إعلان

انقلاب مالي العسكري يدق ناقوس الخطر في منطقة غرب أفريقيا

10:42 ص الخميس 03 سبتمبر 2020

الجيش المالي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

باماكو (مالي) - (د ب أ):

دق الانقلاب العسكري في مالي ناقوس الخطر في جميع أنحاء منطقة غرب إفريقيا، وهي منطقة مهددة منذ سنوات من جانب المتشددين الإسلاميين، ولا يمكنها تحمل المزيد من عدم الاستقرار، لكن في الداخل، ينظر مواطنو مالي إلى هذا الانقلاب بدرجة كبيرة على أنه ينذر بتحقيق تقدم.

جاءت أسابيع من الاضطرابات العامة والإطاحة مؤخرا بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، تتويجا لحالة القلق إزاء فشله في توجيه بلاده نحو التعافي بعد الانقلاب الذي وقع عام 2012، والذي أتاح للمتطرفين من الحصول على موطئ قدم في شمال البلاد. كما كشفت هذه التطورات عن عدم ثقة عميق الجذور في الطبقة السياسية في مالي، الدولة التي شهدت أربعة انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960 بحسب ما أوردته وكالة بلومبرج للأنباء.

وجاء احتجاز جنود من الجيش للرئيس كيتا بعد أسابيع من الاحتجاجات الحاشدة في شوارع العاصمة باماكو، والتي أججتها فضائح الفساد والاقتصاد المتباطئ والانتخابات البرلمانية المتنازع عليها والوضع الأمني المتدهور.. وبعد ساعات قليلة في الاحتجاز، استقال كيتا، 75 عاما، من منصبه كرئيس لمالي.

وقال مارك أندريه بويسفيرت، وهو باحث مستقل في العلاقات المدنية العسكرية في منطقة الساحل إن "القوات المسلحة ترى أن دورها يتمثل في حماية الدستور عندما يحدث خطأ ما.. فكرة /الانقلاب التصحيحي/ موجودة في الانقلابات الأفريقية منذ الاستقلال، ولكن كانت هناك زيادة في حدوثها منذ تسعينيات القرن الماضي".

وبسبب عدم فعالية جيش مالي إلى حد كبير في احتواء المتمردين الإسلاميين، تعرض السياسيون للوم بسبب سيل الهجمات التي أحدثت حالة من الفوضى في الداخل.

وعلى الرغم من زيادة الإنفاق العسكري ثلاثة أضعاف بين عامي 2012 و2020 - يستهلك الدفاع الآن خمس الميزانية- قال ضباط الجيش إنه يتم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية بتدريب ضعيف وموارد غير كافية.

وهناك أدلة على سوء الإدارة. في عام 2013، اشترت الحكومة جوارب لجنودها بسعر مذهل قدره 63 دولارا لزوج الجوارب، وفقا لمدقق الحسابات العام.

ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن سيديكي جويندو، مدير معهد "جيسي" لاستطلاعات الرأي في باماكو قوله "لقد رأى الماليون أن السياسيين غير قادرين على حل مشكلات البلاد.. إنهم يعتقدون أن مرحلة انتقالية بقيادة الجيش ستكون أكثر صرامة وأكثر قوة وستدفع للعمل."

وعلى الرغم من أن قادة أجانب من أوروبا وجنوب أفريقيا قد حثوا المجلس العسكري على إجراء انتخابات وإعادة السلطة إلى إدارة مدنية، فإن العديد من الماليين يرغبون في بقاء الجيش. وأظهر استطلاع أجراه معهد "جيسي" هذا الأسبوع أن 57 بالمئة من الماليين يريدون أن يقود الجيش ومدنيون حكومة انتقالية، وقال 26 بالمئة إنهم يفضلون مرحلة انتقالية بقيادة الجيش.. في حين قال 16 بالمئة فقط من المشاركين في الاستطلاع إن الحكومة الجديدة يجب أن يقودها مدنيون.

وقالت فاطماتا كاين، من منظمة"سي إيه إى بى" التعليمية غير الحكومية ومقرها باماكو :"أود أن أصف أحداث الأسبوع الماضي بأنها انتفاضة شعبية، وليست انقلابا.. لقد قام الجنود بما أراده الشعب. يجب أن يتم السماح لهم بالبقاء لفترة كافية لدفع الإصلاحات- ربما يمكنهم فرض بعض النظام في إدارة البلاد".

وأشار المجلس العسكري إلى إمكانية إجراء استفتاء على تعديلات دستورية تساعد في تعزيز مصداقية الانتخابات.

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري إسماعيل واغي، للقناة الفرنسية الخامسة" "تي في 5" يوم 27 أغسطس "المشكلات ضخمة. نحن بحاجة إلى فترة انتقالية تسمح لنا بمعالجة هذه القضايا والبدء على الأقل في وضع هيكل جديد. نحن نهدف أيضا إلى تأمين البلاد بأكملها".

ومع ذلك، يخشى بعض المحللين من أن يستغل الجهاديون الاضطرابات السياسية. وتستمر الغارات الدموية في مالي وعبر حدودها مع بوركينا فاسو والنيجر، كما أصبح السفر في مساحات شاسعة من منطقة الساحل شبه القاحلة شديد الخطورة، حيث قتل نحو 2000 شخص في الأشهر السبعة الأولى من عام 2020، وهي أعلى حصيلة منذ بدء الأزمة في عام 2012، وفقا لـ"مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاع المسلح".

وعلى عكس الانقلابات السابقة في مالي، أشرك المجلس العسكري الحالي المكون من خمسة ضباط المجتمع الدولي سريعا فيما يجري من أحداث، ويرأس قائدهم، الكولونيل أسيمي جويتا (37 عاما)، وحدة عسكرية خاصة مقرها منطقة موبتي بوسط البلاد وشارك في تدريبات عسكرية أمريكية في "فلينتلوك" العام الماضي. وبدأ المجلس العسكري على الفور محادثات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، وطلب من الأمم المتحدة، التي لديها 15 ألف جندي لحفظ السلام في البلاد، وفرنسا البقاء في البلاد.

وتشارك فرنسا في مالي ومنطقة الساحل بقوة خاصة قوامها 5000 جندي وتقدر التكلفة السنوية لنشرها بنحو 600 مليون يورو (715 مليون دولار). وقتلت البعثة، المعروفة باسم "برخان"، العديد من القادة الجهاديين الرئيسيين وتعمل مع الأمم المتحدة والجيش المالي.

ولكن في باماكو، تراجع التهديد الأمني الذي تواجهه البلاد وتقدمت الأزمة السياسية إلى صدارة المشهد.

وقال عبد الله بونا، رئيس غرفة المناجم في مالي، ثالث أكبر منتج للمعادن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: "ما نحتاجه الآن هو الوقت لتنفيذ إصلاحات قبل إجراء الانتخابات.. ربما تكون فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات بمشاركة الجيش والمدنيين ضرورية".

فيديو قد يعجبك: