إعلان

"يبدو مهزومًا".. كيف ظهر "شبح داعش" بعد 5 سنوات من الاختفاء؟

01:37 م الثلاثاء 30 أبريل 2019

أبوبكر البغدادي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن ظهور زعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي، في مقطع مُصوّر علني للمرة الأولى منذ 5 سنوات، كان يحمل رسالة للعالم مُفادها أنه: مازال على قيد الحياة، وما زال يترأس التنظيم الإرهابي، وأن تنظيمه سيُواصل تجنيد متطرفين عبر شبكاته السرية لتنفيذ عمليات إرهابية مُفجِعة يصعُب التنبؤ بها.

جاء ذلك ليُدحِض الشائعات التي تتوارد من حينٍ لآخر عن مقتل البغدادي، والذي جعل زعيم تنظيم داعش يبدو وكأنه "قطًا بسبعة أرواح". الأمر الذي ضرب عامل المِصداقية في أي رواية تخص وفاته "في مقتل".

وفي الفيديو الذي حمل عنوان "في ضيافة أمير المؤمنين"، ظهر البغدادي لأول مرة منذ عام 2014، مُفترشًا الأرض بجانب آخرين أُخفيت وجوههم لمدة 18 دقيقة، وبدا أنه زاد وزنه، وظهر بلِحية طويلة بيضاء ومُحنّاة على الأطراف، واضِعًا منديلًا أسود على رأسه.

1

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن كولين بي. كلارك، زميل مركز صوفان للأبحاث، قوله إن "البغدادي ظل مُتواريًا عن الأنظار لمدة طويلة، الأمر الذي يُرجّح أن يكون ظهوره العلني المُفاجئ محاولة لدعم أنصار تنظيمه ومُقاتليه المُتبقين، وكذلك حافزًا للجماعات المتطرفة الصغيرة من أجل التحرّك لتنفيذ عمليات إرهابية".

وأضاف كلارك أن "البغدادي يسعى لإعادة تأكيد أنه يتربّع على قمة التنظيم، ليس في سوريا والعراق فقط، وإنما على نطاق أوسع، يتعلّق بامتيازات التنظيم والمؤسسات واسعة الانتشار التابعة له".

وقال البغدادي في التسجيل المُصوّر: "معركة الباغوز انتهت، ولكن معركتنا مع الأعداء مستمرة"، مؤكدًا مقتل عدد من قادة التنظيم الإرهابي الذي أشار إلى أنه نفذ 92 عملية إرهابية في 8 دول حول العالم مؤخرًا.

ويُعد هذا الظهور الأول للبغدادي منذ تمكّن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من القضاء على "دولة الخلافة" في مارس الماضي، وسقوط معقله الأخير في منطقة الباغوز شمال شرق سوريا، التي أسّسها عام 2014 بعد سيطرته على أراضٍ في العراق وسوريا. كما يتزامن مع الذكرى الخامسة لتأسيس تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، الذي عُرف لاحقًا بـ"داعش".

ولا يبدو واضحًا متى أو أين تم تسجيل الفيديو الدعائي، لكن الأجزاء الأخيرة منه التي تحدّث فيها البغدادي عن أحداث راهنة مثل تفجيرات سريلانكا، تم تسجيلها صوتيًا، ما يُرجّح أن يكون تم تسجيل الفيديو قبل أسابيع، ثم أُضيفت إليه مقاطع صوتية لأحداث وقعت لاحقًا، وفق الصحيفة.

وتبنّى البغدادي، في التسجيل المُصوّر، هجوم سريلانكا الذي راح ضحيته أكثر من 300 شخص منتصف أبريل الجاري، بعد تفجيرات انتحارية مُنسّقة استهدفت ثلاث كنائس وأربعة فنادق فخمة. كما أعلن مسؤوليته عن عملية الزلفي وسط السعودية، التي استهدفت مقرًا أمنيًا الأسبوع الماضي.

بحسب الصحيفة، فهناك الكثير من التغيرات طرأت على داعش منذ إعلان البغدادي ما يُسمى بـ"دولة الخِلافة" من جامع النوري بالموصل في 2014؛ إذ أن التنظيم لم يكن مُجرد جماعة متطرفة، وإنما كان يعِدّها لتكون"دولة" تحكم وفقًا لأيديولوجيات متطرفة.

وجذبت هذه الفكرة عشرات الآلاف للتنظيم من مختلف أنحاء العالم، ممن سكنوا داخل "دولة" بحجم بريطانيا امتدت عبر العراق وسوريا، وضمّت الملايين من الأشخاص. لكن الآن سقطت هذه الدولة بعد 4 أعوام من ظهورها، بهزيمة ساحقة مُنيت بها الشهر الماضي في بلدة الباغوز بدير الزور شرقي سوريا، آخر البقاع التي كان يُسيطر عليها التنظيم، وفق نيويورك تايمز.

وأشارت الصحيفة إلى أن الفيديو ظهر في وقت حرج للتنظيم. وعلى الرغم من الحديث عن هزيمة التنظيم، يُعتقد أنه ما زال لديه الآلاف من المقاتلين الذين ينتشرون بين العراق وسوريا.

كما أن داعش وإن كان قد فقد أراضيه في العراق وسوريا، فإنه توسّع في الخارج، وتحوّل إلى أنصاره وأتباعه وأفرعه في جميع أنحاء العالم لشن هجمات إرهابية، آخرها تفجيرات سريلانكا الدامية التي وقعت الأسبوع الماضي، وأوقعت ضحايا أكبر مرتين من ضحايا هجمات باريس عام 2015، وفق النيويورك تايمز.

وبينما يُعد البغدادي واحدًا من أكثر الرجال المطلوبين على هذا الكوكب، قالت الصحيفة إن مكان وجوده لا يزال لُغزًا.

وذكرت أنه لا تتوافر الكثير من المعلومات في هذا الشأن ولا يُعرف كيف قضى زعيم تنظيم داعش، المُلقّب بـ"الشبح"، سنواته الخمسة الماضية؛ لاسيّما وأنه كان نادر الظهور العلني، وكان يكتفي بإصدار عدة رسائل صوتية من حينٍ لآخر لتوجيه أتباعه ومُقاتليه، فيما يبدو أنه كان يتحاشى الظهور عبر الفيديو لدواعٍ أمنية.

ورجّحت أغلب التقارير الأمنية أن يكون البغدادي موجودًا في الصحراء ذات الكثافة السكانية المنخفضة المُمتدة على طول الحدود بين العراق وسوريا. وقال مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية ومكافحة الإرهاب، إن البغدادي يتجنّب جميع الأجهزة الإلكترونية التي يمكن أن تحدد موقعه، وربما يتصل من خلال شركات النقل.

2

وما زال البغدادي هدفًا أوليًا لوكالة الاستخبارات الأمريكية وقيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة للجيش الأمريكي. ورغم إرسال واشنطن قوة الدلتا التابعة للقوات الخاصة لاغتيال البغدادي أكثر من مرة، وتوارد شائعات مقتله في أكثر من مناسبة، جاء ظهروه ليُدحض كل ذلك.

ولم تُعلّق الاستخبارات الأمريكية على الفور على فيديو البغدادي الذي نشرته مؤسسة "الفرقان" الدعائية التابعة للتنظيم الإرهابي عبر تطبيق "تليجرام". وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات ترشد إلى مكانه.

واعتبرت الصحيفة أن الفيديو محاولة لإظهار أن البغدادي ما زال نشطًا ومتابعًا لما يجري حوله، رغم إخفاقات تنظيمه، وهو ما بدا جليًا في إشارته العابرة إلى الانتخابات الإسرائيلية والاحتجاجات الشعبية التي أطاحت برئيسيّ السودان والجزائر بعد عقود على رأس السلطة.

كما دعا عددًا من قادة داعش بالاسم، من بلجيكا وأستراليا والسعودية، بما يُشير إلى أن التنظيم الإرهابي أصبح "منظمة متعدة الجنسيات".

وقال ليث الخوري، المدير بمنظمة فلاش بوينت التى تقيم التهديد الإرهابى العالمى، إن "البغدادي يُقدّم الجانب المتواضع من نفسه في هذا الفيديو، بخلاف آخر ظهور له الذي بدا خلاله وكأنه يقف على قمة العالم، مدعومًا بإنجازات تنظيمه".

وأضاف "في مقطع الفيديو الأخير، يبدو البغدادي مهزومًا، لكن بالنسبة لقاعدته، فإنه ينهض من جديد".

فيديو قد يعجبك: