إعلان

الخائن محمد عويس.. يهوذا الجديد

د. أحمد عمر

الخائن محمد عويس.. يهوذا الجديد

د. أحمد عبدالعال عمر
07:01 م الأحد 25 أبريل 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مثلما تُلهمنا كل صور التضحية والشهادة، في سبيل أداء الواجب والدفاع عن الوطن والأرض والعرض، وتُثير فينا أنبل المشاعر، وتجعلنا نرى أصحابها نماذج متجسدة لنكران الذات وشجاعة "الاختيار"، ولأسمى صور البطولة الإنسانية والوطنية.

مثلما تُؤذينا، وتُثير اشمئزازنا واحتقارنا الخيانة بكل صورها، خيانة الوطن، والواجب، والثقة، وتجعلنا نتعجب ونتساءل عن أسباب ودوافع الخيانة، وكيف يمكن أن يُبررها الإنسان لنفسه؟ وما هي جدواها؟ وهل هناك مقابل يمكن أن يوازي قبح هذا "الاختيار" الذي يجعل الإنسان يبيع روحه ونفسه لأعداء وطنه وأهله، ليصبح العار ميراثه الباقي لأبنائه وأسرته؟

وللأسف الشديد، فإن سجل "الخيانة" في تاريخنا الوطني الحديث والمعاصر، يحفل بالكثير من أسماء الخونة الذين لم يخلصوا أبداً طوال حياتهم لوطنٍ أو دين أو مبدأ، وكان انتماؤهم الوحيد لمصلحتهم وأهوائهم، مدفوعين أحياًنًا بحب المال والبحث عن الجاه والسلطان، ومدفوعين أحيانًا أخرى بمشاعر الحقد والحسد والغيرة على نبلاء وعظماء وشرفاء الرجال.

وقد أنزلت الذاكرة الوجدانية والوطنية للمصريين هؤلاء الخونة في أحط مكانة، وروى المصريون عنهم الحكايات التي تكشف قبح أنفسهم وخياراتهم وأفعالهم، مثل الخائن "بدران" الذي خان البطل الشعبي "أدهم الشرقاوي" وقتله، وهو الصديق المؤتمن، حقدًا عليه، ورغبة في المكافأة المالية من أعدائه.

ومثل الموالسين مع الإنجليز الذين خانوا الزعيم أحمد عرابي، وكانوا سببًا في هزيمة جيشه واحتلال الإنجليز لمصر، الذي دام 72 عامًا، مثل، رئيس مجلس الأعيان، محمد سلطان باشا، ومشايخ العربان مسعود الطحاوي ومحمد البقلي، وبعض ضباط جيش عرابي، وأبرزهم علي بك يوسف أو "خنفس باشا".

ومثل الخونة الذين تعاونوا مع إسرائيل وغيرها من الدول الأجنبية، طوال فترة حروبنا الممتدة معها، وفيما بعدها، ونجحت أجهزتنا الأمنية في كشف خيانتهم، وقدمت بعض الأعمال السينمائية والدرامية قصص حياتهم وأشكال عملاتهم، وجعلتهم أحياء في سجل الخيانة الوطنية بشكل لا يمكن محوه.

وأظن أن سجل الخيانة الوطنية بعد عرض مسلسل الاختيار (2)، قد فُتح على مصراعيه ليُدون به اسمًا جديدًا، أصبح يُثير لدى المصريين كل مشاعر الاحتقار والكراهية، وهو اسم الضابط السابق الخائن محمد عويس، الذي خان، مقابل فيلا بالرحاب، زميل دفعته وصديقه المقدم بالأمن الوطني الشهيد محمد مبروك، وقام بتقديم معلومات عن محل إقامته وخطوط سيره لجماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو.

وهي المعلومات التي أدت إلى اغتيال الشهيد محمد مبروك يوم 17 نوفمبر 2013، حتى لا يقوم بالشهادة في قضية الخيانة الكبرى، التي كان يعمل عليها، والمتهم فيها قيادات من الدولة والجماعة أثناء سنة حكم الإخوان لمصر.

وقد جعلت تفاصيل الخيانة صورة محمد عويس مصدر أذى لا نهائي لعيون وأرواح المصريين، وأصبح في "وعيهم الجمعي" صورة جديدة للخائن "بدران" قاتل أدهم الشرقاوي.

وربما صورة جديدة أيضًا لـ"يهوذا" الملعون، الذي خان السيد المسيح، وسلمه لأعدائه كبار كهنة اليهود، مقابل ثلاثين قطعة فضة، والذي ندم على خيانته وسوء فعله، وأعاد الفضة للكهنة، وذهب وشنق نفسه تكفيرًا عن ذنبه.

في حين تم القبض على الخائن محمد عويس، واعترف بذنبه وخيانته، وبعد محاكمته صدر ضده حكم بالإعدام، وهو الحكم الذي نتمنى تنفيذه في أقرب فرصة، لأن فيه العقاب العادل الذي يستحقه.

إعلان