إعلان

ثلاثية الخبز والإرهاب والديمقراطية تحسم.. من يحكم تونس بعد السبسي؟

11:03 م الخميس 12 سبتمبر 2019

احتجاجات سابقة لمواطنين في تونس - أرشيفية

كتب – محمد الصباغ:

بدأ التونسيون في الخارج عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية لاختيار خليفة للراحل الباجي قائد السبسي، وذلك في الاستحقاق الثاني بعد ثورة الياسمين عام 2011.

ويختار المواطنون في الداخل يوم الأحد رئيسًا جديدا، في تجربة ديمقراطية تشوبها المخاوف من الإرهاب وتراجع الاقتصاد، وذلك من بين 26 مرشحًا يمثلون فصائل مختلفة في المجتمع التونسي.

يحتاج أحد المرشحين إلى الحصول على نسبة تتخطى خمسين بالمئة حتى يفوز بالرئاسة من الجولة الأولى، وإذا لم يستطع أحدهم في الحصول على تلك النسبة، يتم الاحتكام إلى جولة ثانية في خلال أسبوعين من الإعلان عن نتيجة الجولة الأولى، على أن يتم الإعلان عن الرئيس الجديد في توقت أقصاه 17 أكتوبر المقبل.

شهدت الانتخابات للمرة الأولى في تونس مناظرات جمعت المرشحين عدا نبيل القروي الذي يخوض المعركة الانتخابية من سجنه، لاتهامه في قضايا فساد.

تابع التونسيون تلك المناظرات على القناة التونسية الحكومية على مدار 3 أيام متتالية، في محاولة ليقنع كل مترشح المصوتين باختياره. بدا المرشحون مرتبكون وعصبيون، في وقت لم يكن هناك وقت لمناقشات حقيقية حيث وقف عدد كبير من المرشحين أمام مذيعين اثنين يلقون الأسئلة.

على الرغم من ذلك امتلأت المقاهي بالمتابعين في تجربة هي الثالثة من نوعها في العالم العربي، بعد مناظرة رئاسية في موريتانيا في مارس 2007، وأخرى في مصر عام 2012 بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.

مع وفاة الرئيس التونسي السبسي في يوليو الماضي، بدأ المرشحون العمل سريعًا فأعلنت حركة النهضة الإسلامية عن مرشحها عبدالفتاح مورو، فيما قرر وزير الدفاع المدني عبدالكريم الزبيدي الاستقالة من منصبه لخوض الانتخابات، ومثله فعل رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد.

وصلت نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة عام 2014 إلى 63%، وانتصر فيها السبسي على المنصف المرزوقي المرشح هذه المرة أيضًا.

يذكر أن حركة النهضة التونسية كانت قد أعلنت عدم دعمها لأي من السبسي أو المرزوقي في الانتخابات السابقة، لكن الرئيس الراحل أكد أن الحركة الإسلامية قد صوّت أفرادها للمرزوقي.

ومع إعلان النهضة عن ترشيح مورو ووجود المرزوقي، يبدو أن كل منهما سوف يخسر كتلة لصالح الزبيدي الذي رشحه حزب نداء تونس بديلا للسبسي.

أما يوسف الشاهد فهو رجل، بحسب مجلة إيكونومست البريطانية، بالنسبة للكثيرين في تونس يقدم نفسه كحاكم من الطراز القديم، وتسبب برنامجه الاقتصادي خلال رئاسته للحكومة في آلام كبيرة للمواطنين.

تسجل هذه الانتخابات رقما قياسيا من حيث عدد من يحق لهم الانتخاب، ووصل إلى حوالي 7.5 مليون شخص أغلبهم من النساء والشباب ويتراوح عمرهم بين 18 و35 عاما.

وبحسب بيانات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فإن نسبة النساء والشباب تمثل 63% من أعداد من يحق لهم التصويت.

الحرية والأمن والخبز؟

عانت تونس في السنوات الأخيرة من سلسلة ضربات في الاقتصاد والأمن، في وقت سارت فيه بخطوات نحو ترسيخ الديمقراطية وسط إشادات دولية بخطوات الحكومة.

من أبرز ما مرت به تونس كان مقتل المعارض اليساري شكري بلعيد على يد إرهابيين في عام 2013، كحادث بارز تسبب في الإطاحة بحزب النهضة الإسلامي من رئاسة الحكومة، لتحل بدلا منه حكومة تكنوقراط.

وتم تشكيل دستور في البلاد عام 2014، لينص على حريات شخصية وحقق للأقليات، وجعل السلطة مشاركة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

وتعرضت البلاد لعدد من الهجمات الإرهابية أبرزها هجوم سوسة عام 2015، والذي ضرب السياحة التونسية في مقتل بعدما لقي 38 سائحا مصرعه بعد هجوم مسلح. وتبعه تفجير انتحاري في نفس العام بالعاصمة أسفر عن مقتل 12 شخصًا.

وربما جعلت تلك الأحداث التي سبقت انتخاب السبسي وبعده، الطالب خميس بونجيشه يتحدث لمجلة إيكونومست قائلًا، إن هناك انتخابات أخرى سوف تشهدها البلاد "لكن لا شئ يحدث. لا أرى ما يجعلني أشعر بالتفاؤل".

ربما شجع ذلك المرشحة عبير موسى على عدم الحديث عما حدث في 2011 باعتباره ثورة، وقالت إن ما حدث كان "استيلاء غير شرعي على السلطة".

وبحسب الوكالة الفرنسية فإن أفكار موسى التي تدافع باستماتة عن نظام المخلوع زين العابدين بن علي، ربما تجد تفاعلا كبيرا بين التونسيين.

وقالت موسى في أحاديثها الإعلامية إنها لا تريد سوى "دولة قوية"، وتابعت "حرية التعبير تخفي فشلا اقتصاديا"، ومشيرة إلى أن الإطاحة بنظام بن علي لم يكن "ثورة بل حراكا اجتماعيا موجها لغايات سياسية"، وألقت الاتهامات نحو دور قوى أجنبية لم تحددها.

أما الباحث من منظمة "بوصلة" سليم الخراط، فأكد أن "الانتخابات مفتوحة على كل الاحتمالات، والدليل على ذلك حرية في الترشح وكذلك وجود منافسة حقيقية".

لكن المنافسة الديمقراطية وتطبيقها لا يمكن أن تتحرك بتونس، في ظل المخاطر الاقتصادية والأمنية التي تشغل بال التونسيون بشكل كبير.

وفي تقرير لوكالة رويترز نشرته، الثلاثاء، نقلت عن مواطنين تونسيين معاناتهم وسط الفقر وحالهم الذي أصبح أسوأ في السنوات الماضية من عام 2011.

نقلت الوكالة عن منذر الجوادي (45 عاما) أحد سكان بلدة فرنانة بمنطقة وادي البربر، قوله "الديمقراطية لا تعني لنا شيئا سوى أنها حديث يردده السياسيون عبر شاشات التلفزيون".

وأضاف "أنا أعاني جاهدا من أجل إطعام أطفالي الثلاثة ولا أحد يهتم بنا. لماذا تذكرونا فجأة؟ أين حلولهم للمنطقة؟ هل سنأكل أو نشرب الديمقراطية؟"

من جانبه أوضح الباحث في العلوم السياسية بجامعة لندن، ماكس جالين، في تقرير لوكالة الأنباء الألمانية إن ما يحدث في تونس "ثراء" ديمقراطي "لا يصدق"، في إشارة إلى عدد المرشحين وتوجهاتهم المختلة.

لكنه تحدث أيضًا عن أشياء تنذر بالخطورة بينها المشاكل الاقتصاية التي تواجه تونس، "ترتفع نسبة البطالة بشكل هائل بين خريجي الجامعات، وألغي الكثير من الدعم مؤخرا على البنزين والأغذية، وارتفعت الأسعار. وكثيرا ما كانت هناك إضرابات ومظاهرات ضد الحكومة."

وشهد الإنفاق العام في تونس انخفاضا حادا، ويهدف بحسب الحكومة إلى إصلاح الموازنة العامة وخفض عجزها. وبحسب الإحصائيات الرسمية فإن معدلات البطالة ارتفعت إلى نسبة 15.2% مقارنة بما كانت عليه عام 2010 حيث وصلت إلى 12%.

فيديو قد يعجبك: