إعلان

التحفظ على أموال "أندلس".. خطوة جديدة لـ "وأد" المجتمع المدني (تقرير)

09:53 م السبت 18 يونيو 2016

مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

بعد التحفظ على أمواله ومنع التصرف فيها أصبح مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أصبحت هذه الخطوة هي الأخيرة في الصراع بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والذي بدأ منذ فترة طويلة وكان من ضمن أطرافه منظمات ومؤسسات حقوقية عديدة.

استمرار الحصار

وفي فبراير الماضي أصدرت السلطات المصرية قرار بإغلاق مركز النديم لضحايا العنف والتعذيب، المركز غير الحكومي المعني بتوثيق انتهاكات حقوق الانسان وعلاج ضحايا التعذيب نظرا لوجود مخالفات، بناء على تكليف من إدارة الطب الحر، لكن السلطات وافقت على تأجيل تنفيذ القرار حتى الأسبوع التالي حتى استيضاح الأمر.

وقالت عايدة سيف الدولة، مؤسس مركز النديم، في تصريح لمصراوي آنذاك، إن قوة تنفيذ من وزارة الصحة أصرت على إغلاق المركز دون أسباب، مضيفة "عندما سألنا عن أصل قرار الإغلاق طلبوا منا العودة لشرطة المرافق".

وتابعت أنه عندما أصرت القوة على غلق المركز وافقوا ولكنها والدكتورة ماجدة عدلي، مدير المركز رفضوا الخروج وأصروا على البقاء داخل المركز، ثم اتصلت القوة بوزارة الداخلية و"بلغوهم اننا رافضين النزول، وبعدها مشيوا والمركز متقفلش".

وفي بيان لـ 19 منظمة حقوقية، قالت إن ما يتعرض له مركز النديم يأتي في إطار هجوم أوسع وضاري تشنه الحكومة والأجهزة الأمنية المختلفة ضد المنظمات الحقوقية المستقلة، مضيفة أن تلك التهديدات والحرب غير المسبوقة على الحركة الحقوقية المصرية دفعت بعض المنظمات والجمعيات الأهلية إلى وقف نشاطها أو تغيير مسار عملها، أو نقل معظم أنشطتها إلى خارج مصر، الأمر الذي أضحى معه مجرد إصدار تقرير من تلك المنظمات قد يشكل تهديدًا حقيقيًا لوجودها، وأن اتباع الدولة لسياسة القتل البطيء لمنظمات حقوق الإنسان يهدف في المقام الأول إلى إخراس كافة الأصوات النقدية لسجلها المشين في حقوق الإنسان، ومحاولة لإسكات أحد أخر المنافذ التي تعمل على إنصاف الضحايا، دون النظر لتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية.

ويقول شريف هلالي، المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، إن ما يحدث هو استمرار لحصار منظمات المجتمع المدني واشغالها في مشكلات قانونية تُخلق لها، مضيفا إلى أن ذلك محاولة لإحياء الاجراءات التي كانت تمارس في عهد مبارك ضد المؤسسات الحقوقية.

وأضاف لمصراوي أن هذه الإجراءات تُمارس ضد المنظمات الجادة لإرهاب منظمات أخرى، لافتا إلى أن من يمارس هذه الإجراءات يظن أنها ستُثني المجتمع المدني عن القيام بدوره وهذا خطأ.

وتابع أن قانون الجمعيات الأهلية سيساهم في حل هذه الأزمة إذا كان قانون ديمقراطي يعطي المنظمات حقها في ممارسة عملها، خاصة وأنه من الطبيعي أن نشاط هذه المنظمات لن يعجب الدولة لأنها تكشف انتهاكات، مشيرا إلى أن الدولة لابد أن تتعاون مع المنظمات إذا قالت مثلا أن هناك تعذيب وتحاول القضاء على التعذيب وليس على المنظمات التي تعطي إثباتات على وجوده.

