إعلان

بريكسيت| عامان من "جري بريطانيا في المكان".. وأزمة "ماي" تتفاقم

08:51 م الأحد 30 ديسمبر 2018

تيريزا ماي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد عطايا وهدى الشيمي:

على مدار ما يقرب من عامين، أصبح كل ما يشغل القادة في بريطانيا، هو ضمان خروج آمن من الاتحاد الأوروبي، لا يضر بمصالحها الاقتصادية، ويساعدها على الانسلاخ من قوانين الاتحاد التي تحجم طموحات المملكة المتحدة التجارية، إلا أن الأمور زادت سوءًا على مدار هذا العام، مع اتساع حجم الفجوة بين القادة والسياسيين البريطانيين وتهديدهم بسحب الثقة أكثر من مرة من رئيسة الحكومة تيريزا ماي.

وتمكنت ماي بصعوبة من النجاة من محاولة لحجب الثقة عنها، منذ أيام، إلا أن الخطة التي اتفقت عليها مع الاتحاد الأوروبي لا تزال تواجه الكثير من العراقيل في البرلمان، في ظل معارضة ثلث نواب حزب المحافظين لها.

لماذا تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي؟

اُجري استفتاء في 23 يونيو عام 2016 لتخيير مواطني المملكة البريطانية بين البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الانفصال عنه، شارك فيه حوالي 30 مليون شخص، وانتهى بموافقة 51.9 بالمئة من الناخبين بالموافقة على قرار الانفصال مقابل 48.1 بالمئة منهم رفضوا القرار.

وذكرت صحيفة الجارديان، وقتذاك، أن أغلب الموافقين على قرار الانفصال من كبار السن والمتحفظين، المؤمنين بقدرة بريطانيا على الاستقلال بنفسها والاكتفاء بمواردها بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي.

وخلص مراقبون دوليون إلى عدة أسباب تفسر موافقة البريطانيون على الخروج من الاتحاد الأوروبي، أهمها التخلص من أعباء المهاجرين واللاجئين لاسيما مع تزايد عددهم عقب الأحداث الدموية التي شهدها الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الخوف من الإرهاب والرغبة في فرض قيود على الحدود، والحد من حركة المواطنين الأوروبيين منعًا لوصول الإرهابيين إلى بريطانيا.

متى يحدث الطلاق؟

حتى تتمكن بريطانيا من الانفصال عن الاتحاد الأوروبي عليها أن تثير المادة 50 في معاهدة لشبونة التي تعطي الجانبين عامين للموافقة على شروط الانفصال.

بدأت تيريزا ماي هذه العملية في 29 مارس عام 2017، ما يعني أنه من المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميًا يوم الجمعة 29 مارس عام 2019، ومن الممكن تمديد هذه الفترة إذا وافق أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 28 على هذا الأمر، حسب بي بي سي.

مسودة ماي

بعد مرور أشهر من المفاوضات، توصلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى مسودة اتفاقية الانفصال، وتتكون من 585 صفحة شملت المبلغ الذي تدين به المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، والذي يُقدّر بحوالي 39 مليار جنيه أسترليني، وضرورة العثور على حل يُنهي مشكلة الحدود مع في أيرلندا الشمالية، وما سيحدث للمواطنين البريطانيين الذين يعيشون في بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي، علاوة على مصير المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في بريطانيا.

وللحصول على المزيد من الوقت، اتفق الجانبان على فترة انتقالية مدتها 21 شهرًا حتى تستقر شكل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي عقب الانفصال.

الفوضى والشلل

بالنظر إلى الوضع الحالي في بريطانيا، قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن النتائج قد تقود بسهولة إلى انتشار الفوضى والشلل، واللذان قد يؤديان بسهولة إلى كوارث عديدة.

وأشارت المجلة إلى أن الحزب الديمقراطي الوحدوي، الذي تعتمد ماي على دعمه لها، لا يريد الإضرار بسلامة المملكة المتحدة، ولا يرغب مؤيدو بريكسيت في خيانة المشروع الذين كرسوا حياتهم من أجله، في الوقت نفسه لا يريد حزب العمال بقيادة جيرمي كوربين إنقاذ الحكومة الفاشلة.

يقول الأستاذ سعيد اللاوندي، الخبير في الشئون الدولية بمركز الأهرام للدراسات لمصراوي، إن بريطانيا ستخرج بالتأكيد من الاتحاد الأوروبي، ولكن الحرب الدائرة في المملكة المتحدة ستستمر للعام المُقبل، لاسيما مع الانقسام الكبير والخلافات العديدة بين ماي والمعارضين.

من المستفيد؟

يرى مراقبون دوليون أن المستفيد الوحيد من هذه الأزمة هو الاتحاد الأوروبي، الذي يرفض إدخال أية تعديلات على المسودة التي تم الاتفاق عليها مطلع الشهر الجاري، فيما يدور الصراع حاليًا في بريطانيا على ضمان أفضل صفقة تحقق بعض المكاسب الاقتصادية والتجارية الهائلة، وتحرر المملكة من بعض قيود الاتحاد الأوروبي.

يرى اللاوندي أن الاتحاد الأوروبي لم يعد بحاجة إلى بريطانيا، كما أنه بدأ يرتب أوضاعه في حالة عدم وجودها.

ورجح جاسيك روستوسكي، وزير المالية في بولندا ونائب رئيس الوزراء في الفترة ما بين 2007 و2013، في مقال نُشر منذ أيام، أن تفشل خطة ماي لإخراج بلدها من الاتحاد الأوروبي بطريقة منظمة، رغم نجاتها من تصويت عدم الثقة، لاسيما وأنه من المؤكد أن مجلس العموم البريطاني سيرفض، في يناير المقبل، اتفاق الانسحاب الذي ناقشته مع قادة الاتحاد الأوروبي.

اتفاق مُدمر

ويرى زعيم حزب العمال وزعيم المعارضة جيرمي كوربين أن مسودة الاتفاق التي توصلت إليها ماي مُدمرة، وقال في مقال نشره بصحيفة "الجارديان" البريطانية في السابع من ديسمبر الجاري، إن اتفاق رئيسة الوزراء مع الاتحاد الأوروبي جعل الأمور تخرج عن السيطرة بالنسبة لبريطانيا، ويعرض جميع الوظائف للخطر نتيجة عدم وضع أساس للتجارة الدولية.

لا تغيير بشأن اللاجئين

تقول نازك رمضان مؤسسة صحيفة "اللندني الجديد"، إن البريكست لن يغير الكثير بشأن اللاجئين، موضحة أن الحكومة ستواصل الالتزام بقواعد دبلن، ما يعني إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى أول بلد أوروبي وصلوه.

وعلى المستوى الدولي، تلتزم بريطانيا مع الأمم المتحدة بميثاق "الأمم المتحدة الخاص باللاجئين"، والذي يلزم الدول الموقعة فيه بضمان حقوق اللاجئين كالتعهد بعدم إعادته لبلاد يواجه فيها الاضطهاد وحق الدخول في سوق العمل، والحصول على التعليم والرعاية الصحية.

غير أن بريطانيا تعهدت باستقبال 20 ألف لاجئ سوري حتى 2020، كما تعهدت في عام 2016 بإعادة توطين أناس آخرين يتعرضون لخطر وخاصة الأطفال. وكل تلك التعهدات لن تتأثر ببريكست.

تضرر المهاجرين الأوروبيين

بحسب "دويتشه فيله" في تقرير نشرته مايو الماضي، فإن أكثر من سيتأثر بالبريكست الأوروبيون المقيمين في بريطانيا، والذين سيتم السماح لهم على الأرجح بالبقاء فيها، إلا أن العمالة غير الماهرة الراغبة بالهجرة لبريطانيا ستواجه صعوبات بدخول البلد.

وبالنسبة للمهاجرين غير الأوروبيين فإن تأثير بريكست المباشر سيكون محدودًا، حسب الأستاذ في جامعة أكسفورد ألكسندر بيتس.

يُشار إلى أن بريطانيا تمتلك مرونة أكثر من غيرها من دول الاتحاد الأوروبي حول قدرتها على التكييف في استقبال اللاجئين سواء كانت داخل أو خارج الاتحاد. على سبيل المثال، بريطانيا ليست عضوا في "فضاء شينجن"، مما يعني أن عدد الواصلين إليها من اللاجئين قليل جدًا نسبيًا.

انتعاش التجارة مع أمريكا

توقع ليام فوكس، وزير التجارة الدولية، الصيف الماضي أن ترتفع التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة وبريطانيا بمقدار 40 مليار جنيه استرليني سنويًا بحلول عام 2030، في حالة إزالة العوائق أمام البلدين، التي تكمن في قيود الاتحاد الأوروبي.

وتعد المملكة المتحدة خامس أكبر سوق لصادرات السلع الأمريكية. وتبلغ قيمة الصادرات البريطانية إليها حوالي 100 مليار جنيه إسترليني سنويًا، أي أكثر من ضعفي أي بلد آخر، وفقًا لمكتب الإحصاءات الوطنية.

فيديو قد يعجبك: