- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
- أحمد سعيد
- محمد لطفي
- أ.د. عمرو حسن
- مصطفى صلاح
- اللواء - حاتم البيباني
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
تسعى الحكومة البريطانية لمعالجة ظاهرة تهريب المهاجرين عبر القناة الإنجليزية من خلال ما يسمى بدبلوماسية التصدي للهجرة غير الشرعية diplomacy to tackle illegal migration، والتي تقوم على توظيف علاقات التعاون مع الدول المعنية من أجل إضعاف جاذبية الشبكات الإجرامية التي تنظم عمليات تهريب المهاجرين عبر القناة، عن طريق الاتفاق على مسارات شرعية وآمنة لمن يرغب في الهجرة وطلب اللجوء.
حيث أصبحت القناة الإنجليزية مسارًا جذابًا لشبكات تهريب المهاجرين إلى بريطانيا باستخدام القوارب المطاطية الصغيرة، فوفق بيانات الحكومة البريطانية بلغ عددهم منذ فوز حزب العمال في انتخابات 2024 وتولي كير ستارمر رئاسة الوزراء حتى أغسطس 2025 أكثر من 50 ألف مهاجر يمثلون حوالي 88% من إجمالي من يصلون بريطانيا بشكل غير نظامي.
وما يجعل بريطانيا وجهة جاذبة لهؤلاء المهاجرين مقارنة بدول أوروبية أخرى مثل فرنسا هو سماح النظام الاقتصادي البريطاني لهم بالعمل دون أن تكون لديهم أوراق ثبوتية، وهذا الوضع يخلق لبريطانيا ثلاث مشاكل رئيسية. تتمثل المشكلة الأولى في تغذيتهم للاقتصاد غير الرسمي الذي يبلغ 11% وفق تقديرات العام 2022، وتتعلق المشكلة الثانية بارتفاع تكلفة توفير خدمات اللجوء التي تقدرها الحكومة بحوالي 1.5 مليار جنيه إسترليني والتي من المتوقع أن تتزايد مع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع تكلفة شبكات الرعاية والحماية لهم خاصة الأطفال منهم حتى يصدر قرار قبول طلب اللجوء.
وتنصرف المشكلة الأخيرة إلى تحول القناة الإنجليزية إلى ممر لتجارة تهريب المهاجرين من المتوسط والشرق الأوسط commercialized human smuggling route بكل ما يحمله ذلك من رسائل سلبية حول سمعة بريطانيا في العالم، خاصة وأن قوارب التهريب هي قوارب مطاطية صغيرة مكتظة لا تتسع إلا للوقوف فقط ولا تتوافر فيها أدوات الأمان والسلامة، ولذا يتعرض من يتم تهريبهم وفق تقارير منظمة الهجرة الدولية IOM لمخاطر الموت والغرق أثناء العبور.
وفي تطبيق عملي لدبلوماسية التصدي للهجرة غير الشرعية، أبرمت بريطانيا منذ بضعة أيام مع العراق اتفاقية بموجبها تستطيع إعادة من يحمل الجنسية العراقية ودخل بريطانيا من خلال تهريبه عبر القناة الإنجليزية إلى العراق. ويعد هذا الاتفاق مكمّلًا لاتفاقات أخرى أبرمت بين الجانبين خلال العام الماضي والتي بموجبها توفر بريطانيا حوالي 800 ألف جنيه إسترليني لبغداد لدعم قدراتها في تفكيك شبكات تهريب المهاجرين والجريمة المنظمة.
كما أعلنت حكومة ستارمر عن توقيع اتفاقية مع فرنسا باسم One in One out في يوليو 2025، والتي تسمح لبريطانيا بإرجاع أي مهاجر وصل لأراضيها من خلال القوارب الصغيرة إلى فرنسا خلال ثلاثة أيام، وفي المقابل بإمكان السلطات الفرنسية أن تحدد عددًا من الراغبين في اللجوء لبريطانيا من المقيمين على أراضيها ولم يعبروا القناة وستسهل الحكومة البريطانية دخولهم بشكل شرعي وسيمنحوا مهلة 3 أشهر لطلب اللجوء أو للتقدم للحصول على الفيزا، وبموجب الاتفاقية يكون عدد هؤلاء مماثلًا لعدد من أعادتهم السلطات البريطانية لفرنسا. وتشير مناقشات عدة حول تنفيذ هذا الاتفاق أنه أسبوعيًا يمكن تبادل 50 شخصًا، ومن المتوقع أن يستمر التنفيذ الأولي للاتفاق لمدة 11 شهرًا تتم بعدها مراجعته.
يكشف اعتماد بريطانيا هذا النوع من الدبلوماسية عن إدراكها استحالة نجاحها منفردة في التصدي لظاهرة تهريب المهاجرين من خلال الأدوات الصلبة مثل تكثيف عمليات التمشيط للقناة واعتقال المهاجرين ومصادرة القوارب، وفهمها أهمية تعاون الأطراف الأخرى المعنية معها لاسيما فرنسا التي تعد سواحلها الشمالية نقطة انطلاق القوارب عبر القناة الإنجليزية، فضلًا عن تنبهها لتنوع وتعدد جنسيات المهاجرين الذين يتم تهريبهم عبر القناة والذين تنقلوا بين عديد من دول جنوب المتوسط والدول الأوروبية حتى وصلوا للسواحل الفرنسية حيث تنطلق القوارب المطاطية عبر القناة، فوفق بيانات يونيو 2025 تأتي الجنسية الأفغانية في المرتبة الأولى بإجمالي 6360 ثم الجنسية الإريترية 5975 ثم الإيرانية 4322 ثم السورية 3935 ثم السودانية 3770 ثم الفيتنامية 2424 ثم الصومالية 2211 ثم اليمنية 2194 ثم العراقية 1900 ثم التركية 1543، وأغلب هؤلاء ذكور شباب يرغبون في طلب اللجوء والاستقرار في بريطانيا، ومن بينهم عدد من الأطفال القُصَّر الذين تم تهريبهم بدون مرافق خاصة ممن يحملون الجنسية الإريترية والسودانية والصومالية.
وذلك إلى جانب إدراك بريطانيا أن خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي أفقدها كثيرًا من آليات التنسيق والتعاون الاستخباراتي الخاصة بالاتحاد مع الدول الأعضاء بخصوص شبكات تهريب المهاجرين، خاصة وأن الشبكات الإجرامية التي تنشط في تهريب المهاجرين عبر القناة يقوم عليها عناصر إيرانية-كردية وألبانية تنشط في عديد من المدن الأوروبية وتستخدم طائفة متنوعة من وسائل الانتقال والتواصل مع المهاجرين المهربين حتى لا يتم اكتشافهم من قبل السلطات وصولًا لنقاط تحرك القوارب الصغيرة من السواحل الفرنسية عبر القناة، وتقدر قيمة ما تجنيه هذه الشبكات بحوالي 920 ألف يورو شهريًا.
تعد هذه التجربة البريطانية في التعامل مع تهريب المهاجرين عبر القناة جديرة بالمتابعة خلال الفترة المقبلة لاستخلاص الدروس المناسبة لدول جنوب المتوسط التي تعاني من هذه الظاهرة، والتي تعد دول ترانزيت للمهاجرين الذين يتم تهريبهم عبر القناة، خاصة وأنها تسلط الضوء على مسار الدبلوماسية والذي هو مكمل لمسار استخدام الأدوات الصلبة الذي يوجه معظم سياسات هذه الدول في التعامل مع هذه الظاهرة.