سياسة مُتبعة

وفي نفس الشهر(فبراير الماضي) تم منع الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، من السفر بعد وصوله للمطار زعم وجود قرار قضائي، في حين لم يبلغ بأي تفاصيل أو يتم التحقيق معه أو تخبره أي جهة قضائية بأنه ممنوع من السفر بسبب اتهامه بأي قضية، بحسب بيان الشبكة وقتها.

وقالت الشبكة العربية، إن مزيدا من الإجراءات البوليسية باتت تُتخذ دون حتى الاهتمام بوضعها تحت غطاء قانوني ولو زائف، وإن النظام البوليسي في مصر لم يعد يعير القانون أي اعتبار، فالجيش في الشوارع والسجون تفتح أبوابها وإعلاميي السلطة متأهبين لحملات تشويه أي منتقد، متسائلة "حتى إذا كان القرار صادر من جهة قضائية، فهل بات المنع من السفر أو السجن يُتخذ قبل إجراء أي تحقيق أودون إبلاغ المتهم البرئ حتى تثبت إدانته بتفاصيل قضيته أو اسباب هذه الاجراءات ضده؟!".

وتساءل عيد "هل سيهتم النائب العام بالتحقيق في هذا الاجراء البوليسي أو عقاب من أصدر قرار منع مواطن من السفر رغم عدم اجراء أي تحقيق معه أو ابلاغه أنه متهم بقضية ما، أم تحولت النيابة العامة من سلطة تحقيق وبحث عن الحقيقة إلى سلطة بحث عن إتهام؟، متى ينتبه القائمون على جهاز العدالة في مصر أن فقدان الثقة في العدالة أكثر خطر يهدد هذا المجتمع".

ويرى مجدي عبد الحميد، رئيس الجمعية المصرية، للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أن ما حدث مع مركز أندلس ليس بأمر مفاجئ، وهي سياسة متبعة منذ فترة طويلة ضد المجتمع المدني، من منع من السفر، التحفظ على الأموال، والحبس في حالة هيثم محمدين.

وأضاف لمصراوي أن التحفظ على أموال مركز أندلس ومؤسسه أحمد سميح هو يأتي في إطار سلسلة من الهجوم المتتالي على المجتمع المدني، متسائلا "مش قادر أفهم إيه المبرر اللي ساقه القاضي للتحفظ على أموال شخص معين أو جمعية، المبررات دي لازم تكون قوية وإلا تبقى اجراءات انتقامية".

وعن توقف هذه الاجراءات بصدور قانون للجمعيات الأهلية، قال عبد الحميد إنه لا يعتقد ذلك لأن السياق العام للا يسمح بخروج قانون يحمي المجتمع المدني، وهذا نابع من عدم ثقته في نواب البرلمان الذين سيصوتون على قانون يخدم المجتمع المدني بالرغم من ثقته في النائب محمد أنور السادات رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بحسب قوله، متابعا "هو شخص يحترم حقوق الإنسان ولكن مش هيقدر يعمل حاجة لوحده".

تسلسل طبيعي

وعقب محاولة إغلاق مركز النديم بشهر واحد، أعلن مركز نظرة للدراسات النسوية خضوعه رسميا للتحقيق في القضية رقم 173 لسنة 2011، والمعروفة إعلاميا بـ"تمويل منظمات المجتمع المدني"، ومثوله لجلسة تحقيق.

وقال المركز في بيان له، إن ثلاث عضوات بفريق عمل المركز تلقين استدعاءات على مدار يومين دون أي معلومات تخص سبب الاستدعاء وعلاقته بالمركز، معتبرا أن التحقيق يأتي في إطار خطوات تصعيدية بدأتها الدولة تدريجيا منذ وقت طويل، وأخذت خطوات متسارعة في الآونة الأخيرة؛ لغلق المجال العام بالتضييق على منظمات المجتمع المدني المستقلة، بأشكال مختلفة، بحسب المركز، وفي تصريح لمصراوي وقتها، قالت مزن حسن، مديرة المركز، إن أوراق المركز الرسمية سليمة، كما أن حسابات المركز رسمية وجميع لقاءاتهم رسمية وعلنية

ويصف ولاء جاد الكريم، مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، ما حدث مع مركز أندلس بأنه تسلسل طبيعي لما يحدث ضد المجتمع المدني بدءا من حملات التشويه الإعلامية، وانتهت بالاتهامات الخطيرة للحقوقيين مثل التخابر والتي لا تستند إلى أي منطق أو عدالة واضحة، بحسب قوله.

وأضاف لمصراوي، أن صدور قانون يحمي منظمات المجتمع المدني أمر هام وسيحل الكثير من المشكلات، خاصة وأن القانون الحالي به نصوص هلامية ومصطلحات غير دقيقة وبالتالي فالدولة تستخدمه كسيف في يدها ضد المجتمع المدني، لافتا إلى ضرورة أن يعيد القانون تعريف هذه المصطلحات، وأن يجعل تأسيس المنظمات بالإخطار مثلما ينص الدستور وهو ما سيحل مشكلات كثيرة.

مرحلة جديدة

وكخطوة جديدة في الأزمة بين المجتمع المدني والدولة أُصدر قرار، الاثنين الماضي، بمنع التصرف في أموال مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف وتم تحديد جلسه يوم الأربعاء الموافق 15 يونيو 2016 دون إخطار المركز، بحسب بيانه، للبت في طلب المنع تصرف علي أموال المركز المقدم من قاضي التحقيق في القضية رقم 173 لعام 2011 المعروفة اعلاميا بقضية منظمات المجتمع المدني بمنع التصرف في أموال وممتلكات أحمد سميح وأموال وممتلكات مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف.

وقال المركز في البيان إن القرار بالمنع في التصرف هو الأول الذي يؤيده القضاء من ضمن الطلبات التي سبق وتقدم بها قاضي التحقيق في القضية رقم 173 لسنة 2011 وفي دائرة منفصلة عن الخمس منظمات الأخرى، بمنع التصرف على أموال عدد من مؤسسي والعاملين في منظمات حقوقية، وهي القائمة التي شملت أسماء جمال عيد، مؤسس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وزوجته وابنته، وكذلك حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، واللذان تم منعهما من السفر في وقت سابق، وكانا أول من طلب قاضيا التحقيق منع التصرف في أموالهما دون أن يتم توجيه أي اتهامات لهما في القضية. قبل أن يضم القاضيان لطلب المنع تصرف على الأموال كل من بهي الدين حسن، مؤسس ومدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أحد العاملين بالمركز، ومصطفى الحسن مدير مركز هشام مبارك للقانون، وأخيرًا عبدالحفيظ طايل مدير المركز المصري للحق في التعليم. والذين أجلت محكمة جنايات القاهرة نظر طلب المنع تصرف الخاص بهم جميعًا إلى 17 يوليو المقبل.

فيما خضع الحقوقي نجاد البرعي، رئيس المجموعة المتحدة، للتحقيق معه في تهم أبرزها تكدير الأمن العام وإدارة جماعة غير قانونية، على خلفية مشاركته في قانون لمكافحة جرائم التعذيب، ومثل البرعى أمام قاضى التحقيق 6مرات قبل ذلك، كان آخرها في 5 يونيو الماضي.

ويرى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن منع مركز أندلس من التصرف في أمواله يأتي في إطار التصعيد مع المجتمع المدني، والتي بها يدخل المجتمع المدني في مرحلة جديدة من التحفظ على أمواله، بالإضافة إلى إجراءات شديدة السرعة والحكم على منظمات دون إخطارها.

وأضاف لمصراوي، أن الهدف مما يحدث هو الإدانة المبكرة للمنظمات، بعد سلسلة من المنع من السفر وإحالة بعض الشخصيات للمحاكمات مثل الحقوقي نجاد البرعي، لافتا إلى أن هذه إشارة إلى أن كل صاحب رأي سيكون هدف خلال الفترة القادمة وأن الدولة لديها ملفات جاهزة تُفتح في أوقات معينة.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج