إعلان

عن دينا الشربيني وعمرو دياب.. ونفحة الحب

د. أمــل الجمل

عن دينا الشربيني وعمرو دياب.. ونفحة الحب

د. أمل الجمل
09:58 ص الخميس 10 ديسمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ليس مهمًا أن يكون الحب مثاليًا في كل جوانبه، وليس ضروريًا أن يكون بدرًا مكتملًا بالغًا حدود الكمال. الأهم أن يكون الحب حقيقيًا، صادقًا، مخلصًا وموثوقًا فيه، فيجعلنا نجدد عشقنا للحياة وشغفنا بها، ما يدفعنا إلى آفاق أكثر رحابة وألقًا مهما كانت الصعاب والعقبات.

أقول هذا وأنا أُفكر في الفنان الاستثنائي عمرو دياب والممثلة الموهوبة دينا الشربيني. الحقيقة؛ شعرت بغصة في القلب عندما قرأت خبر الفراق. وتمنيت ألا يكون حقيقيا. وما زلت أتمنى أن ينجحا في تجاوز نقطة خلافهما؛ لأن حبهما بدا لي كبيرًا، بل نموذجًا يمنح طاقة إيجابية للكثيرين؛ ولأنه من الجميل والمفرح أن ترى اثنين يُحبان بعضهما هكذا، بنفس طريقتهما.

شخصيًا، كنت، وما زلت، معجبة بهما ثنائيًا صمد -بهدوء وأناقة وحكمة- أمام هجوم مجتمع عشوائي عدواني. رأيت فيهما مثالًا للحب، للمساندة والدعم المتبادل، للعلاقة العاطفية التي يقف فيها الرجل بجوار زوجته وحبيبته فيدفعها للأمام؛ لتحقيق مزيد من النجاح بدون أي عقد أو نَفْسَنَة. وهذا شيء لا يفعله إلا الإنسان الممتلئ المتحقق، بينما حبيبته تستجيب لهذا العطاء بعطاء متبادل كان واضحًا على شخصية عمرو نفسه، على روحه أساسًا. كان تأججه، ونشاطه، وحيويته تقول إنه في حالة حب. كانت ملامح وجهه تهمس لنا بأنه في حالة عشق ساعده على أن يجدد نفسه، ويقاوم الزمن بإرادة حديدية يحسده عليها كثيرون. صحيح أن «الهضبة» أصلًا يُعد نموذجًا مثاليًا لعدم الاستسلام، لكن للحب أفعالًا كالسحر، يتحرك من طرف خفي، ويترك من ورائه شيئًا كأثر الفراشات.

على مدار فترة ليست بالقليلة خلال السنوات الثلاثة الماضية، تلقت دينا هجومًا وتنمرًا بشعًا، لا لشيء سوى أنها ارتبطت بعمرو دياب. غيرة، حسد، أصحاب مصالح، تنمر جماهير عنيفة قاسية أصاب الخراب نفوسهم. لكن دينا صمدت بشجاعة وصبر. رغم إدراكي أن هذا لم يكن سهلًا، أبدا. في المقابل نجد أن عمرو وقف إلى جوارها، دعمها ضد هذا التنمر، بأشكال متباينة قد تبدو غير محسوسة في البداية؛ لأنه فعلها بذكاء شديد أُحييه عليه.

دينا نفسها في حواراتها منذ فترة مبكرة، وطول الوقت كلما جاءت الفرصة كانت تُعبر عن حبها وامتنانها لعمرو من دون تردد، كانت تقول ذلك بحب صادق، ملامحها وتحديدًا عيونها كانت تنطق بالحب عرفانًا بالجميل. لا أنسى أبدًا كلماتها عنه -في برنامج «صاحب السعادة» مع النجمة إسعاد يونس- التي تجعل مَنْ يستمع إليها يقع في غرام عمرو دياب، ألم تقل إنه: «واثق من نفسه، متربي صح، عنده إيمان بحبيبته، وبالناس القريبين منه، فيساعدهم، إنه بني أدم حقيقي..» ثم تضيف: «علشان كدا حتى لو فيه لحظات ضعف أو اهتزاز، أو انكسار، أو ذبول مرت فيها المرأة.. -تقصد نفسها طبعا- فهناك رجل يقف وراءها، يساندها..».

كذلك حديثها عنه في برامج أخرى مؤكدة على دعمه لها قائلة: «عمرو غيَّرني خالص.. خلاني شخصية تانية.. وفيه بينا شيء مشترك إننا محبان للحياة.. هو إنسان طيب وجدع وحنين، وراجل، وسند وبيحب يدعم القربيين منه.. لكن لو المرأة ارتبطت بحد مش مقتنع بها، لو مش مؤمن بها هيرجعها لوراء.. لكن لو العكس هيدفعها للأمام.. ودي نعمة كبيرة».

الآن، أكتب عنهما؛ لأن واحدة من الأشياء اللي أعجبتني فيهما ثنائيًا أنهما محبان للحياة، للنجاح، للحب، وطبعا تحديهما لبعض مظاهر التعفن بالمجتمع، والمؤكد في تقديري أن كل واحد منهما أضاف للآخر شيئًا إيجابيًا، فصنعا حالة حلوة، وقدما نموذجًا مختلفًا.

يكفي أنهما لم يستجيبا للهراء عن فارق السن، في مجتمع أصبح عدوانيًا وعنيفًا بشكل غريب، مجتمع طول الوقت يتكلم عن الحب، وأغاني الحب، وأفلام الحب، ويحتفل بكل أعياد الحب، ويرسم قلوبًا، ويشتري ورودًا، ويستخدم لفظة «حبيبي» و«حبيبتي» أكثر من أي كلمات أخرى.. ثم في أول مناسبة أو اختبار حقيقي على أرض الواقع يهاجم الحبايب ويستخدم مقاييس مبتذلة لمعيار الحب مثل فارق السن، أو إشارات وتلمحيات عن ضرورة إقامة فرح ضخم يحضره المطربون والمشاهير، أو أنهم يريدون أن يَطَلِعوا على وثيقة الزواج على الملأ -كأننا نعيش عصر محاكم التفتيش، بالله عليكم ما هذا الهراء والقرف؟!.

لن أتحدث عن فارق السن؛ لأنه ببساطة، إذا كان النجاح في علاقات الحب والزواج شرطه تقارب الأعمار، فهل يُخبرني أحد لماذا هناك حبايب شباب، من نفس السن تقريبًا، ومع ذلك لا يستطيعان مواصلة الحياة سويا بعد الزواج؟!؛ لأنه باختصار الموضوع ليس له علاقة بالسن، الحكاية ليست أرقامًا، وليست فقط انجذابًا جنسيًا.

في رأيي لن يكون أبدًا العمر والسنوات هي العائق أمام أي انجذاب عاطفي أو جنسي. هذا يحدث في خيال المرضى فقط والمراهقين؛ لأن الكلام حب، الوصال حب، القدرة على فهم الآخر حب. أن تكون قادرًا على أن تسمع وترى الآخر فهذا يحتاج إلى طاقة لا يمكن أن تستمر إلا مع الحب وفي وجود عبقه.

لو شريك حياتك عصبي، فعندما تُحبه ستتفهم شخصيته، وستبحث له عن مليون عذر، وستجد ألف طريقة لاحتواء العصبية، ستصبر، ستتكلم في الوقت المناسب وستناقش. النقاش والخلاف والاختلاف أمر صحي جدًا. حتى لحظات الانفجار الكبرى أحيانًا تكون صحية جدا، وضرورية أيضًا. قد تكون إنذارًا، وقد تكون صمام حماية للنفس والحب ذاته.

لكن المهم، أنه لو الحب حقيقي سيُقاوم المغريات والإغراءات، والأحقاد، والشائعات. لن أقول إن هذا سهل، بل، صعب جدا.. مثلما أدرك تماما أنه يأخذ جهدا، ويستنفد طاقة، وقد يشوه أحلى ما في الإنسان، إن لم يكن الإنسان واعيًا منتبهًا قادرًا على حماية نفسه. لكن هذا التشوه ربما يحدث مع الناس العادية، وليس مع أصحاب الإرادة، الذين يمتلكون أحلامًا وطموحًا ومشاريع مشتركة كبيرة، وحبًا حقيقيًا.

السؤال الآن: هذه العلاقة العاطفية والإنسانية بكل ذلك الحب، هل تستحق التضحية من الطرفين، للحفاظ عليها ورعايتها، ولجعلها تنمو وتزدهر مثل طفل صغير هش يحتاج لكل الرعاية والحنان؟! شخصيًا، ليس لدي إجابة، ولا أعتقد أنه يحق لأي إنسان أن يتدخل في تحديد ذلك؛ لأن الإجابة الحقيقية عند عمرو ودينا وحدهما.

الاثنان وحدهما قادران على معرفة إن كان هذا الشغف والحب والرغبة في العطاء المتبادل -حتى في ظل بعض الرواسب والشوائب- ما زال موجودًا أم أن العلاقة صارت قيد عليهما، وفقدت هذا الشعور الحلو بالقرب، بأن كل منهما يأنس لوجود الآخر، ويفتقده حينما يبتعد؟!.

أدعو هذا النموذج الجميل ألا يستمع لهراء السوشيال ميديا والصحافة المغرضة التي تنفث سمومها وتستخدم كلمات لتقليب الطرفين على بعضهما البعض؛ لإشعال مزيد من نيران الغضب، كأن يستخدمون لفظ «فعاقبته» أو أنه بدأ حفله الأخير بأغنية، «كان طيب».

لماذا أقول هذا؟ لسبب بسيط؛ أولًا شخصية دينا الشربيني ليست من البشر الذين يفكرون في عقاب الآخر، ما بالنا أن يكون هذا الآخر هو حبيبها، والإنسان الذي وقف إلى جوارها وساندها كما لم يفعل إنسان من قبل.

أعتقد أن رد فعل دينا كان له علاقة بأشياء تتعلق بشعور بالجرح، وربما التفكير في كبريائها، وربما؛ لأنها نفسيًا كانت غير قادرة على الظهور في مجتمع عام -يرصد أدق تفاصيلهما ويضعهما تحت المجهر- والتعامل بشكل طبيعي بعد شجار تم على الملأ.

لا شك أنهما يواجهان ضغوطًا جمة، لا شك أن الخلاف يوترهما، يضغط على الأعصاب والروح معًا. للشهرة أيضًا ضريبتها الباهظة، هناك السوشيال ميديا والصحافة الصفراء، وجميع المتسلقين والمستفيدين الذين يبحثون عن الشهرة ويشعلون النميمة.. لا شك أيضًا أن للرغبات المختلفة ضغوطًا مماثلة. لكن الإنسان عليه أن يلتزم بوعوده، أن يتعلم كيف يقاوم نفسه قبل أن يفعل مع الآخرين.

الآن: أتمنى لو كان هناك أصدقاء يعملون على التصالح بينهما، أصدقاء يذكرونهما بالحب الكبير بينهما، بالأشياء الجميلة التي تنتظرهما سويًا، أتمنى أن يرسل لها عمرو دياب أغنيته الرقيقة البديعة: «وهي عاملة إيه دلوقت؟» وأتمنى أن تبادله دينا الشربيني الرد بكل الحب العميق الذي تعودنا على رؤيته في عيونها.

إعلان