُرضها- حسب كلام حسين- أن تكون محطة مترو مبارك بالأسفل بينما يقف تمثال رمسيس بالأعلى شامخًا.

في العام 2015، بدأ بيومي العمل فعليًا على صناعة فيلم تسجيلي، واختار له تلك التيمة التي يتنقل فيها بين الخاص والعام، وفي نظره هي ما تُكسب عمله قيمة في عيون مشاهديه، يقول: "فكرت أن الفيلم مياخدش الشكل التقليدي بتاع الأفلام التسجيلية، رغم أهمية ده في حدث بقيمة نقل تمثال رمسيس، لكن ارتأيت أن التعليق على الحدث يبقى موضوعي مش ذاتي، أصل أنا مين بالنسبة للمشاهد؟ أيه محل الاهتمام بالنسبة للمشاهد؟ فاخترت سلطة الأب مدخل لاستعراض تاريخ تعامل السلطة مع التمثال"، لكن لم يخل فيلمه من نوستالجيا: "اهتميت بحكي ذكرياتي الأولى مع التمثال.. وألهمني إعلان قديم كان عالق في ذهني من الطفولة وفيه رمسيس بيروح يشتري آيس كريم ومبيرجعش عنوان الفيلم التسجيلي".

استقر تمثال رمسيس في موقعه الجديد، بالمتحف المصري الكبير، على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى.

صورة 3

بينما يسعد بيومي بنجاح فيلمه في تلك الأيام، لاقى الفيلم التسجيلي إشادة كبيرة من المشاهدين، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وحصل على جائزة أفضل فيلم ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة بمهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة في دورته الـ21، ووصل صداه إلى خارج مصر: "جامعة في البرازيل تواصلت معايا وعايزين يناقشوا الفيلم في إطار أكاديمي لطلبة وأساتذة تاريخ"، ليكون مخرج العمل على موعد مع إعادة طرح السؤال بالخارج: "رمسيس راح فين؟".

فيديو قد يعجبك: