إعلان

حروب الطابور الخامس.. الرعب القادم من إسرائيل: قراءة أوراق دومينو الهزائم

أشرف جهاد

حروب الطابور الخامس.. الرعب القادم من إسرائيل: قراءة أوراق دومينو الهزائم

أشرف جهاد
07:00 م الإثنين 16 يونيو 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

تأسيس ضروري

قراءة أوراق الدومينو لهزائم العرب وإيران منذ 7 أكتوبر مجتمعة، تشي بأمور أكبر من مجرد سلسلة هزائم تكتيكية. وتنبئ بأن الحبل لن يتوقف عند إيران، والكرار سيتواصل.

النمط في كل المعارك التي فازت بها إسرائيل منذ 7 أكتوبر، يكشف أن هذه الحرب بدأت أقدم مما نتخيل. وأنها لن تتوقف عند إيران إذا انهزمت طهران.

هذه حرب لا تشبه سابقاتها، ومن لا يستخلص العبر من هزائم الأمس، سيعتبر يوم لا تنفعه العبرة. وإذا كان الغبي هو من لا يتعلم من تجاربه. فالأحمق من لا يتعلم الدرس من أخطاء الغير.

ومن لا يشعر بالرعب مما حدث في إيران، أحمق يشبه أهالي طروادة. يترك ساحته الخلفية مفتوحة، بلا ضابط. فالطابور الخامس الذي يعمل مع إسرائيل ضد إيران داخل إيران لا يتوقف عند التجسس التقليدي.

*

على مهل، لنقرأ أوراق الدومينو

بعد يوم واحد من عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023، دخل حزب الله في الصراع من خلال شن هجمات على أهداف إسرائيلية. لكن التورط الإيراني المباشر تأخر حتى أبريل 2024، لتبدأ إسرائيل سريعا في تنفيذ حرب "الطابور الخامس" لتقطيع أذرع وقوة طهران عبر 5 أوراق دومينو.

1- اغتيال رئيسي وقادة الحرس

في 1 أبريل 2024، أغارت إسرائيل على القًنصليَّة الإيرانية في دمشق وقتلت 16 شخصًا منهم مسؤول إيراني كبير في فيلق القدس. بعدها شنت إيران عملية الوعدُ الصَّادق 1 ونفذت هجمات عسكريَّة جويَّة محدودة على إسرائيل بطائرات مُسيَّرة وعددٍ من الصَّواريخ البالستيَّة ليل 13 أبريل وحتى فجر 14 أبريل 2024.

بعدها بأيام، تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بتدمير إسرائيل بالكامل، في حالة قيامها حتى بـ "أصغر هجوم" على بلاده. وقال رئيسي: "إذا تم استفزاز إيران لتنفيذ هجوم أكبر، فلن يبقى شيء من إسرائيل".

وفي 19 مايو 2024، توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، بالقرب من الحدود مع أذربيجان. كما قُتل وزير الخارجية آنذاك، حسين أمير عبد اللهيان.

بعد عام، لا يزال التفسير الرسمي - أن سوء الأحوال الجوية تسبب في اصطدام الطائرة بجبل - موضع تساؤل واسع النطاق داخل إيران وخارجها.

2- اغتيال هنية بقلب طهران

يوم الأربعاء 31 يوليو، اغتالت إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، بينما كان في العاصمة طهران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان.

وبعدها بأيام اعتقلت طهران عشرات العناصر بينهم قادة كبار، بتهمة التخابر مع إسرائيل. ورغم أن إيران اعترفت لأول مرة بوجود جواسيس لإسرائيل في مواقع مهمة، إلا أنها لم تكن تدرك، حتى هذه اللحظة، أن الأمر أخطر من مجرد جواسيس. وأنها وأذرعها تواجه حربا من نوع جديد، حرب الطابور الخامس.

3- هجمات البيجر

كانت هجمات البيجر أول إعلان فعلي واضح عن "حرب الطابور الخامس" التي جهزت لها إسرائيل لتقليم أذرع إيران. في يومي 17 و18 سبتمبر 2024، انفجرت أجهزة النداء (البيجر والوكي توكي) التي يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان. أسفرت سلسلة التفجيرات عن مقتل وإصابة نحو 4 آلاف من مقاتلي وقادة حزب الله الميدانيين، في أهم الضربات الإسرائيلية لإيران وأذرعتها.

وفقا لتسريبات استخباراتية متعمدة من تل أبيب، أنشأ الموساد 3 شركات لإخفاء هوية مصنع الأجهزة المفخخة. وتولى الطابور الخامس مهمة التعاقد على الشحنة المفخخة. وحذر الطابور الخامس تل أبيب من تزايد شكوك اثنين من قيادات حزب الله في الشحنة، ما دفع إسرائيل لاستعجال الضربة وشن الهجمات يوم 17 سبتمبر.

4- اغتيال نصر الله

لم يكد الحزب يستوعب ما حدث في هجمات البيجر، حتى عالجته إسرائيل بضربة أخرى. واغتالت الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

بحسب التقارير، نقل الطابور الخامس موعد ومكان اجتماع نصرالله وقيادات الحزب لإسرائيل قبل الاجتماع بساعات طويلة. وقدم خرائط مفصلة لمخبأ الاجتماع. ودفع الموساد برجل مجهول التقى نصر الله وصافحه ولطخ يديه بمادة غير معروفة ساعدت إسرائيل في تعقب مكانه. وصورت إسرائيل العملية عن طريق عملاء ميدانيين من الطابور الخامس.

5- إسقاط الأسد

قبل أيام من انهيار نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، شنت إسرائيل سلسلة هجمات على مواقع للجيش السوري. دمرت منظومات للدفاع الجوي وشلت حركة الطيران السوري. تزامن ذلك مع هجوم واسع شنته قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام (الطابور الخامس)، التي اتضح أنها مدعومة من تركيا وأمريكا.

وبعد وصول الجولاني "الأمير الأحمر" الذي أعدته أمريكا لخلافة الأسد للحكم، شنت إسرائيل عملية "سهم باشان" وتوغَّلت في أراضي سوريا ودمرت 90% من قدرات الجيش السوري.

كما فقدت إيران قوة ذراعها الحوثي، بعد سلسلة ضربات أمريكية دمرت شبكة الاتصالات المعقدة التي اعتمدت عليها الجماعة اليمنية بعد ضربات البيجر. ولا يعرف كيف فكت أمريكا شفرات الاتصال المعقد للحوثي ولا كيف حددت مكان شبكاته.

6- أحدث المعارك (إسرائيل/ترامب ضد إيران).

الخميس الماضي، استنفرت إيران قوتها كلها، بعد أن فجر ترامب قنبلته بضربة إسرائيلية وشيكة.

كل المعطيات كانت تقول إنها حرب فقدت مفاجأة الضربة الأولى. وعندما كانت عيون طهران على تل أبيب. أتتها الضربة الأولى من المسافة صفر، من العمق بواسطة قاعدة مسيرات ركبها عناصر الطابور الخامس، فكانت المفاجأة هذه المرة أخطر من مفاجأة التوقيت.

في المعارك الاستراتيجية، هناك ضربات تغير مجرى المعركة. لا تحسم نتيجتها، لكنها لا تبقي الأوضاع على حالها، تُغير موازين القوى. والمرعب أن تأتيك هذه الضربة من الداخل بالطابور الخامس.

يُعرّف قاموس بنغوين للعلاقات الدوليّة الطابور الخامس كالتالي: "مصطلح يعود بالأصل إلى الحرب الأهلية الإسبانية (1936) ويعني جهازًا منظمًا سريًّا يعمل ضمن صفوف العدو ويهدف إلى إفساد وتخريب وتعطيل المجهود الحربي." وشاع استعمال هذا المصطلح في أثناء الحرب العالمية الثانية، للإشارة إلى أولئك الذين تعاونوا مع الجيوش الألمانية ضد بلدانهم.

القراءة الشكلية تقول إن إيران لم تدخل حصان طروادة لعمقها- بشكل مباشر كسكان طروادة القديمة على الأقل-، لكن طابورا خامسا تشكل تحت عينها، ركب قاعدة المسيرات الإسرائيلية في قلب طهران، وركب أجهزة المساندة والتعطيل قرب قواعدها العسكرية، فكانت ضربة القصم.

لكن التحليل الأعمق، يكشف أن طهران كانت كـ"البقرة حاحة" في أغنية أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، وأدخلت حصان طروادة داخلها دون أن تدرك. لم تتعلم طهران الدرس من استخدام إسرائيل الطابور الخامس في 5 معارك ضد إيران وأذرعها وحلفائها. وعجزت عن تنظيف بيتها.

يقول أحمد جابر حسنين في بحثه "الطابور الخامس أسلوب القيادة الإدارية بالتجسس وأسس القضاء عليه": "يُعد الطابور الخامس سلاحاً فعالاً إذا استخدم الاستخدام الأمثل، في تحطيم كيان الأمم بإضعافها وتفتيتها بالإشاعات والأراجيف؛ لإثارة الفزع بين صفوف المواطنين، بإظهار مقدرة العدو العسكرية، والقيام بأعمال التجسس والتخريب، وإثارة النعرات القومية والإقليمية والطائفية والعرقية بين المواطنين." إذ يعتبر أنّه بمثابة سلاح لتحطيم قدرات جهة ما بأساليب متنوّعة مرتبطة بالتجسّس وتعظيم النزاعات والخلافات بين المواطنين".

لكن إسرائيل تجاوزت هذا الاستخدام الأولي، وحولت الطابور الخامس إلى رأس حربة في المعركة، وعملياتيا تجاوز الطابور الخامس العامل مع إسرائيل مجرد بث الشائعات ونقل المعلومات ليكون حصان طروادة الذي يفتح أبواب الحصون المغلقة. ويشارك في المعركة بشن هجمات بالمسيرات والسيارات المفخخة في قلب إيران وقت المعركة. وربما يشوش ويعطل أجهزة الدفاع الجوي ويرصد منصات إطلاق الصواريخ ويستهدفها.

لكن تسلل قاعدة المسيرات في طهران يتشابه بشكل ما مع عملية تسلل المسيرات في روسيا، ما يشي بأمرين: إما أن إسرائيل فاعلة أكثر مما هو معلن في حرب أوكرانيا، أو أن أمريكا حركت الهجومين عبر وكلائها الإقليميين أوكرانيا وإسرائيل.

وها هي إسرائيل تشن اليوم هجوما سابعا ضد العرب بـ"الطابور الخامس" بصناعة ياسر أبو شباب، وتقديمه كـ"قائد القوات الشعبية" لضرب حماس من الداخل.

ويبقى السؤال المقلق، هل بيوت العرب نظيفة أم أن عفن "الطابور الخامس" يعشش بها، ويتحين اللحظة لشن الضربة؟

إعلان

إعلان