إعلان

الحزب الوطني.. يفيد بإيه الهدم وحق الشهداء ضايع؟

09:43 م الأربعاء 15 أبريل 2015

اهالى شهداء ثورة 25 يناير

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - دعاء الفولي:

بين ليلة وضحاها انقلب الوضع؛ صار مبنى الحزب الوطني مُباحًا للمنتقمين من فساد الذين امتلكوه، أحرق الغاضبون محتوياته الباهظة؛ أثاثه الشاهد على اجتماعات يديرها "كبراء" البلد، ما هم بـ"كبراء"، هواءه الملوث بكذبهم على الشعب أن "الخير على يد الحزب"، كلماتهم المبتذلة عن الديمقراطية، دون ورع عن نطق شيء لم تمسسه عقولهم أبدا. بعد الثورة أصبح الحزب وفساده من الماضي؛ أو هكذا ظن البعض، بين أحاديث عن تحويله لمتحف أو هدمه كانت الأخبار تدور، إلى أن قرر مجلس الوزراء صباح اليوم هدم الحزب الكائن بالتحرير، بعد أن تحول مظهره البائس لكتلة سوداء لا تلفت نظر أحد، فحتى أولئك الذين فقدوا أبناءهم في يناير 2011 لا يأبهون بوجوده من عدمه، لم تعد رمزية فساده تحرك شيئا في نفوسهم.

قدما والدة أحمد مصطفى صابر لا تقويان على حملها، منذ أن رحل ابنها الأكبر بينما لم يناهز عمره الخامسة عشر أمام قسم قصر القبة بثلاث رصاصات إحداها في القلب، وأصبح عليها أن تعالج جروح فقدانه بنفسها؛ مساعدته إياها في العمل، كلامه المعسول مناديا إياها بـ"نعناعة" وروحه الطليقة، في الوقت الحالي لا تخرج الوالدة كثيرا إلا لتشتري أو تبيع الملابس، تمر على مبنى الحزب في طريقها إلى وسط البلد لكنها لا تعرف عنه إلا أنه "اللي اتحرق ساعة الثورة"، أما تفاصيل مرتاديه فلم تعلمها وكذلك الابن "دة طفل في أولى ثانوي مكنش له في حاجة.. يوم جمعة الغضب كان أول يوم إجازة ليه وكان نازل يلعب مع صحابه".

لم تكن الوالدة يوما باحثة عمن قتلوا ابنها كباقي الأهالي "نصيبه كدة استعوضت ربنا فيه وهو اللي هيجبلي حقي"، كلما زاد ألم الأم التي ركبت شريحة بقدمها منذ عدة أشهر تذكرت الابن "كان بيساعدني في كل حاجة.. كنت أقول إنت فينك يا أحمد زمانك بقيت في ضهري"، تقطع الحزن بلسانها حين تعد سنين عمره الذي لم يكتمل "كان هيتم 18 إبريل دة 20 سنة"، ترعى أولادها الآخرين بدلا من الغرق ببحور السياسة التي لم يخوضها الابن، فكما مات بالصدفة الطائشة، قررت هي أن ترمي سبب الموت خلف ظهرها، لأنها تعلم بداخلها أن "الكلام مش هيعمل حاجة في البلد دي".

على عكسها كان حسني نبيل، الأخ الأكبر لعلي الذي استشهد برصاصة في الرقبة في جمعة الغضب، بشارع أحمد زكي في المعادي "كان بيتفرج وانا كنت معاه"، علم بقرار الهدم فتفاءل "أهو يبقى فيه حاجة حصلت ولو بسيطة"، رضي الرجل الثلاثيني بالقليل بعدما دار على المحاكم والمحامين "رفعنا قضايا ياما على العادلي واللي زيه وكلهم خدوا براءات"، ارتفعت نبرة الغضب وأضحى صوته أكثر حدة، يضرب عرض الحائط بأحكام القضاء "اللي خرجت القتلة من السجن" دون نظرة رحمة إلى ذويهم، واستكملت الدولة الأمر –على حد قوله- حين لم توفر رعاية كافية لأسر الشهداء.

مشهد الحزب المحترق يراه الرجل الثلاثيني لكنه لا يثير فيه مشاعر "احنا مكناش نازلين مظاهرات.. كنا جنب بيتنا وبننقل مصابين بعد ما الضرب ابتدى لحد ما اخويا بقى واحد منهم"، الثورة ليست طرفا في معادلته؛ ذهب أخوه ذو السبع والعشرين عاما فداء لها وتعافى "حسني" قليلا حين رأى رموز النظام السابق بالقفص، ذلك الأمل الذي ما لبث أن انطفأ فيما بعد دون أن ينمحي مشهد أخوه المضرج بدمه على الأرض، لا حيلة له.

غضب أخو الشهيد كان جزءا يسيرا من "ثورة" والدة مصطفى العقاد، الشاب الذي فقد حياته في يوم ميلاده التاسع عشر بميدان المطرية، يوم جمعة الغضب "المطرية أكتر حتة بمصر قدمت شهداء" تقولها الأم بفخر، يسليها تذكر حكايات ابنها الذي بحث على الانترنت فعلم أن المظاهرات تجوب الشوارع، فأخبرها أنه ذاهب لشراء الخبز كذبا حتى يتسنى له الخروج.

لا تندم الأم على ما فعل "راح لقدره"، لكنها تندم على كل محاولاتها الحثيثة لإحضار حقه، فلن يعيد شيء لها جسد ابنها، لا هدم الحزب الوطني ولا غيره "الناس اللي ما سكين الحزب بقوا في وسطنا خلاص.. علاء وجمال كويسين وزي الفل هما وأبوهم.. هيحتاجوا أكتر من كدة إيه ولو هدوا ألف حزب هتفرق إيه؟"، فلكل مسئول نصيبه من اللوم في ميزان والدة مصطفى؛ القضاء، الشرطة، المجتمع وأخيرا الشباب الذي وعد مرارا أنه سيأتي بحق الشهداء من فم القتلة "ومحصلش حاجة.. كله كلام".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان