إعلان

وداعًا للفجوة النووية

أمينة خيري

وداعًا للفجوة النووية

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 15 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

وبينما نحن نطحن بعضنا تكفيرًا وتثبيطًا، ونفكر ونتدبر فيما إذا كان دخول الحمام بالقدم اليمنى مكروهًا وركوب المترو دون ترديد دعاء الركوب مذمومًا، في مكان آخر في العالم، وتحديدًا في مدينة "سوتشي" الروسية، تجتمع دول عدة لتتباحث، وتتشاور حول إدارة مخاطر منصات الطاقة، والاستثمار في التنمية المستدامة، ولا سيما مجال الطاقة النظيفة، والمسارات المسؤولة في التعامل مع البيئة والموارد الطبيعية، بالإضافة، بالطبع، إلى الموضوع الذي يشغل بال كل من يفكر في مجال الطاقة النووية، ألا وهو معايير الأمان وتعظيم السلامة البيئة المرتبطة بالمحطات النووية.

محطة مصر النووية المستقبلية واستخدامات الطاقة النووية الموعودين بها في المستقبل القريب- ظاهرة بقوة في مؤتمر "أتوم إكسبو 2019".

الموضوعات المطروحة للنقاش والحوار، والحضور، سواء العربي أو المصري، والأسئلة المثارة تمس مشروع الضبعة بشكل أو بآخر.

آخر ما كان يفكر فيه المصريون أن يأتي اليوم الذي يناقشون فيه مسائل تتعلق بالطاقة النووية، ومعايير الأمان، وفرص العمل التي يتيحها مشروع الضبعة النووي، وآفاق توفير فرص عمل وتدريب وتعليم مرتبطة به، علها تحدث نقلة نوعية في حياتهم.

حياة المواطنين وتفاصيلهم اليومية الدقيقة يجب أن تكون على رأس أولويات ونقاشات وتخطيطات الدول والقائمين على أمور الطاقة النظيفة، وهذا واضح وضوح الشمس في فعاليات المؤتمر وموائده المستديرة وحتى في نقاشاته الجانبية.

جلسات بأكملها تم تخصيصها لمناقشة السبل المثلى لإقامة حوار ناجع مع العامة حول القضايا البيئية المتعلقة بالإنشاءات النووية. تأتي البيئة والنمو السكاني على رأس الأولويات.

فكيف يمكن تحقيق التوازن المطلوب والمضي قدمًا في إنشاء المزيد من المحطات النووية، وهي التي تقام في ظل زيادة مطردة في أعداد السكان وما يعنيه ذلك من أعباء بيئية وأخطار متعددة المصادر.

تعددية مصادر الأخطار لا تعني نبذ المشروعات الكبرى أو التشكك فيها لدرجة إقصائها أو تجاهلها لعقود والانتظار حتى يسبقنا العالم بعقود. لكنها تتطلب شراكة أممية وفهمًا مشتركًا لمصير الكوكب الواحد.

هذا المصير يتطلب حتمًا التجهيز والتخطيط للمستقبل، وهو التجهيز الذي لا يمر إلا عبر بوابة واحدة، ألا وهي بوابة الابتكار والمعرفة.

خبراء الطاقة النووية لا يتناقشون في مسألة الابتكارات التقنية التي يعتبرونها أساسية لضمان أمان واستمرارية هذا النوع من الطاقة، وذلك لأن إطلاق العنان للابتكارات أساسي وحيوي وغير قابل للنقاش من الأصل.

لكن التركيز هذه الآونة يكمن في دور الذكاء الصناعي وأعمدة الثورة الصناعية الرابعة والرقمنة في الطاقة النووية ومشروعاتها.

ومن اللافت أن الفجوة الكبرى بين الكثير من دول العالم في شؤون التقنيات المتقدمة والإنجازات الرقمية تؤثر بشكل بالغ الوضوح في المجال النووي، مخلفة "فجوة نووية ومعرفية كبرى" بين الدول تتجلى آثارها في الإمكانات النووية والقدرة على مجاراة كل ما هو جديد ومؤثر في هذا السياق.

السياق النووي ليس مجرد تشييد لمحطة طاقة نووية، أو توفير فرص عمل في مجال الطاق النووية، لكنه يرتبط ببناء بينة تحتية نووية، لأنها المكون الرئيسي في استمرارية ودوام المشروعات النووية. لكن هذه البنية التحتية الحيوية تستوجب اهتمامًا مجتمعيًا لافتًا.

وهنا يبرز دور الحكومات؛ حيث:

- حتمية قيامها بتوفير نوعية تعليم بالغة الجودة وموجهة لهذا السياق.

- تشجيع نماذج التعليم المستمر؛ لأن التعليم في هذا المجال لا ينتهي أو يصل إلى النهاية؛ لأنها في حالة تطوير وتغيير مستمرة.

- بناء بنية تحتية مستدامة.

- تشجيع الابتكار ومجالات التصنيع المرتبطة بهذا السياق، وغيرها.

ويبقى رأس المال البشري حلقة أهم في أي سياق، نوويا كان أو غير نووي.

فما كل هذه السياقات، ومجالات الابتكار، والبنى التحتية والمحطات النووية والتدريب والتعليم والاستثمار إلا سبلٌ وأدواتٌ لخدمة رأس المال البشري.

المحصلة الأهم في مؤتمر أتوم إكسبو 2019" هي أنه بدون البشر وابتكاراتهم وإرادتهم وتفهمهم وقبولهم ووعيهم وإدراكهم- لا معنى أو قيمة لمحطة نووية أو حتى مائة منها.

إعلان