إعلان

كيف تجاوز كورونا حدود الصين وتمدد في مختلف أنحاء العالم؟

03:53 م الإثنين 23 مارس 2020

امرأة صينية في مترو الأنفاق

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

رغم الإجراءات المُشددة التي اتخذتها عدة دول وتمضي في فرض أخرى أكثر صرامة، إلا أن فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19) لا يزال يتمرد ويجتاز الحدود ويجتاح المزيد من المناطق ويُصيب ويقتل أعداد كبيرة، لهذا السبب قامت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتحليل تحركات مئات الملايين من الأشخاص، لمعرفة كيف انتقل كورونا من ووهان الصينية، بؤرة انتشاره وظهوره لأول مرة، إلى الخارج.

حاولت الصحيفة الأمريكية، رسم خريطة لانتشار الفيروس من خلال تحليل اعتمدت فيه على معلومات استقتها من البيانات الصادرة عن الشركات ومراكز بحثية في واشنطن وفي الصين، بالإضافة إلى التقارير الرسمية الصادرة عن حكومات الدول المتضررة من الفيروس ومسؤولين في وزارات الصحة، ومركز علوم وهندسة النظم في جامعة جونز هوبكنز، ولجنة الصحة الوطنية بالصين، ومنظمة الصحة العالمية، وشركات الاتصالات التي تعقبت تحركات الملايين من الهواتف المحمولة.

وقالت نيويورك تايمز إن الأمر قد يبدو سهلاً، إذ تعتقد الدول أن كل ما عليها فعله هو منع السفر وإغلاق كافة سبل المؤدية إليها، وبذلك ستتمكن من الحد من انتشار الفيروس، وهو اعتقاد خاطئ تمامًا.

بدأت الحكاية في مدينة ووهان الصينية، البالغ عدد سكانها حوالي 11 مليون نسمة، داخل سوق لبيع المأكولات البحرية، حيث وجدت السلطات أن عددا كبيرا من الأشخاص يعانون من أعراض مُشابهة لمرض الأنفلونزا ولكنها أشد خطورة. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن العدد ارتفع من 4 حالات إلى العشرات في نهاية ديسمبر من العام الماضي.

1

وقتها، تعامل الأطباء مع المصابين باعتبارهم مرضى التهاب رئوي، ولكن عدم استجابتهم للعلاج كانت مثيرة للدهشة والاستغراب حسب نيويورك تايمز، التي أشارت إلى أن العدد الحقيقي للمصابين بالفيروس كان يزداد بصورة غير مسبوقة، وكان هناك شبكة غير مرئية تضم قرابة 1000 حالة أو ربما أكثر، ولم يعلم أحد عنهم شيئًا.

ومع انتقال العدوى من كل شخص من بين هؤلاء إلى شخصين أو ربما ثلاثة، لم يكن بالإمكان احتواء انتشار الفيروس أبدًا، حتى مع اتخاذ الإجراءات المثالية للسيطرة على الأزمة.

مع ذلك، لم يحذر المسؤولون الصينيون الشعب من خطورة الأزمة في ديسمبر. حتى 31 ديسمبر أبلغت بكين منظمة الصحة العالمية وأصدروا بيانًا في محاولة لطمأنة الجميع. قالت الحكومة الصينية، وقتذاك، "المرض يمكن الوقاية منه والسيطرة عليه".

غير أن توقيت تفشي كورونا في الصين كان سيئًا للغاية، خاصة وأن مئات الملايين من الناس كانوا يستعدون للعودة إلى مسقط رأسهم للاحتفال بالعام القمري الجديد.

حسب تحليل نيويورك تايمز، فإنه في مطلع يناير الماضي غادر حوالي 175 ألف شخص ووهان، وتسارعت وتيرة المغادرة من المدينة الصينية خلال الأسابيع الثلاثة المُقبلة، ليرحل عنها حوالي 7 مليون شخص، قبل فرض حظر السفر.

تؤكد الصحيفة الأمريكية أن الفيروس أصاب آلاف المسافرين.

2

وبحلول الوقت الذي أقرت فيه الحكومة الصينية خطورة الفيروس وإمكانية انتقال العدوى من شخص إلى آخر، كان الفيروس قد وصل بالفعل إلى بكين وشنجهاي وبعض المدن الرئيسية الأخرى في الصين.

وفي الـ23 من يناير الماضي، أغلقت السلطات مدينة ووهان، ونُفذ القرار في عدة مدن أخرى في الأسابيع القليلة المقبلة، وصدر قرار بحظر السفر تمامًا ومنع الانتقال من مكان إلى آخر في الصين. مع ذلك، ارتفع عدد المصابين داخل الصين بسرعة كبيرة.

وما زاد الطين بلة، هو أن الفيروس تمكن من التسلل إلى خارج الصين في مطلع يناير الماضي، خاصة وأن حركة السفر والانتقال كانت تسري بشكل طبيعي. حسب تحليل نيويورك تايمز، فإن الآلاف انتقلوا من ووهان إلى العديد من المدن في جميع أنحاء العالم.

ونقلاً عن البيانات الرسمية، فإن أكثر من 900 شخص انتقلوا إلى نيويورك الأمريكية بصورة شهرية، فيما وصل أكثر من 2200 إلى سيدني الأسترالية، وذهب أكثر من 15 ألف شخصًا من ووهان إلى العاصمة التايلاندية بانكوك، رغم إصابتهم بالحمى، الصداع، والتهاب الحلق.

ظهرت الحالات الأولى من كورونا خارج الصين في منتصف يناير، وكانت امرأة تبلغ من العمر 61 عامًا سافرت من ووهان إلى بانكوك بالرغم من شعورها بالأعراض التي حذرت منها منظمة الصحة العالمية.

3

وكذلك، ظهرت عدة حالات أخرى في طوكيو، وسنغافورة، وسيول، وهونج كونج، وأكدت الولايات المتحدة، في تلك الفترة، وجود إصابات بالقرب من سياتل.

يعتقد الباحثون، الذين ساهموا في تحليل نيويورك تايمز، أن حوالي 85 % من المسافرين المصابين لم يتم اكتشافهم، ولكنهم لا يزالوا مصادر انتقال للعدوى.

وفي نهاية يناير، وُضعت ووهان تحت الحظر الكامل، وعلقت شركات الطيران الرحلات المتوجهة إليها. وفي 31 من الشهر نفسه، أعلنت الولايات المتحدة منع دخول القادمين من الصين لغير الأمريكيين، وايقاف السفر إلى بؤرة انتشار الفيروس بصورة نهائية.

جاءت هذه الإجراءات بعد فوات الأوان. لفتت نيويورك تايمز إلى أن الفيروس كان قد تفشى بالفعل وصل إلى 30 مدينة داخل 26 دولة، بعد زيارة مسافرين من ووهان لأغلبها.

انتشر الفيروس محليًا، تحرك بسهولة في الأماكن الضيقة والمزدحمة مثل الكنائس والمطاعم، وأصاب الأشخاص الذين لم يسافروا إلى الصين في بداية الجائحة.

4

وفي مطلع مارس الجاري، سجلت إيطاليا وإيران وكوريا الجنوبية آلاف الحالات، ولم تعد الصين المحرك الرئيسي لتفشي الفيروس، على العكس تمكنت السلطات الصينية من احتواء الأزمة نسبيا، وأعلنت على مدار الأيام الماضية عدم تسجيل أي حالات محلية جديدة، مُشيرة إلى أن الحالات التي تكتشفها مستوردة.

استطاعت الصين إبطاء انتشار الفيروس من خلال إجراء اختبارات على المرضى، وتعقبهم وعزلهم، وبالتالي انخفض عدد الحالات الجديدة، وساعدت الإجراءات المماثلة إلى إبطاء انتشار كورونا في سنغافورة وهونج كونج وكوريا الجنوبية، ما يؤكد أنه من الممكن السيطرة على سرعة انتقال الفيروس.

في الولايات المتحدة، حيث تأخرت الإجراءات الاحترازية والاختبارات، علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السفر إلى معظم البلاد الأوروبية، وقال: "الفيروس لن يستطيع هزيمتنا"، ولكن بحلول ذلك الوقت، كان لكورونا موطئ قدم آمن داخل الولايات المتحدة. ولا يزال ينتشر في جميع أنحاء سياتل، نيويورك، وغيرها من الأماكن.

فيديو قد يعجبك: