إعلان

عالم كورونا: عَبْقَرِيَّة السويد! "1"

عصام شيحة

عالم كورونا: عَبْقَرِيَّة السويد! "1"

عصام شيحة
08:18 م الثلاثاء 07 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تشير المعاجم اللغوية العربية إلى أن "عَبقَر": مَوْضِعٌ فِي الْجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ كَانَ العَرَبُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ مَوْضِعُ الجِنِّ وَمَسْكَنُهُمْ وَيَنْسِبُونَ إِلَيْهِ كُلَّ عَجِيبٍ وَعَمَلٍ خَارِقٍ جَيِّدٍ.

و"العَبْقَرِيّةُ": صفةُ العبقريّ وحالُه، شدَّةُ الذكاء، قدرة على الإبداع والابتكار.

وفي عالم كورونا، هل غير السويد أحق بهذا الوصف؟!؛ إذ انفردت بنهج خاص جداً في مجابهة جائحة كورونا التي أوقفت عجلة الاقتصاد العالمي، وحجزت المليارات من الناس في بيوتهم، يحيط بهم القلق من كل جانب في الخارج. عدا السويد؛ فهي حالة استثنائية جداً.

والسويد هي ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة (450,295 كم2)، ويُقدر عدد السكان نحو 10,215,250 ملايين نسمة. والكثافة السكانية في السويد منخفضة، 24 نسمة لكل كيلومتر مربع (53 لكل ميل مربع)، ما يعني أن فكرة التباعد الاجتماعي تكاد تكون مُطبقة فعلياً.

لكن هذا لا يمنع أن التجمعات موجودة في الجامعات والمدارس والملاعب والحدائق والشواطئ، حتى إن الحكومة السويدية كانت قد قررت، في إطار مجابهة جائحة كورونا، منع التجمعات فوق الـ500 فرد، ثم خفضت العدد إلى 50 فردا فقط!

ورغم ذلك فقد انخفض عدد ركاب النقل العام في العاصمة استوكهولم بنسبة 50%، خاصة في مترو الأنفاق والقطارات.

وحسب استطلاعات الرأي، فإن نصف سكان العاصمة لا يذهبون لأعمالهم، ويعملون عن بُعد.

وتقدر بعض التقارير أن ترتفع نسبة العاملين عن بُعد إلى 90% على الأقل في أكبر الشركات في العاصمة، وذلك بفضل القوى العاملة المدربة على استخدام التكنولوجيا وثقافة العمل التي طالما عززت المرونة وإمكانية العمل عن بُعد.

وفي هذا السياق، تتبع حكومة السويد استراتيجية "المسؤولية الذاتية"، وهي استراتيجية يلزمها مستوى مرتفع من الوعي لدى المواطن، وثقة قوية "متراكمة وعميقة" بين المواطن وحكومته وإمكاناتها وكفاءة العاملين فيها، بل شفافيتهم التي وفرت لهم قدرا كبيرا جداً من المصداقية لدى الرأي العام.

وبموجب استراتيجية "المسؤولية الذاتية" تعتمد السلطات السويدية على تقديم الإرشادات والنصائح، أكثر من فرض القواعد الصارمة.

ولا تختلف النصائح والإرشادات في السويد عنها في مختلف أنحاء العام؛ إذ تتركز في البقاء في المنزل "إذا كنت مريضاً أو مسناً"، وغسل اليدين جيداً، وتجنب أي سفر غير ضروري، وكذلك العمل من المنزل. ويبقي الفرق في التزام المواطن، ووعيه وتحضر سلوكه.

وفي هذا المناخ الفريد، ومع تصاعد شراسة فيروس كورونا وسرعة انتشاره عالمياً، لا تزال سلطات الصحة العامة والسياسيون في السويد يأملون إبطاء انتشار الفيروس دون الحاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة.

نعم؛ فالسويد ليست خالية من فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، وحسب ما أعلنته هيئة الصحة العامة في السويد، السبت الماضي 4 أبريل الجاري، ارتفع عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) لـ373 وفاة، بينما ارتفع عدد الإصابات المؤكدة إلى 6443، بزيادة قدرها 89 حالة إصابة عن اليوم السابق "الجمعة"، منهم 520 مصاباً يتلقون العلاج في أقسام العناية المركزة.

وكما هو الحال المعتاد، قال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين، في خطاب تلفزيوني للشعب في نهاية الأسبوع الماضي: "نحن- البالغين- يجب أن نكون عقلاء. لا ننشر الذعر أو الشائعات"!

إذن، النصائح والإرشادات واحدة، وأحاديث المسؤولين لا جديد فيها، وحتى الحديث عن "المسؤولية الذاتية" يكاد يكون مُكرراً بشكل أو بآخر في كل الدول التي تجابه جائحة كورونا؛ فمن أين تأتي عبقرية السويد إذن؟!

ربما من أن السويد حاضرة دائماً في صدارة الدول في مؤشرات الديمقراطية المعتبرة؟! ممكن جداً.

إعلان