إعلان

كارت السفر المجاني.. مبادرة مساعدة مرضى الأورام "لا يعرفها أحد"

11:31 ص الخميس 14 فبراير 2019

المعهد القومي للأورام

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

أقل من 1% استخدموا الكارت الذكي.. و2.87% استخدموا الكارت اليدوي

كتب: أحمد شعبان

على الرصيف المقابل للمعهد القومي للأورام بشارع القصر العيني في القاهرة، وقف "مصطفى عيد"، ينتظر انتهاء نجله "علي" من جلسة العلاج الكيماوي.

اعتاد الرجل أن يأتي مع زوجته ونجله المصاب بورم الغدة الليمفاوية، من أسوان، في رحلة تتكرر بشكل دوري طيلة الشهور الماضية. يحمل الرجل هم هذه الزيارة المرهقة التي يكررها مرتين أسبوعيا، ليس فقط لاضطراره السفر في الليل ليكون أمام المعهد في الساعات الأولى من الصباح، لكن أيضا بسبب تكلفة الرحلة المرتفعة.

الآن تغير الأمر قليلا، بات يحمل هم الرحلة المرهقة فقط: "كنت بصرف حوالي 600 جنيه مواصلات في المرة الواحدة، يعني الأسبوع 1200 جنيه، لكن دلوقت كارت القطار الذكي فرق معايا جداً ووفّر كتير".

في الرابع من شهر فبراير الجاري، أعلنت هيئة السكة الحديد إطلاق "كروت ذكية"، تتيح لمريض الأورام ومرافق واحد له، استخدام القطار العادي أو القطار المكيّف "درجة ثانية"، بشكل مجاني.

الكارت الذكي جاء ليستبدل الكرت اليدوي الذي أطلقته الهيئة قبل سبع سنوات، وفق تصريحات محمود ماهر، رئيس الإدارة المركزية للتسويق والمبيعات بالهيئة.

1

في شهر مايو من العام الماضي، بدأت رحلة مصطفى، الذي يعمل مزارعاً بسيطاً بأسوان، لعلاج نجله. يستقل القطار المكيف "درجة ثانية" من أسوان إلى القاهرة مرتين أسبوعياً، "كنت بدفع في القطر أنا وزوجتي وابني 210 جنيهات واحنا جايين وزيهم واحنا راجعين، بالإضافة إلى تاكسي من محطة مصر إلى معهد الأورام يكلّفني ما بين 30 و50 جنيهاً في الذهاب ومثلها في العودة، يعني 600 جنيه بخلاف تكاليف الأكل والشرب لأن اليوم كله بيبقى سفر".

في إحدى المرات أثناء ذهابه إلى معهد الأورام يوليو الماضي، أخبره رجل أربعيني من المترددين على المعهد بكارت السفر المجاني، يقول مصطفى: في البداية افتركته بيهزر، لكن أكد لي أنه جد، فرحت مكتب الخدمة الاجتماعية بالمعهد القومي للأورام للاستعلام عن الأمر فأخبرني العاملون بالأوراق المطلوبة، "الأسبوع اللي بعده كان معايا صورة بطاقتي وشهادة الميلاد وصور شخصية لابني وعملت جواب بيان حالة وطلعت الكارت".

خفف ذلك كثيراً من العبء المالي الملقى على الرجل. لم يعد يلقي بالا بحجز تذاكر القطار كما اعتاد "في المحطة في شباك بروح له بالكارت بيديني تذاكر على طول حتى لو هسافر في نفس اليوم، الكارت حاجة كويسة، خلاني أشيل همّ الأكل والشرب بس".

رغم مرور 7 سنوات على إطلاق هيئة السكة الحديد مبادرة الركوب المجاني لمرضى الأورام، إلا أن2.87 % فقط منهم استخدموا الكارت اليدوي والذكي حتى الآن.

قدرت منظمة الصحة العالمية مرضي الأورام السرطانية في مصر في عام 2012 بـ 108.661 ألف مريض، تعالج هيئة التأمين الصحي 85 ألف مريض منهم ووفقا الدكتور أبو بكر مكاوي، رئيس الادارة المركزية للشئون الطبية بالهيئة، حيث تترواح تكلفة علاج المريض الواحد بالتامين الصحي بين 25 إلى 35 ألف جنيه. ووفق ما يقول محمود ماهر، رئيس الإدارة المركزية للتسويق والمبيعات بالهيئة القومية للسكك الحديد، فإن 3 آلاف مريض استخرجوا كروت السفر اليدوية المجانية، و120 مريضا فقط استخرجوا الكروت الذكية الجديدة.

مبادرة لا يعرفها أحد

وفق مصطفى، يوفر كارت القطار المجاني له ما يقرب من 700 جنيه أسبوعيا أي أكثر من 60% من تكلفة تنقله لمعهد الأورام، فلماذا لا يستخدمه أغلب مرضى الأورام.

التحدث مع المرضى وأقاربهم المنتظرين أمام المعهد القومي للأورام، كشف السبب.

باستغراب شديد، قابل "نصر الدين محمد" -الذي افترش الرصيف ليستريح من رحلة سفره المرهقة قادما رفقه ابن عمه المريض "ثروت" من محافظة قنا-، حديثنا عن كارت السفر المجاني، قائلا: "ده بجد؟.. إحنا بندفع حوالي 300 جنيه كل مرة نسافر فيها، معرفش حاجة عن الكارت، بس ما دام هيوّفر هعمله على طول".

رحلة طويلة اعتاد عليها "نصر الدين" منذ إصابة "ثروت" بسرطان في الدم، قبل عدة شهور، إرهاق نفسي وعبء مادي أضحى ملازماً لهم، يأتيان عدة مرات في الأسبوع لتلقي العلاج، بنصرف حوالي ألف جنيه كل أسبوع"، يقول نصر الدين، لذا استأجرا شقة في أحد مناطق الجيزة، توفيراً لما يتكبدانه في السفر، غير أنه في النهاية "القعدة هنا مكلّفة السفر بالنسبالنا مجاني هيكون أحسن".

2

"باجي من سوهاج ومعنديش أي فكرة عن الموضوع"، خرجت الجملة من فم "محمد عبد الباسط"، الذي يأتي رفقة والده المريض و5 من أشقائه "بندفع 120 جنيها للنَفَر".

لم يحبّذ "محمد" السفر بالقطار "حالة والدتي تعبانة والقطر بيكون صعب"، تقلهم سيارة خاصة من سوهاج حتى معهد الأورام، غير أنه ما إن علم بإمكانية ركوب القطار المكيف "درجة ثانية"، أبدى إعجابه بالأمر، عازماً على استخراج الكارت الذكي.

3

"محمد طه"، الآتي من الفيوم، كان له تبريرا آخرا لعدم استخراج كارت السفر المجاني، "من ساعة ما تصابت والدتي بالسرطان قبل سنة، بنأجّر أنا وأخواتي عربية خاصة أو نيجي مواصلات من مركز طامية لأن محطة القطر بعيدة عننا، والمنيب أقرب لنا، وبندفع في المشوار 500 جنيه".

وتعليقا على عدم معرفة أغلب المرضى بالكارت، قال محمود ماهر، رئيس الإدارة المركزية للتسويق والمبيعات بهيئة السكك الحديد، "كل الناس اللي بتسافر عندها علم بالموضوع ده، والمرضى بيبلغوا بعض بدليل إننا بنطلع أعداد كروت كبيرة".

وأكد أن هناك تواصل دائم بين الهيئة وبين المعاهد والمستشفيات الخاصة بعلاج الأورام من أجل التعريف بالخدمات التي تقدمها الهيئة للمرضى "فيه بعض المرضى ممكن يكون مقتدر أو بيجد مشقّة في السفر بالقطار فمش بيسأل عن الموضوع أصلاً، ومسألة إعلام المرضى يقوم بيها مكاتب الخدمات في المستشفيات".

فيما قال "محمد عبد العزيز"، مسئول بالخدمة الاجتماعية في المعهد القومي للأورام، والمسئول عن استخراج التقارير الطبية، للمرضى، الموجهة للسكك الحديد: "الموضوع مش جديد بقاله أكتر من 6 سنين، بس وزارة النقل طلعت بيان قريب بتغييره الكارت اليدوي إلى كارت ذكي، الموضوع تطوير مش أكتر من كده".

وأضاف: لما أعلن قبل سنوات عن الكارت المجاني لأول مرة "علقّنا لافتة عشان المرضى يعرفه" وهو ما تكرر في سبتمبر الماضي حين أعلنت شركة مترو الأنفاق عن اشتراكات مخفّضة لمرضى الأورام "علقنا إعلان لمدة 3 شهور لغاية ما كله عرف".

وأكد: "إحنا بنقدم خدمات كتير وبيتردد على المعهد أعداد كبيرة، فصعب إن كله يكون عارف بكل الخدمات، واللي بيجيلنا وبيظهر انه محتاج وسيلة مواصلات أو عنده مشكلة في السفر بنعمله علطول تصريح سفر مجاني".

قبل 4 سنوات، بدأ "خالد عيد" الرحلة الأسبوعية إلى معهد الأورام قادما من المنيا مع والده المريض، إلا أنه لا يعلم شيئاً عن كارت السفر المجاني. يقول: "في البداية كنا بنجيب عربية مخصوص لكن مع الوقت وزيادة السفر الموضوع بقى مرهق ومكلّف، فبقينا بنسافر بالقطار، والكمسري كان لازم يقطع تذكرة ليا ولوالدي، ومرات قليلة كان بيتسامح مع المريض".

يعتبر الشاب أن كارت السفر المجاني "حاجة كويسة جداَ، خاصة للذين يأتون مثله، حوالي 3 مرات في الأسبوع"، ويأمل في تخصيص مقاعد لمرضى الأورام في كل قطار، خاصة أن سفر مرضى الأورام يتكرر كثراً دون الالتزام بمواعيد محددة، وتطول رحلة علاجه. فيما قال محمود ماهر إنه ليس هناك مقاعد معينة للمرضى ولكن لهم الأولوية.

كارت الذكي

فيديو قد يعجبك: