إعلان

قراءة في كتاب الخوف: كيف خلقت "شارلوتسفيل" حربًا أهلية في واشنطن؟(الحلقة 9)

10:47 ص الجمعة 21 سبتمبر 2018

كتاب الخوف

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد عطايا:

تحدث الكاتب الصحفي الأمريكي البارز بوب وودورد في كتابه "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" عن تفاصيل جديدة عن أحداث تشارلوتسفيل، والتي خلقت تقريبًا حربًا أهلية، وأشعلت الغضب إزاء إدارة الرئيس الأمريكي، والتي واجهت اتهامات بالانحياز لصالح المتطرفين البيض المعروفين باسم "النازيين الجدد".

يقول وودورد، في أحد فصول الكتاب، إن ترامب كان على وشك عقد مؤتمر صحفي في برجه التجاري للتحدث عن البنى التحتية في بلاده، وقبل دخوله القاعة حذره جميع مستشاريه من السماح للصحافيين بأي سؤال حول حادثة شارلوتسفيل، التي وقعت العام الماضي بين مجموعة من المتطرفين البيض وأخرى تلقب نفسها بـ"النازيين الجدد"، بعد احتجاجات على إزالة تمثال قائد القوات الكونفدرالية في الحرب الأهلية الأمريكية.

وافق ترامب على المقترح قائلًا: "لم أكن اخطط لذلك"، إلا أنه مع بداية المؤتمر تلقى اسألة بالفعل عن الحادثة، ليجيب: "سأتحدث بما لم يجرؤ أحدًا على قوله، لم يكن جميع المحتجين من النازيين الجدد، ولم تكن الجهة الأخرى جميعها من القوميين البيض، والمناهضين للعبودية. فعدد كبير من المتواجدين حينها حضروا للتظاهر على إزالة تمثال روبرت لي"، مضيفًا: "اتسائل هل سيكون إزالة تمثال جورج واشنطن الأسبوع القادم؟ أو توماس جيفيرسون الأسبوع الذي يعقبه؟ فالإثنين كانا يملكان عبيد، فمتى يتوقف ذلك؟".

الجنرال روبرت إدوارد لي، أحد أهم رموز الحرب الأهلية الأمريكية، إلا أنه كان محل إثارة غضب اليمنيين المتطرف، بسبب حيازته للعبيد.

قبل أن يتحدث ترامب بجملته القادمة، نظر إلى مستشاريه، ثم إلى الصحافيين مرة أخرى: "الجانبين مذنبين"، مضيفًا: "وبالرغم من ذلك كان يوجد أناس أبرياء في الجهتين، فهناك وجهين للقصة".

تصريحات ترامب في تلك الليلة، ولدت انفجار من ردود الأفعال، وكتب ديفيد دوك، القائد السابق لطائفة "كو كلوكس كلان"، وهي منظمة تؤمن بالتفوق الأبيض ومعاداة السامية والعنصرية، عبر تويتر: "شكرًا أيها الرئيس ترامب كونك صادقًا وشجاعًا للبوح بالحقيقة حول شارلوتسفيل".

إلا أن رد الفعل الأقوى كان من قيادات الجيش الأمريكي الذي اعتبروا إهانة الرئيس الجنرال روبرت لي أحد رموز الحرب الأهلية غير مقبولًا، ووجهوا عبارات مسيئة لقائدهم العام ترامب، حيث غرد رئيس العمليات البحرية، الأدميرال جون ريتشاردسون: "أحداث شارلوتسفيل غير مقبولة، ولا يجب التسامح معها، والقوات البحرية الأمريكية تقف دائمًا ضد أعمال الكراهية".

كما كتب قائد قوات "المارين" البحرية الجنرال روبرت بي نيلر عبر "تويتر": "لا مكان للكراهية والعنصرية أو التطرف في قوات المارين الأمريكية، فنواة تحركاتنا مبنية على الشرف والقيم، والشجاعة، وطريقة حياة قوات المارين".

فيما قال رئيس موظفي الجيش الأمريكي، مارك ميلي: "قواتنا لا تتسامح مع العنصرية، أو التطرف، أو الكراهية. فتلك الصفات ضد مبادئنا، وهو ما نحافظ عليه منذ 1775".

كينيث فرازير، رئيس شركة "ميرك"، قدم استقالته من منصبه كأحد المديرين التنفيذيين لمجلس التصنيع الأمريكي، وهو جهة اقتصادية تقدم المشورات لترامب، معللًا ذلك: "قادة أمريكا يجب أن يحافظوا على قيمنا النقدية، برفض الكراهية والتفرقة بكل وضوح وصدق".

وبعد أيام قليلة من استقالة فرايزر، قدم المدير التنفيذي لشركة "أندر أرمور أند أنتيل"، استقالته من المجلس أيضًا.

عقب أزمة تصريحات شارولتسفيل، سافر كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين جاري كوهن، في الثامن عشر من أغسطس إلى شرق مدينة هامبتون، بولاية نيوجيرسي، حاملًا معه استقالته ليقدمها إلى ترامب، فلم يعد يحتمل ما حدث مع ابنته، بعدما رسم بعض المتطرفين على خزانتها المدرسية الصليب المعكوف.

وقال كوهن للرئيس: "أصبح منصبي غير مريحًا أمام عائلتي، ولا أريد أن يكون قرار استقالتي متسرعًا ولكن.."، ليجيبه ترامب: "أنت لا تعلم ما تتفوه به حاليًا".

قاطعه كوهن: "هل رأيت الفيديوهات من الحادثة، فلتلقي نظرة عليها، فالقوميين البيض يسيرون في الشوارع بشعارات اليهود لن يحلوا مكاننا"، مضيفًا: "لا يمكنني العيش في عالم كهذا".

بعد مرور عدة أيام، دخل كوهن البيت الأبيض، حيث تواجد ترامب وزوجته وكبير موظيفه جون كيلي، وقبل أن يصل إلى مكتب الرئيس، قاطعه الأخير قائلًا: "أنت هنا لتستقيل، صحيح؟"، ليجيبه مستشاره الاقتصادي: "نعم، أنا هنا لذلك".

انفعل ترامب، وصرخ في وجهه قائلًا: "لم أرتكب أي خطأ، الجميع يرغب في أن يأخذ منصبك، لقد ارتكبت خطأ كبير بتعينك".

بعض الصرخات هنا وهناك في وجه كوهن، ليجعل الأخير يشعر بالذنب، قبل أن لكبير مستشاريه الاقتصاديين: "استقالتك يجعلك خائن".

وبرر ترامب اتهامه لكوهن، بأن الأخير قائم على وضع قانون الضرائب الجديد، وإذا لم يكمله فسيضع الولايات المتحدة في مأزق كبير.

كوهن سريعًا لاحق ترامب قبل أن يلقي عليه المزيد من التهم، ليقول: "لم أرغب أبدًا أن اترك القانون معلقًا هكذا، ولا أريد أن يعتقد أي شخص بأنني خائن، لدي سمعتي التي أهتم بشأنها أكثر من أي شيء آخر في العالم".، مضيفًا: "أنا أعمل هنا في البيت الأبيض مجانًا، ومنصبي لا أبحث خلفه عن المال، ولكن أريد مساعدة بلادي، وإذا كنت تعتقد أنني أخونك فلن أفعل ذلك أبدًا".

أراد ترامب أن يخفف من غضب كوهن، وأخبره بأن المجال مفتوح أمامه ليطلق وابل من التصريحات حول حادثة شارلوتسفيل التي أثارت استياؤه إلى ذلك الحد.

ولكن تراجع ترامب سريعًا، وأمره بأن يعرض عليه التصريحات التي سيطلقها للإعلام قبل إلقائها، حتى يتأكد أنها لن تضر بسمعته بسبب التصريحات التي أطلقها منذ أيام.

حينما قرر كوهن مغادرة البيت الأبيض، لاحقه كبير الموظفين كيلي، الذي كان متواجدًا أثناء ذلك الحديث الدائر بين الجانبين، قائلًا: "كان ذلك أعظم عرض رأيته في حياتي عن التحكم في النفس، إذا كنت مكانك، لألتقطت تلك الاستقالة ووضعتها في مؤخرة ترامب 6 مرات".

فيديو قد يعجبك: