إعلان

"الموت بالعنصرية".. هل كان جزءًا من التكوين الأمريكي؟

11:09 ص الإثنين 01 يونيو 2020

العنصرية تجاه السود لها تاريخ طويل في الولايات الم

كتبت- هدى الشيمي:

تخيل للحظة أنك رجل أو امرأة من أصول أفريقية وتعيش في الولايات المتحدة في 2020.. هل تتخيل أن العنصرية ما زالت تُزهق أرواح أصحاب البشرة السوداء حتى الآن؟

أجابت وكالة أسوشيتيد برس الإخبارية عن هذا السؤال بأنه إذا كنت صاحب بشرة سوداء في الولايات المتحدة فإنه لا مجال للتخيل، أنت تعلم يقينًا أن العنصرية تقتل من يُشبهك، لست بحاجة إلى مشاهدة مقطع الفيديو الذي ظهر فيه جورج فلويد، 46 عامًا، ينازع لالتقاط أنفاسه أثناء عملية اعتقاله على يد ضباط شرط عنصريين.

حسب الوكالة الإخبارية، فإن أصحاب البشرة السوداء أكثر عُرضة للقتل ثلاث مرات من قبل أصحاب البشرة البيضاء، كما أن متوسط أعمارهم أقصر بثلاث سنوات ونصف عن البيض.

يعيش الأمريكيون من الأصول الأفريقية في بيئة مُتدنية، يسكنون في المناطق الحضارية التي تكثر بها الجرائم، ومحتجزين في مدارس دون المستوى المطلوب.

قالت بريتاني باكنيت كانينجهام، مؤسسة حملة زيرو المُناهضة لعنف الشرطة، إن الأمر لا يتعلق فقط بقتل العنصرية للمواطنين السود، ولكن المشكلة الأكبر تتمثل في أن لا أحد يدرك الطبيعة المُميتة للعنصرية.

3

جرائم تاريخية

لا تزال جرائم العنصرية تجاه أصحاب البشرة السوداء تحدث في الولايات المتحدة بعد 401 من وصول العبيد إلى شواطئها، وعقب 155 عامًا من تحريرهم، وأكثر من خمسة عقود عقب تمرير قوانين تعطيهم حق التصويت.

وأرجعت كانينجهام رفض البيض للاعتراف بهذا الأمر لأنهم ينظرون إلى العالم من خلال نظارات قوقازية وردية اللون، مُشيرة إلى أن أغلب البيض يتجاهلون الأخبار والحقائق المتعلقة بجرائم العنصرية فقط حتى يصدقون أنهم احرزوا تقدمًا، لكن الأحداث الأخيرة مثل وفاة جورج فلويد في مينيابوليس، 46 عامًا، وأحمد أربيري، 25 عامًا، في جورجيا بعدما طارده رجال مسلحون أصحاب بشرة بيضاء أثناء ممارسته لرياضة العدو، لا يمكن تجاهلها، لاسيما مع انتشار مقاطع فيديو أججت مشاعر الغضب في نفوس أعداد غفيرة في الولايات المتحدة.

من الطبيعي أن تؤثر مقاطع الفيديو تلك في نفوس الأمريكيين، قال رشاون راي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ميريلاند وزميل في معهد بروكينجز، إن هناك شيء يتعلق برؤية جثة على الأرض.

2

عنف الشرطة وكوفيد-19

وحسب الأستاذ الجامعي، فإن السود غالبًا ما يكونوا أكثر عرضة لوحشية الشرطة والعنف المفرط من قبلهم، مُشيرًا إلى أن حوالي 80 إلى 90 % من الاعتقالات بسبب كسر قواعد التباعد الاجتماعي في نيويورك كانت للسود أو اللاتينيين.

وأشار راي إلى واقعة المرأة البيضاء التي أبلغت الشرطة عن مُراقب طيور أسود البشرة في سنترال بارك، وادعت أنه يهدد حياتها رغم أنه كان يطلب منها تقييد كلبها، ولكن الأمور مرّت بسلام. قال الأستاذ الجامعي إنه كان من الممكن أن يصدق ضباط الشرطة المرأة البيضاء، ويحدث ما لا يحمد عقباه، ويجد الأمريكيون أنفسهم أمام حادثة أخرى لا تختلف شيئًا عن جورج فلويد.

بالنسبة للعديد من السود، فإن الخط الفاصل بين وحشية الشرطة ومعاناتهم من جائحة كوفيد-19 ليس ضعيفًا، أظهر تحليل أجرته أسوشيتيد برس للبيانات الحكومية والمحلية أن الأمريكيين السود يموتون بمعدل أكبر بكثير مما هو متوقع نظرًا إلى عددهم في التمثيل السكاني، وهو ما أرجعه راي إلى الظروف القاسية التي يعيشونها من فقر ومشاكل بيئية ونقص في المساحات الخضراء للممارسة الرياضية، ومحلات البقالة اللائقة التي تقدم الأطعمة الصحية.

ولأن أغلبهم يحصلون على أجور منخفضة كان السود مضطرين للعمل خلال انتشار الوباء مع القليل من الحماية، ولفتت الوكالة الإخبارية إلى أنهم لم يحصلوا على العناية المناسبة عندما مرضوا بكوفيد-19.

أظهرت دراسة أخرى، حسب راي، أن الأمريكيين من الأصول الأفريقية لم يستطيعوا إجراء اختبارات الكشف عن كوفيد-19 أو الحصول على علاج بنسبة أقل ست مرات مقارنة بالبيض.

قال الأستاذ الجامعي إنهم اضطروا للاعتماد على نظام الرعاية الصحية الذي طالما خذلهم، خاصة وأن عدد المشافي أقل كما أنها بعيدة للغاية عن محل إقامتهم، وتفتقر مراكز الرعاية والصيدليات التي تقدم لهم يد العون للعمالة والكثير من الموارد الأخرى.

ما مدى سوء الرعاية الصحية المُقدمة للسود؟ وجدت عالمة الاجتماع إيفلين جي باترسون في دراسة أجرتها عام 2010 أنه بينما يقصر الاحتجاز في السجن حياة البيض، تقل معدلات الوفيات بين السجناء السود مقارنة بأولئك الذين يعيشون في الخارج، وخلصت إلى أنهم يتلقون رعاية صحية أفضل هناك.

1

لحظة تغيير

يرجع الموت جراء العنصرية في الولايات المتحدة إلى تأسيس الدولة حسب القس ويليام جي باربر الثاني، أحد مؤسسي حملة دعوة وطنية لإحياء الأخلاق، وشبه جرائم العنصرية بالجرح الذي تسبب في معاناة لا توصف على مرّ القرون.

رأى القس الأمريكي أن هذه اللحظة هي التي يكون فيها التغيير مُمكنًا، فالناس الآن في حالة صدمة ويسيطر عليهم الغضب بعد مقتل جورج فلويد.

يخطط القس ويليا لعقد اجتماع افتراضي مع باقي أعضاء الحملة، والقيام بمسيرة إلى واشنطن يوم 20 يونيو، وقال للوكالة الإخبارية: "في كل مرة يفتح فيها ترامب فهمه ينشر العنصرية".

وتابع: "ولكن يأتي وقت في كل جيل يصبح الجرح غائرًا وعميقًا للغاية بحيث لا يستطيع السياسيون تحمله، وأدعو أن تكون هذه إحدى تلك اللحظات".

فيديو قد يعجبك: