إعلان

"صناعة محلية وتوزع مجانا".. "علماء مصر" توفر عصا بيضاء للمكفوفين (فيديو وصور)

11:46 ص السبت 12 أكتوبر 2019

العصا البيضاء المصرية التي صنعها برنامج ممكن التا

كتبت- إشراق أحمد:

"كيف نطوع العلم لتلبية احتياجات المجتمع؟". قبل أكثر من 7 سنوات تساءل مجموعة من شباب الباحثين الدارسين بالخارج، قبل أن يقرروا الإجابة بتأسيس جمعية أهلية عام 2012، اسموها مؤسسة علماء مصر، فيها يضعون علمهم لتقديم مشاريع وبرامج خدمية تسعى لتسهيل حياة شرائح عدة، من بينها كان "ممكن" لخدمة المكفوفين. عبر الهندسة والبحث العلمي و"كل عقل يفكر" لمس 40 شخصًا الحلم مع تنفيذ بكر أفكارهم؛ استطاعت المؤسسة بالتعاون مع طلاب قسم تصميم الصناعي بكلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان صناعة "عصا بيضاء" للكفيف بخامات مصرية خالصة، وجري توزيعها مجانا منذ أكثر من عام.

في عام 2014 بدأ البرنامج الخدمي "ممكن.. هندسة من أجل خدمة المكفوفين". نحو 3 مليون ونصف كفيف يعيشون في مصر وفقًا لآخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2017. إلى جانب الأرقام جاءت نتيجة مسح المؤسسة عن فئات ذوي الاحتياجات الخاصة المهمشة تميل إلى كفة المكفوفين "لقينا معظم الدعم بيكون لتعليمهم لغة برايل أو بالمساعدات المادية" كما يوضح المهندس مصطفى حجازي، مدير عمليات مؤسسة علماء مصر.

لم يكن في مصر عصا محلية. يعتمد فاقد البصر على العصي المستوردة من الخارج ذات تكلفة عالية تصل لـ200 دولار، لهذا لم يمتلكها الكثير كما يقول حجازي "العصا البيضا مش مجرد عصاية لكن ليها تصميم لكل حاجة يقدر الكفيف يستخدمها بيها عشان تسهل عليه حياته"، فكان التحدي في إنتاج الأداة بخامات مصرية وتكلفة في متناول الأيدي.

1

نحو عامين استغرقها فريق "ممكن" لأجل امتلاك عصا بمواصفات مصرية، وهدف الفريق إلى بناء جسر بين المهندسين والمكفوفين، انطلاقا من غاية مؤسسة علماء مصر للحث على البحث العلمي في مصر، لهذا جاء التعاون مع المهندس أسامة يوسف، أستاذ في قسم التصميم الصناعي، بكلية الفنون التطبيقية- جامعة حلوان لإجراء مسابقة للطلاب على أفضل تصميم للعصا يختاره المكفوفين، وكانت خطة الفريق أن يتلقى الطلبة الفائزين المساعدة لإنشاء شركة أو مصنع صغير لتصنيع العصا البيضاء، لكن لصعوبة ذلك؛ تطوع الأستاذ الجامعي في التصميم الصناعي مع الطلبة بالتعاون لتصنيع العصا كي تصل إلى أيدي المكفوفين ولا يقتصر الأمر على البحث العلمي.

"عملنا حملة تبرعات واشترينا بيها مواد خام كنا نديها للطلبة ومنهم نوديها لورش الخراطة المصرية" يقول مدير عمليات "ممكن" إنه مع نهاية عام 2017 وبداية العام التالي أصبح هناك عصا بيضا مصرية جاهزة لاستخدام، وبتكلفة لا تتجاوز مائة جنيها مصريًا، وبخاصية في مقبضها تتيح للكفيف التعرف على العملات، عبر جانب بارز من العصا يستطيع فاقد البصر تمييز أطوال العملات الورقية ومن ثم إدراك ما ينفق دون الحاجة لمساعدة.

2

1500 عصا أصبحت في يد مكفوفين إلى الآن، قامت المؤسسة بتوزيعها مجاناً في 18 محافظة كما يوضح حجازي، إلى جانب 3 دول خارج مصر "أمريكا، السودان وسوريا". لم يكن الأمر سهلا في البداية، تتواصل المؤسسة مع الجمعيات الخيرية في المحافظات، يبلغوهم بما لديهم من عدد العصي، ثم يتوجهون إلى المكان.

3

لا يقتصر المشروع على التوصيل "بندرب الناس من خلال محاضرات على استخدام العصا". أعضاء الفريق يتولون الشرح في محاضرات، لكن ذلك لم يخل من الصدمات "كان الأول في مقاومة من المكفوفين نفسهم إنهم يستخدموا العصاية. مكنوش مقتنعين إنها هتفرق في حياتهم"، لكن ككرة الثلج؛ تزايد الإقبال على التواصل بـ"ممكن" مع أول مجموعة تُدربت وحصلت على العصا.

مرحلة التصنيع كانت الأصعب في رحلة العصا المصرية، أن يجد الفريق الورش التي تنفذ المواصفات بدقة "اضطرينا نغير كذا ورشة لغاية ما استقرينا لأن بعد ما تتنتج نلاقي عيوب فيبقى في إهدار في الوقت والإمكانيات" يقول حجازي إنهم اضطروا للانتظار أحيانا حتى انتهاء الإنتاج أو لإعادة الصناعة بسبب وقوع خطأ.

رغم الصعوبات لكن ما لمسه الفريق من حاجة المحافظات لمزيد من العصي، يدفعهم لمواصلة العمل، موقنين في التكافل الاجتماعي "طلبة الجامعة ده بالنسبة لهم زي مشروع تخرج. العمل فيه بيفيدهم على كل المستويات خدمة الناس من ناحية وبيضاف كمان لدرجاتهم الدراسية" يوضح حجازي.

4

لا تقتصر مشاريع "ممكن" على العصي، يسعى الفريق لإيجاد جهة مصنعة بشكل أوسع تتبنى المنتج "شايفين أننا وصلنا الفكرة وحطينا الأساس في شئ كان ناقص"فيما يعكفون على سد خانات الاحتياج الأخرى، عبر مشاريع ثم إنتاجها وتنتظر الطرح.

يذكر حجازي ما اسموه بالصندوق الذكي، وهو عبارة عن بطاقة ذكية يصحبها الكفيف، تساعده في الحياة اليومية من تمييز الألوان على سبيل المثال، وأيضا إنتاج برنامج متحدث ألي (آلة نطق عربية) مفتوح المصدر لأجهزة الكمبيوتر يتيح قراءة المحتوى العربي.

القوة البشرية زاد "ممكن" وعلماء مصر كما يقول حجازي، يعتمدون عليها في كافة برامجهم الخدمية البالغ عددها نحو خمسة مشاريع، لمساعدة آلاف الشباب الباحثين أو الساعين لدخول المجال العلمي، وجميعها دون مقابل، لا يبتغون في ذلك سوى توعية المجتمع بأهمية العلم في توفير احتياجاتهم ومن ثم الوصول لأكبر قدر من المستفيدين.

فيديو قد يعجبك: