إعلان

''لغة الأصابع'' من ''تشرتشل'' إلى ''محمد محمود''.. مصر بلد العلامات

11:50 ص الإثنين 25 نوفمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إشراق أحمد:

وقف خاطبًا بجموع الشعب الذي مر عامين على توليه منصب رئاسة وزارء حكومته، والحرب الضروس تشتد أوزارها يومًا بعد يوم بين بلاده كإحدى دول الحلفاء ودول المحور التي تزعمها ''الرايخ الألماني'' في حرب عالمية ثانية.

قرر''وينستون تشرتشل''، رئيس الوزراء البريطاني، تحريك مشاعر الجموع الآملة في الانتصار بالحرب التي طال مداها؛ فإذا به يشير بإحدى يديه بعد أن بسط فقط إصبعيه السبابة والوسطى مُشكلًا بهما الحرف الأول من كلمة النصر ''victory '' وهو حرف '' v''.

منذ عام 1941 انتشرت العلامة بمعناها على مستوى العالم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية اكتسبت معنى ''السلام'' إلى جانب معناها، هكذا تداولت الراوية التاريخية الأشهر لظهور علامة الـ''V'' ، التي شاع استخدامها مع اختلاف الزمان والمكان.

ما يقرب من 72 عامًا مرت منذ ذلك التاريخ، لم يظهر بها إشارة تعبيرية تتسم بطابع شعبي يضاهي علامة الإصبعين، حتى مع توالي الأحداث والثورات التي يعيش العالم العربي أجواءها منذ ثلاثة أعوام كانت علامة ''V'' التعبير الرمزي المصاحب للهتاف.

ومن بريطانيا إلى مصر وتحديدًا مع تاريخ فض اعتصامي ''رابعة والنهضة'' لأنصار الرئيس السابق محمد مرسي، لم تعد علامة الإصبعين رمز التعبير الوحيد كما كان، بل ظهرت موجة من العلامات حتى أن الأولى اكتسبت معنى جديد بالشارع المصري.

أصابع تُقبض وتبسط مع هتاف أو الاكتفاء بالإشارة فقط، ما يقرب من ثلاثة أشهر أصبحت ''لغة الأصابع'' الطريقة الأسرع والأوضح لمعرفة لأي فريق تنتمي وجهة نظرك السياسية.

هذا يشير بأربعة أصابع، أو يرفع لافتة بتصميم العلامة ذات اللونين الأصفر والأسود رفضًا لما وصفه ''مجزرة رابعة والنهضة والانقلاب العسكري على السلطة''، وذاك يرفع الإصبعين أو يحمل تصميم ''رابعة'' لكن بلون أحمر تعبيرًا عما وصفه ''تأييد للجيش والفريق أول عبد الفتاح السيسي في الحرب على الإرهاب''، وآخر يخالف الفعلين بإشارة شكلتها أصابع ثلاثة تعبيرًا عن مطالب وصفها بـ''الثورية''، والجميع بالنسبة لهم تلك العلامة رمز''النصر والصمود'' ، بينما حايد آخرون كل ذلك بإعلاء السخرية من تصميم تلك العلامات.

حالة مجتمعية للتعبير السياسي شاعت بالشوارع والميادين، من ميدان ''رابعة العدوية''؛ حيث علامة ''رابعة'' إلى التحرير؛ حيث ''الإصبعين'' وأخيرًا شارع ''محمد محمود'' في الذكرى الثانية لأحداثه؛ حيث ارتدى جمع من الشباب المشارك ملابس بيضاء توسطها كف باللون الأسود انطوت أصابعه إلا من ثلاثة، مع إشارة آخرين بالعلامة ذاتها التي أُطلق عليها ''تالتة'' وعبرت عن هتاف ''عيش .حرية .. تطهير الداخلية''.

''استقطاب مصطنع بمعنى أن هناك ضغوط اجتماعية يمارسها المصريون على بعضهم البعض''، قالها أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، معتبرًا أن تلك حالة من التقسيم ''المصطنع'' تُطالب كل مواطن أو تتوقع منه تحديد انتماءه لأي فريق، وما خلاف ذلك يعد تناقض وتعارض وحياد ''المصريين عندهم مشكلة مع المواقف المركبة، لكن في النهاية مين اللي قال إنه لازم الانتماء لفريق، الطبيعي أن يكون الرأي متنوع طالما أساسه الوقوف مع المظلوم ولا يوجد تناقض في هذا''.

وتابع أستاذ الطب النفسي أن فكرة العلامة ''اختزال معنى كبير في رمز معين''، متستنكرًا عدم وجود خطة أو صيغة معينة تصاحب تلك العلامات '' في مظلمة لكن هيفرق إيه رفع الرمز، إيه اللي أنت عملته عشان تنصر المظلمة والمطالب اللي اختصرتها في الرمز ده''.

وانتقد ''عبد الله'' كثرة العلامات التي ظهرت مؤخرًا بالشارع المصري ''محدش بيعمل أي حاجة خالص دول بيربعنوا لدول، ودول يتلتنوا لدول، طيب لو في خطة معينة ما نشتغل بها، مصر مش ناقصة علامات''، مشيرًا إلى أهمية الدور الذي تلعبه الرموز طوال الوقت في حياة الإنسان، لكن المشكلة والخطورة أن تتحول الحياة إلى رمز دون فعل، على حد تعبيره.

وأضاف ''عبد الله'' أن غياب الحقيقة وعدم بحث المصريين عنها ستزيد حالة الانقسام والتحدي العنيف الظاهر في استخدام العلامات ''هيفضلوا يخبطوا في بعض وما حدش عارف حاجة''، لافتًا إلى أنه باستمرار ذلك يتحول الاختزال إلى ''ابتذال''، وتصبح الفكرة مجرد ''إشارة وأنزل أموت وخلاص، مع الاحترام الكامل لكل مَن يتبنى قضية''، قائلاً: ''عايزين مَن يضحى بحياته ليس بمماته''.

وعن إمكانية استمرار تلك العلامات كحال الـ''V''، يرى أستاذ الطب النفسي أن الإشارات تستمر بوجود المعنى والمظلومية فهي '' مؤقتة ببقاء المعنى أو زواله''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان