إعلان

ياكش تولع..!

عبدالله حسن

ياكش تولع..!

عبدالله حسن
07:00 م الإثنين 06 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لقد خلقنا الله أطيافاً مختلفة- من رحمته- ولم يخلقنا كلنا بنفس التفكير والتصرف، وخلقنا أيضا طبقات، ورفع بعضنا فوق بعض، ولو شاء لجعلنا أمة واحدة، ولكن لحكمته ورحمته أيضا خلقنا مختلفين.

هذا الاختلاف هو سبيل رحمتنا في الأرض، ولكن مع الأزمات بشكل أو بآخر نتحول جميعنا.

سأتحدث اليوم عن الفهلوة المصرية "الضارة" التي حولت العديد منا إلى خبراء سياسيين واستراتيجيين في فترات الثورات.. وحولتنا إلى خبراء عسكريين في فترة حروب الإرهاب.. وإلى خبراء رياضيين في نكبات المنتخب الوطني.. والآن إلى أطباء.. ضاربين بكل العلم وسنوات الدراسة عرض الحائط.

وما إن ظهر فيروس كورونا، ولاحت أزمته في الأفق حتى خرج علينا المصري الفهلوي تارة بأن "الفسيخ" أكسب المصريين مناعة ضد الفيروس وأن هذا المخلوق اللعين لن يجد سبيلا إلينا طالما نأكل "الفول المدمس والبصل الأخضر".. وتعالت الأصوات مهللةً بمناعة المصري الذي قضى أعواما يلعب في "الطين" ونسينا أو تناسينا ما فعلته بنا الكوليرا والطاعون والبلهارسيا.

ولما بدأ هذا الفيروس اللعين بالتهام البلاد، ووصلت إلينا الإحصائيات والأرقام انتقلنا إلى مرحلة أخرى من "الفهلوة" أو "الهبد" بلغة السوشيال ميديا.. انتقلنا من مرحلة الإنكار والتعالي على هذا المرض إلى السخرية والنكات والإفيهات.. وصدقوني إن "خفّة وادي النيل" تظهر جليا في مشاهد مثل هذه التي نعيشها.. لا لشيء إلا لإخفاء كم التوتر والخوف والقلق الذي نعيشه.

أمَا وقد وصل الفيروس اللعين إلى بلادنا، وبدأت تسري إلى مسامعنا أعداد المصابين، واتخذت الحكومة الإجراءات الاحترازية انقسم البعض.. فهناك من آمن بأن "الموضوع جد"، وهناك من أصر على أن هناك تلاعبا بالأرقام، وهناك من أصر على أنها " لعبة سياسية جديدة من ألعاب أمريكا" التي تسجل الآن كارثة في أعداد المصابين والوفيات، وتتزايد بشكل يومي.

وأخيرا هذا الفريق الشامت أو كما سميته فريق "ياكش تولع".. الذي ينتابني شعور غريب عند قراءة تعليقاتهم وطريقة استقبالهم للأخبار السيئة.. هذا الفريق وصل إلى مراحل متأخرة من اليأس والأنانية على حد سواء.. فإذا كنت سأصاب بكورونا فسوف أدعو الله أن يصاب الجميع.. وإذا كنت سأنجو منه، فسوف أدعو الله أن يصاب الجميع أيضا حتى يعلموا أني كنت على حق.. وإن زادت الأعداد فنحن نستحق هذا لأننا شعب - مستهتر وغبي - على حد قولهم، وإن تناقصت الأعداد فليست حقيقية والحكومة تتلاعب بها، على الرغم من أن نفس هذا الشخص هو الذي صدّق وآمن ونشر أسطورة مناعة "الفسيخ والبصل الأخضر".

الخلاصة أن هذا الفريق الأخير يزداد يوما بعد يوم، وهو أخطر من المصابين بالفعل بالفيروس.. فالمصاب سيتعافى، أما الشامت في كل مصائب العالم، فلن يتعافى، وسيستمر في نشر الطاقة السلبية وقذائف الشتائم واللعنات في الشعب وفي الحكومة وفي جميع الأطياف.

هؤلاء أصحاب النظرات السوداوية وفقدان الأمل يلتهموننا أسرع من الفيروس.. فمنشور واحد منهم بألف فيروس.

والخوف أن نصاب جميعا بهذا اليأس، فهو قاتل أكثر من الكورونا.. وأن نعيش الحياة على نظرية وطريقة نجاح الموجي في مسلسل "الشارع الجديد" بمقولته الشهيرة "ياكش تولع!".

إعلان