إعلان

في ذكرى تأسيسه.. مصراوي يحاور معتقلين سابقين في جوانتانامو: هنا لا يوجد بريء

04:49 م الأحد 20 يناير 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – محمد عطايا:

في تمام الساعة العاشرة صباحًا، يوم الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001، دوت أصوات الاستغاثات من بين ركام، ناتج عن تفجير برجي التجارة بالولايات المتحدة، وملأت جميع أنحاء العالم.

يتلقى محمدو ولد صلاحي، مهندس اتصالات موريتاني، خلال تواجده في بلاد المهجر ألمانيا، مكالمة من "أبو حفص الموريتاني"، ابن عمه، يحثه فيها الأخير على امداده ببعض الأموال.

على بعد آلاف الكيلو مترات، يقضي الشاب اليمني منصور الضيفي يوم عادي في باكستان، تلك الدولة المليئة بالمجاهدين السنة. ولم يكن حينها الشاب العشريني صاحب مهنة تميزه بين أقرانه.

بالانتقال إلى فيرفاكس بولاية فيرجينيا، يتحرك رجال متجهمي الوجه، مرتدين بِذات سوداء، داخل مقر المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، التي يقع عليها عاتق كشف مدبري أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

بتغير درامي في الأحداث، يجد ولد صلاحي ومنصور الضيفي، أنفسهما مكبلين، ومقتادين معصوبي الأعين إلى كوبا، استعدادًا لنقلهما إلى معتقل يجرى افتتاحه حديثًا تحت مسمى "جوانتانامو".

قبل الكارثة بعشرين عامًا

تورطت الولايات المتحدة في أفغانستان، خطأً بسبب حرب الاتحاد السوفيتي ضد الدولة الإسلامية، فانخرطت واشنطن بدعمها لحركة "الجهاد الأفغانية"، التي انبثق عنها فيما بعد إلى تنظيم القاعدة.

2019_1_20_16_48_59_392

مولت أمريكا والسعودية والصين وباكستان، الحركة لمحاربة التدخل السوفيتي ودعمت للحكومة الأفغانية، إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة، وتدفق "المجاهدين" من أرجاء العالم الإسلامي، لنصرة "السنة" المتجسدة في المقاومة أمام "الماركسية" الروسية.

نهاية الثمانينات خرج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، إلا أن تنظيم القاعدة مارس نشاطه، وظهر للتنظيم عدة مكاتب في دول العالم، من بينهم أمريكا نفسها.

في تلك الفترة، كان ولد صلاحي، من بين "المجاهدين" المنتمين للتنظيم، الذي صنعته الولايات المتحدة في البداية، وأسست له المعتقل الأكثر قسوة في العالم لاحقًا.

بعد تبني القاعدة عدد من العمليات التي استهدفت المصالح الأمريكية، تم تصنيف التنظيم كجماعة إرهابية في عدد من الدول، من بينها أمريكا، وروسيا، والسعودية، وباكستان، ومصر.

وصل الأمر إلى الذروة، بتفجير برجي التجارة العالمي، ليجعل الولايات المتحدة تتخذ موقفًا صارمًا أو متطرفًا في وجهة نظر البعض، بإلقاء القبض على كل من كان له صلة من قريب أو بعيد بتنظيم القاعدة منذ سنة المنشأ وحتى العام 2001، وما بعده.

"70 يوما بدون نوم"

في الذكرى السابعة عشر لتأسيس وافتتاح معتقل جوانتانامو في 11 يناير 2002، حاور موقع "مصراوي"، معتقلين سابقين جرى إطلاق سراحهما مؤخرًا.

كانت المخابرات الأمريكية قد ألقت من 2001 إلى 2002، القبض على حوالي 700 شخص من جميع أنحاء العالم، بتهمة الإرهاب، والتورط في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.

يتذكر ولد صلاحي ما حدث منذ 18 عامًا، عندما ذهب في أجازة قصيرة إلى عائلته في موريتانيا لزيارة والدته المريضة، بعد فخ نصبته له المخابرات الأمريكية، بدعوى أن ذويهم يمر بأزمات، ويجب أن يعود.

2019_1_20_16_48_57_767

أكد ولد صلاحي لـ"مصراوي"، أنه سافر من موريتانيا لألمانيا بسبب المنحة الدراسية التي حصل عليها مهندس الاتصالات نتيجة تفوقه الدراسي، موضحًا أنه توجه إلى أفغانستان بعد مشاهدته مذابح الروس هناك.

لم يكمل ولد صلاحي مسيرته في أفغانستان، ليخرج منها ولم يطلق رصاصة واحدة، على حد وصفه.

بحسب المعتقل السابق، انتقل من موريتانيا إلى الأردن، ثم إلى سجن قاعدة باجرام في أفغانستان، حيث واجه هناك تحقيقات أولية.

في باجرام تولّى التحقيق معه عميل سي آي إيه، يجيد الألمانية، قال "هنا لا يوجد بريء". وأضاف المحقق: "اقنع نفسك من الآن بأنّك مصاب بالسرطان".

في الرابع من أغسطس من العام 2001 غادر ولد صلاحي أفغانستان ووصل إلى جوانتانمو بعد 30 ساعة من الطيران.

في حديثه لمصراوي، أكد أن تلقى شتى أنوااع التعذيب في جوانتانامو، بعدما أجبره المحققون على أن يظل مستيقظا لمدة 70 يومًا، لا ينام منهم إلا غفوًا.

خلال تلك الأيام، ينهال المحققون عليه بالضرب والتعذيب، موضحًا –ولد صلاحي- أنه كان يعالج سريعًا حتى لا يظهر عليه أية أثار للجروح.

يعاني المعتقل الموريتاني السابق في جوانتانامو حاليًا من بعض الأمراض، التي يسعى جاهدًا للعلاج منها، كاشفًا أن الولايات المتحدة تتعنت ضده، وترفض حتى تلك اللحظة إعادة أوراقه رغم احتياجه للعلاج.

اتهم ولد صلاحي الحكومة الموريتانية بالتواطئ مع واشنطن لتسليمه، حيث رفضت الحكومة الألمانية القيام بالفعل ذاته في 2001، إلا أن نواكشوط استغلت توجهه لزيارة والدته واعتقلته وسلمته للحكومة الأمريكية، ليقبع هناك مدة 14 عامًا.

"أنا أسامة بن لادن"

"اعتقلت لمدة 15 سنة، وكنت مستعد خلالها الاعتراف بأي شيء، حتى الإدعاء بأنني أسامة بن لادن، والمسؤول عن 11 سبتمبر، أو تفجير الأرض والقمر"، هكذا وصف المعتقل اليمني، منصور الضيفي، أوضاعه في جوانتانامو، مؤكدًا أنه كان يرغب في أن توجه له تهمة واحدة حتى.

37958615_120437552217551_8778809262060077056_n

أوضح الضيفي في حديثه لمصراوي، أن اعتقاله في جوانتانامو لم يكن مبررًا، والهدف الوحيد منه هو التعرف على عقلية "المواطن العربي"، حتى يتمكن الأمريكيون فيما بعد من القتال بنجاح في الشرق الأوسط، فطوال 15 عامًا قضاهم داخل القاعدة العسكرية الأمريكية في كوبا، لم توجه له تهمة واحدة.

يلقب الأمريكيون معتقل جوانتانامو بـ"كامب دلتا"، الذي لا يصلح فيه القانون الأمريكي أو الكوبي، وذلك بحسب تصريحات لحراس السجن السابقين، الذين أوضحو أنهم استخدموا شتى أنواع التعذيب حتى وصل بعض المعتقلين لحالة الجنون.

استطرد الضيفي "اعتقلت 15 سنة تقريبًا، بعدما جرى بيعي من السلطات الباكستانية إلى المخابرات الأمريكة في 2001 حتى أطلق سراحي في العام 2016".

المواطن اليمني الذي يعيش حاليًا في صربيا، أكد أنه لا يوجد أي تهم لأي شخص، فبعد حادث تفجير البرجين، كانت المخابرات الأمريكية وخاصة داخل باكستان كانت "تصطاد" أي عربي ليتم بيعه، لافتًا إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني السابق برويز مشرف اعترف بما حدث بين حكومته والأمريكان في كتاب "خط النار".

وأضاف أن الأوضاع قبل تولي الرئيس السابق باراك أوباما، حكم أمريكا، مزرية للغاية، نتيجة ما وقع عليهم من تعذيب جسدي، موضحًا أن الأمور تحسنت بعد ذلك قليلًا، إلا أنه بالرغم من ذلك فقضاء عقدين من الزمن داخل معقتل ليس بالأمر الهين.

لم يتلق الضيفي أو ولد صلاحي، أية تعويضات مادية من الحكومة الأمريكية، عن الاعتقال "دون تهمة". وأوضح المعتقل اليمني، أن المطالبة بتعويض تتخذ إجراءات، ووقت طويل.

فيديو قد يعجبك: