إعلان

"رعب تركي".. أردوغان يواجه تصعيدا خطيرا في صراع "غاز المتوسط"

02:01 م الجمعة 12 يوليه 2019

أردوغان

كتبت – إيمان محمود:

قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن الإجراءات الاستفزازية التي قامت بها تركيا بإرسال سفينتي حفر في المياه القبرصية للتنقيب عن الغاز الطبيعي جاءت ردًا على إجراءات أكبر من دول قبرص واليونان ومصر وإسرائيل، حينما قاموا بإبعاد أنقرة عن سوق الغاز في شرق البحر المتوسط.

وأضافت الصحيفة أن الجبهة التي شكلتها الدول الأربع، والمكونة من شراكات أمنية مترابطة بين منتجي الغاز الطبيعي الحاليين في المنطقة، تحظى بدعم متزايد من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وكل منهم لديه استثمارات اقتصادية كبيرة في هذا الغاز.

فيما حذرت الصحيفة من أن يتسبب دعم أعضاء حلف الناتو لذلك الرباعي، في الدفع بدوامة من التصعيد في شرق المتوسط، وهو ما يمكن أن يؤول إلى تغيّر علاقة تركيا بحلف الناتو بشكل دائم.

البداية

في الثالث من مايو الماضي، أعلنت تركيا رسميًا عبر "نافتكس" -وهو نظام تلكس بحري دولي- أن السفينة التركية ستنقب عن الغاز الطبيعي قبالة الساحل الجنوبي ساحل الجمهورية القبرصية، ما دفع شركاء الأخيرة الإقليميين بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي لإطلاق التحذيرات لأنقرة.

وأصدرت فريديريكا موريني، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، تحذيرًا شديد اللهجة إلى أنقرة، قائلة: "ندعو تركيا بشكل عاجل إلى التحلي بضبط النفس واحترام الحقوق السيادية لقبرص في منطقتها الاقتصادية الخالصة والامتناع عن أي تصرّف غير قانوني"، مؤكدة تضامن الاتحاد الأوروبي التام من قبرص.

وردت وزارة الخارجية التركية، بإلقاء اللوم بشكل صريح على قبرص، قائلة "الحكومة القبرصية الجنوبية تعرّض بشكل غير مسؤول أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط للخطر، من خلال تجاهل الحقوق غير القابلة للتصرف للقبارصة الأتراك، أصحاب جزيرة قبرص.. يرفضون كل اقتراح للتعاون ويصرون على أنشطة من جانب واحد رغم كل تحذيراتنا ".

وفي فبراير من العام 2018، حاولت أنقرة إرسال رسالة إلى مصر، وقبرص، والاتحاد الأوروبي من خلال حركة بحرية محدودة.

وتتفاوض القاهرة ونيقوسيا لتسويق غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا باستخدام خط الغاز الطبيعي في مصر ليصل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي.

وفي الـ8 من فبراير من العام ذاته، أعلنت شركة إيني الإيطالية للطاقة، التي اكتشفت حقل الغاز الطبيعي الضخم "ظهر" في مصر والمجاورة للمياه الإقليمية القبرصية في عام 2015، عن اكتشاف مهم للغاز في حقل كاليبسو المجاور في قبرص.

وبعد أسبوعين، تحديدًا في 23 فبراير، حاصرت البحرية التركية سفينة الحفر التابعة لشركة إيني قبل أن تتمكن من الوصول إلى موقع الحفر المقصود في المياه القبرصية، مما أجبر الشركة على سحب السفينة.

وعلى عكس النتيجة التي كانت ترجوها أنقرة، دفع الاستفزاز التركي إلى موافقة قبرص على إرسال الغاز إلى مصر لتصديره لأوروبا، بحسب الصحيفة.

وقالت الصحيفة، إن إسرائيل التي كانت تفكر ذات يوم في إنشاء خط أنابيب للغاز تحت البحر بينها وبين تركيا، اتبعت خطى قبرص ووقعت اتفاقاً لتصدير الغاز إلى مصر لتصديره إلى أوروبا.

وأضافت أن قبرص تحتل الآن موقعًا أكثر أهمية من خلال شراكتها في مجال الطاقة مع مصر وإسرائيل، وبالتالي أهمية جغرافية سياسية أكبر للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لكن في الوقت ذاته مازالت تركيا تصرّ على التنقيب شمال المتوسط.

وقبل أسابيع، أرسلت تركيا سفينة "فاتح" إلى البحر المتوسط، قبل أن تعلن مؤخراً أنها بدأت عمليات تنقيب، ونهاية الشهر الماضي أرسلت أنقرة سفينة ثانية "يافوز" وصلت قبل أيام إلى مناطق محاذية لقبرص، إذ أعلن وزير الطاقة التركي، فتحي سونميز، يوم السبت الماضي، أن السفينة سوف تبدأ التنقيب قبالة قبرص الأسبوع المقبل.

والأربعاء الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في تصريحات أدلى بها للصحافين على متن الطائرة التي عاد فيها من البوسنة أن السفن التركية تواصل بالفعل عمليات البحث والتنقيب عن الغاز والنفط قبالة قبرص، مشدداً على أن بلاده سوف "تواصل دعمها لحقوق القبارصة الأتراك".

الآثار

تضع تصرفات تركيا، قبرص في وضع غير متكافئ، إذ أن أسطول قبرص البحري يفتقر إلى سفن حربية كبيرة وبالتالي لا يمكن أن ترد ردًا رادعًا على تلك الاستفزازات، ورغم إدانات الاتحاد الأوروبي المستمرة، ضاعفت تركيا من نشاطها المثير للجدل بإعلانها يوم 12 مايو أنها سترسل سفينة حفر ثانية، إلى المياه القبرصية.

ومن المتوقع أن تصل السفينة التركية إلى موقع الحفر في منتصف يوليو الجاري، إذ تبدأ عمليات الحفر في المياه قبالة الساحل الجنوبي لشبه جزيرة كارباس التي تقع في الجانب الشرقي لقبرص.

وحاولت قبرص تطوير مستوى من الردع الفعال من خلال جذب القوى البحرية الغربية إلى جانبها - مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا- لكن تعثرت جهودها بسبب أنها ليست عضوًا في حلف الناتو.

وتهدف قبرص إلى الحصول على التصريحات السياسية من الاتحاد الأوروبي والدول الرئيسية الأعضاء بالاتحاد -إلى جانب الإجراءات القانونية مثل إصدار أوامر اعتقال دولية لأفراد طاقم سفن الحفر والشركات المتعاونة مع شركة البترول التركية، أي أنها تسعى إلى خلق سياق دبلوماسي لتعميق التزامات دول الناتو العسكرية تجاه قبرص، بحسب الصحيفة.

أما اليونان، فتلعب دورًا مهمًا في التوسط في هذه العملية، وترى الصحيفة أنه على الرغم من أن اليونان عضو في حلف الناتو إلا أنها ملتزمة بالدفاع عن قبرص في حالة وقع هجوم من جانب تركيا.

وتم توقيع مبدأ الدفاع المشترك بين كلا من اليونان وقبرص، في عام 1993.

أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن دعم واشنطن القوي للمحاذاة اليونانية التي تقودها اليونان وقبرص ضد تركيا أزعج الأخيرة.

الخُلاصة

ترى الصحيفة أن تصرفات تركيا يجب أن تُفهم في المياه المحيطة بقبرص على أنها ردود فعل على تصور أنقرة لسياسة الاحتواء المتشددة من جانب أمريكا والعديد من حلفائها الآخرين في حلف الناتو ذوي المصالح الاقتصادية في الغاز الطبيعي لشرق المتوسط.

وأوضحت الصحيفة أن إعلان تركيا إرسال سفينة الفاتح إلى المياه القبرصية حدث بعد أسابيع قليلة فقط من تقديم قانون شراكة الطاقة والأمن لشرق المتوسط في مجلس الشيوخ الأمريكي.

وقالت الصحيفة إن تورط فرنسا في شرق البحر المتوسط فاجأ أنقرة، وذلك مع تزايد التكهنات حول نشاط بحري فرنسي جديد حول شواطئ قبرص. لافتة إلى تهديد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتركيا في 14 يونيو، بفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي إذا لم توقف أنشطة الحفر.

وأضافت أن "طبيعة الرعب التركي تنعكس على رد أردوغان. في حديثه للصحافة، إذ تحدث قائلاً: "متى كان لفرنسا الحق في التحدث عن شرق البحر المتوسط؟ هل لديهم ساحل في شرق البحر المتوسط؟ نحن واحدة من الدول الضامنة في قبرص. اليونان والمملكة المتحدة هي أيضا من الدول الضامنة. ماذا تفعل فرنسا هناك؟".

واستطردت: "ستزيد تركيا من مقاومتها لهذا الاحتواء، وتضع حصصًا لحماية مصالحها، كما هو الحال مع سفينتي الحفر، وفي المقابل؛ ستؤدي هذه الإجراءات إلى رد من الجانب الآخر، مما يخلق حلقة تصعيد خطيرة ستغير علاقة تركيا بحلف الناتو بشكل دائم.​

فيديو قد يعجبك: