إعلان

"معروف بالوحشية".. هل يقلب قائد الحرب الروسي الجديد دفة الحرب في أوكرانيا؟

01:58 م السبت 15 أكتوبر 2022

الرئيس الروسي مع قائد العمليات العسكرية في أوكراني

كتبت- هدى الشيمي:

مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا للشهر الثامن، وتتصاعد الأحداث بشكل دراماتيكي وميلان الكفة لصالح كييف منذ سبتمبر الماضي، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تكليف الجنرال سيرجي سوروفيكين بقيادة العمليات العسكرية هناك، وحسب زملائه ومن عملوا معه فهو شخص معروف بالوحشية والقسوة.

يسعى بوتين إلى قلب الأمور لصالحه، لاسيما بعد استعادة كييف مساحات من الأراضي أكبر من تلك التي استولى عليها الجيش الروسي خلال الأشهر الستة الماضية، لذا عينت وزارة الدفاع الروسية، السبت الماضي، سوروفيكين قائدًا عامًا جديدًا للعمليات في الحرب.

"تاريخ من الوحشية"

لعب سوروفيكين دورًا أساسيًا في العمليات الروسية في سوريا، حيث تسببت الطائرات المقاتلة الروسية في دمار واسع النطاق في المناطق التي يسيطر عليها المعارضة.

وقال جليب إيريسوف، الملازم السابق في السلاح الجوي الروسي لشبكة سي إن إن، الذي خدم تحت قيادته في دمشق، إن سوروفيكين كان مقربًا جدًا من نظام بوتين، ولم يكن لديه أي طموحات سياسية، لذا كان ينفذ دائمًا الخطة كما تريدها الحكومة.

ويرى محللون – حسب سي إن إن- أنه من المستبعد أن يغير تكليف سوروفيكين بهذه المهمة طريقة تنفيذ القوات الروسية لعملياتها العسكرية في أوكرانيا، ولكنه يكشف عن مدى استياء بوتين من أداء القيادة السابقة.

ومن المحتمل أن يهدف اختيار سوروفيكين لقيادة العمليات العسكرية في الأراضي الأوكرانية إلى تهدئة القاعدة القومية والمؤيدة للحرب داخل روسيا، وفقًا لماسون كلارك، الباحث في معهد دراسة الحرب.

١_1

لقى اختيار سوروفيكين قائدًا للعميات العسكرية في أوكرانيا ترحيبًا من قبل الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، حليف رئيسي لبوتين، الذي دعا روسيا إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة في الحرب، بما في ذلك استخدام أسلحة نووية منخفضة القوة عقب الانتكاسات الأخيرة التي واجهتها موسكو.

بدأ سوروفيكين خدمته العسكرية في أفغانستان خلال فترة الثمانينيات، وقاد وحدة عسكرية في الحرب الشيشانية الثانية عام ٢٠٠٤.

وعلى أحد حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، كتب قيدروف:"أعرف سيرجي (سوروفيكين) جيدًا منذ حوالي ١٥ عامًا، يمكنني بثقة القول إنه قائد عنيد ومحارب حقيقي وخبير الذي يضع الوطنية والشرف والاحترام قبل أي شيء". وأكد أن الجيش الروسي الموحد أصبح الآ "في أيد أمينة".

"شخصية مكروهة"

ترك إيريسوف، الملازم السابق في السلاح الجوي الروسي، الخدمة العسكرية وانهي مسيرته المهنية التي استمرت خمس سنوات بعد فترة من وجوده في سوريا، لتعارض ارآئه السياسية مع ما عاشه هناك.

وقال الجندي السابق في القوات الروسية، حسب سي إن إن، إن كل شيء تغير عندما قرر بوتين غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، وأصدر أوامر بمحاكمة الجميع إذا لم ينفذوا مخطط موسكو الدعائى الخاص بالحرب.

كان لدى إيريسوف عائلة في كييف، اضطرت للاختباء في الملاجئ، وقال لسي إن إن، إنه لا يوجد أي تبرير لهذه الحرب، وكان يعلم من اتصالاته العسكرية ومن خلال معارفه أن المعارك أسفرت عن وقوع العديد من الضحايا في الأيام الأولى.

أدرك الجندي الروسي السابق منذ بداية الحرب أنها سيكون لها عواقب وخيمة، وستغدو مأساة كبيرة ليس فقط للأوكرانيين ولكن للروس أيضًا.

غادر إيريسوف وزوجته الحامل وابنه روسيا في مارس الماضي، بعدما أعلن صراحة عن رفضه لغزو أوكرانيا.

أثناء تأدية خدمته في قاعدة اللاذقية الجوية في سوريا في عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠، قال إيريسوف، ٣١ عامًا، إنه عمل في مجال سلامة الطيران ومراقبة الحركة الجوية، رأي الجندي الروسي سوروفيكين عدة مرات وتحدث مع ضباط كانوا يعملون تحت قيادته.

حسب إيريسوف، فإن القائد الروسي الجديد أغضب الكثير من الأشخاص، وقال:"لقد كرهوه بسبب طريقته القاسية ومحاولاته لفرض سياسات لا تناسب الجنود في سلاح الجو".

لدى سوروفكين علاقات قوية بالشركات العسكرية الخاصة (مجموعة فاجنر) التي تعمل في سوريا.

غير أن الكرملين ينفي وجود أي صلة تجمعه بمجموعة فاجنر، مؤكدًا أن الشركات العسكرية الخاصة غير قانونية في روسيا.

٢

" قائد قاسي"

يمتلأ تاريخ سوروفيكين العسكري بالكثير من المواقف التي تكشف عن قسوته الشديدة، نقلت سي إن إن عن تقارير روسية إنه في عام ٢٠٠٤ وبخ أحد مرؤوسيه بشدة حتى أن الأخير انتحر.

وذكر كتاب صدر عن مؤسسة بحثية أمريكية أنه خلال محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف في أغسطس ١٩٩١، قتل جنوده ثلاثة متظاهرين، فقضى سوروفيكين ستة أشهر على الأقل في السجن.

ووفقًا لتقرير صدر عام ٢٠٢٠، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن سوروفيكين قد يكون مسؤولا عن شن عشرات الهجمات الجوية والبرية على مواقع مدنية وتدمير البنية التحتية وانتهاك قوانين الحرب خلال الهجوم على إدلب السورية في ٢٠١٩- ٢٠٢٠ في سوريا.

تسببت الهجمات في مقتل ما لا يقل عن ١٦٠٠ مدني، وأجبرت حوالي ١.٤ مليون شخص على النزوح، حسب الإحصائية الصادرة عن الأمم المتحدة.

في فبراير الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوروفيكين لدعمه القتال الدائر في أوكرانيا، وتنفيذ الإجراءات والسياسات التي تقوض وتهدد سلامة كييف وسيادتها واستقلالها وأمنها.

ووفقًا لإىريسوف، الجندي السابق في القوات الروسية، فهناك عدة أسباب رئيسية وراء وصول سوروفيكين لهذا المنصب، وهم قربه من الحكومة وبوتين، وخبرته في المشاة والقوات الجوية، بالإضافة إلى عمله لفترة طويلة في مناطق خيراسون وزابوريجيا وشبه جزيرة القرم بجنوب أوكرانيا، وهي المناطق التي يحاول الرئيس الروسي السيطرة عليها بأي ثمن.

بعد يومين فقط من تعيين سوروفكين السبت الماضي، شنت روسيا أعنف قصف على أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب.

وفقًا لإيريسوف فإن سوروفيكين لديه خبرة كبيرة في التعامل مع صواريخ كروز، وربما استغل صلاته وخبرته لتنظيم سلسلة من الهجمات المدمرة، مشيرًا إلى التقارير التي تفيد بأن هذا النوع من الصواريخ كان من بين الأسلحة التي نشرتها روسيا في الهجمات الأخيرة.

غير أن كلارك، الباحث مع معهد دراسة الحرب، يرى أن ترقية الجنرال سوروفيكين، لا يهدف فقط إلى ضخ دماء جديدة في نظام القيادة الروسي، مشيرًا إلى أن هذا القرار قوبل بإشادة العديد من المدونين العسكريين الروس بالإضافة إلى يفغيني بريغوزين، ممول مجموعة فاجنر.

فيما ترى أندريا كيندال تايلور، مديرة برنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأمريكي، أن تكليف سوروفيكين بهذه المهمة يعكس تعالي الأصوات المتشددة داخل روسيا، والتي تدعو بوتين إلى إجراء بعض التغييرات، والاستعانة بشخص مستعد لتنفيذ هجمات قاسية.

وبالنظر إلى الأوضاع الحالية وما يجري على الأرض، يرى كلارك، الباحث في معهد دراسة الحرب، فإنه من المحتمل أن يشارك بوتين بنفسه في اتخاذ القرارات التكتيكية، وفي بعض الحالات قد يضطر إلى تجاوز الضباط العسكريين الروس، وأن يتدخل فيما يجري في ساحة المعركة.

فيديو قد يعجبك: