إعلان

"قرن الإذلال".. هل يوقظ عداء الصين وروسيا التاريخي؟

كتب : محمود الطوخي

04:08 م 11/12/2025

الرئيس الروسي ونظيره الصيني

تابعنا على

رغم ما تبدو عليه العلاقات بين موسكو وبكين من توافق ودعم كبيرين، تكشف تحركات جديدة عن أن الصين لم تنسَ أراضيها التي خسرتها خلال "قرن الإذلال" وضمتها روسيا.

ويستخدم مصطلح "قرن الإذلال"، للإشارة إلى حقبة سوداوية في الذاكرة القومية للصينيين امتدت لقرابة قرن من الزمن في تاريخ البلد الآسيوي، والتي تشغل الفترة التاريخية بين عامي 1839 و1949.

وشهدت تلك الحقبة التاريخية، تدخل اليابان والقوى الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا في شؤون الصين، ما أسفر عن هزائم عسكرية متتابعة أفضت إلى اتفاقات اعتُبرت "غير متكافئة" شملت التناول عن مساحات واسعة من الأراضي.

وإلى جانب تفوق القوى العسكرية الأجنبية، ساهم ضعف سلالة تشينج الحاكمة في ما شهدته الصين تدخلات واتفاقات مجحفة.

الصين وضم الأراضي "افتراضيا"

وفي الآونة الأخيرة، برزت تكهنات بأن أطول حدود في العالم ربما باتت مهيأة لتوغل صيني، حتى في ظل تقارب البلدين اللتين تُوصفان بأنهما "شريكتان بلا حدود" على المستوى الدولي.

لم تكن التحركات الصينية وليدة اللحظة، ففي عام 2023 أمرت وزارة البيئة الصينية بتضمين المناطق التي ضمتها روسيا في الخرائط الرسمية الجديدة، بما في ذلك مدينة فلاديفوستوك السيبيرية، باسمها الرسمي.

كذلك تضمّنت التغييرات تصوير جزيرة عند ملتقى نهري آمور وأوسوري، كانت محل نزاع طويل الأمد إلى أن أُبرمت اتفاق حدودي عام 2008، على أنها تابعة للصين بشكل كامل.

وفي الوقت نفسها، أثار توسّع الصين في شراء الأراضي الزراعية وعقود الإيجار طويلة الأمد عبر الحدود، ريبة كبيرة.

ويدعو القوميون الصينيون علنا، إلى استعادة كافة الأراضي التي نُقلت تبعيتها قسرا إلى روسيا، في عهد سلالة تشينج الحاكمة خلال القرن التاسع عشر.

ورغم ذلك، لا تؤيد بكين تلك الدعوات، إذ قللت من شأن التغييرات الرسمية في الخريطة، فيما تؤكد باستمرار على أهمية العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، والعقوبات الدولية التي ترتبت عليه ضد موسكو، حافظت بكين على علاقات وثيقة مع الكرملين إذ كانت أكبر المستوردين للنفط والغاز الروسي، ما ساعد بوتين في تمويل الحرب.

وبينما يزداد التقارب بين البلدين، تتصاعد المخاوف الدولية من صعود نظام متعدد الأطراف في مواجهة الهيمنة الأمريكية، وهو ما يتمثل في التعاون العسكري في المحيط الهادئ، الذي ترى فيه واشنطن وحلفاؤها الأوروبيين تحديا لهيمنتها في المنطقة.

ومع ذلك، تتخوف موسكو من أن تصبح "شريكا ثانويا" في العلاقة مع بكين، إذ حذّر بعض المقربين من الكرملين من أن المبالغة في الاعتماد على الصين قد تأتي بنتائج عكسية، وفق مجلة "نيوزويك" الأمريكية.

في وقت سابق من العام الجاري، كشفت وثيقة استخباراتية روسية عن مخاوف بشأن نوايا تطلعات الصين لتوسيع نفوذها. بينما سلّط تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على درجة من انعدام الثقة بين البلدين، إذ أفادت تقارير بأمن عملاء صينيين يجندون مواطنين روس متزوجين من صينيات، ويجرون اختبارات كشف الكذب على عملاء عائدين من الصين.

وحتى الآن، لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى تخطط الصين لتوسيع نفوذها بالاستفادة من اختلال القوى المتزايد مع روسيا، إذ يعتبر بعض المراقبين أن المخاوف مبالغ فيها، وفق "نيوزويك".

وأوضح رئيس قسم الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بمعهد هدسون، باتريك كرونين، أن الرئيس الصيني شي جين بينج يعتبر روسيا شريكا لا غنى عنه في بناء نظام عالمي جديد لما بعد الهيمنة الأمريكية.

وأضاف كرونين: "التوفيق بين دوافع بكين المتضاربة تظهر استراتيجية تقوم على تراكمات بطيئة وثابتة للسيادة الفعالة، حيث تتخللها استعراضات زائفة للتضامن، بدء من المسيرات العسكرية إلى المناورات المشتركة".

لكن كرونين، يؤكد أن الصين تبدو بشكل واضح متأهبة لتوسيع نطاق نفوذها عبر الحدود المشتركة من خلال مزيج من التحركات الانتهازية لترسيخ وجودها داخل الاقتصاد الروسي الذي يزداد ضعفا، وحتى الاختراقات الإلكترونية الصارخة.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان