إعلان

وزارة التموين «المستورد» !!

وزارة التموين «المستورد» !!

عصام بدوى
09:04 م الأحد 24 سبتمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

«المسئول في مصر لو شغل الجمجمة وبطل الفهلوة، وركنها على جنب، ممكن نبقى من أفضل الدول.. على سبيل المثال وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور علي المصيلحي، لو فكر شوية»، سيجد أن أغلب وأهم السلع الموزعة على بطاقات التموين، مستوردة من الخارج، وتكبد موازنة الدولة مليارات الدولارات سنويًا، ومليارات أخرى من الجنيهات في دعمها..

رغيف الخبز، على سبيل المثال، لماذا لا نتوسع في زراعة القمح المصري، وهو أغلى أنواع القمح في العالم، سواء عن طريق التوسع الأفقي بزيادة المساحة أو التوسع الرأسي بابتكار سلالات جديدة، تمنح إنتاجية أعلى وعلى نفس المساحة، وسلالات أخرى تتحمل الجفاف لزراعتها في الأراضي الصحراوية، وبذلك نوفر 11 مليون طن قمح نستورده سنويا، بأكثر من 3 مليارات دولار، وحتى لا نستورد قمحا به فطر الإرجوت بنسبة 0,05%، وهو أحد شروط الدول المصدرة، وهو فطر بسبب استمرارية التغذية عليه، يصيب الإنسان بالسرطان والغرغرينة والإجهاض في النساء.. وبهذه المبادرة، التي يجب أن يقودها هذا الوزير المسئول عن فاتورة دعم الغذاء في مصر ومعه وزراء الزراعة والصحة والتجارة الخارجية، نكون ضربنا عصفورين بحجر واحد.. حافظنا على صحة الشعب، ووفرنا مليارات الدولارات، كانت ترصد لاستيراد القمح، إضافة إلى ترشيد جزء من الـ 45 مليار جنيه التي تدعم بها الدولة رغيف الخبز سنويًا.

تعالوا للزيت، من الممكن أن يتبنى أيضا سيادة الوزير مبادرة لتشجيع زراعة الذرة، والتي نسمع عنها دائما في تصريحات وزير الزراعة منذ سنوات، ولم تفعل حتى الآن، وذلك بوضع تسعيرة محفزة للفلاح لتشجيعه على زراعته، فالفلاح يعزف عن زراعته لأن الحكومة لا تشتريه منه، وخوفا من الخسارة.. وبالتالي لو نجحت المبادرة نستطيع توفير زيوت محلية، وتصنيع الأعلاف من مخلفاته والتي تعاني منها مصر، حتى أصبحنا نستورد 75% من أعلافنا، مما أدى في النهاية للارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم.

ليس هذا فقط، بل لو قمنا بزراعة الذرة، سنوفر 1,6 مليار دولار، فاتورة استيراد مصر سنوياً من الذرة، بجانب تقليل استيرادنا من زيوت الطعام، والتي تقدر بـ 10 مليارات جنيه سنويًا للتموين فقط، خاصة بعدما أصبحنا نستورد 97% من استهلاكنا من زيوت الطعام، وبذلك أيضا نكون ضربنا مليون عصفور بحجر واحد.. أعلاف وزيوت ووفرنا المليارات.

وما ينطبق على الذرة ينطبق على فول الصويا أيضا، زيت وأعلاف، ونوفر 1.3 مليار دولار سنويا، فاتورة استيراد مصر لفول الصويا سنويًا.

تعالوا للسكر، يجب تشجيع مزارعي القصب والبنجر بوضع أسعار تحفيزية، بدلا من وضع العراقيل التي أدت إلى تراجع زراعتهما، خاصة في الآونة الأخيرة، حتى أصبحنا نستورد مليون طن سكر سنوياً، وذلك لسد الفجوة التي بدأت تتسع بين الإنتاج والمستهلك، بعد ما كنا في يوم من الأيام نصدر الفائض، وبذلك نكون قدر وفرنا 7 مليارات جنيه، فاتورة استيراد مصر من السكر سنويًا، ولم نستعن بسكر مستورد في التموين ومدعوم أيضا.

بالنسبة للدواجن، تستطيع وزارة التموين، قيادة مبادرة واتفاقية مع منتجي الدواجن المحليين، وأقصد هنا المربين، لشراء منتجاتهم وطرحها ضمن سلع التموين، وبأسعار معقولة، ويمكن في الاتفاقية التعهد بمد هؤلاء المربين بالعلف الخاص بالدواجن بأسعار أقل من الأعلاف المستوردة، نظير الحصول علي دواجن بأسعار مخفضة، تحت بند المنفعة المتبادلة، وبذلك نكون قد شجعنا مزارع الذرة على زراعته لأن الحكومة ستقوم بشرائه، ووفرنا لمربي الدواجن العلف، ووفرنا للمواطن دواجن في التموين بأسعار معقولة، بدلا من دواجن مستوردة لا نعرف كيف ذبحت، وما مصدرها، وبذلك نكون وفرنا ملايين الدولارات من استيراد دواجن من الخارج، حيث إن صناعة الدواجن في مصر هي أقرب الصناعات للاكتفاء الذاتي، كما يجب أن نبتعد عن القرارات العنترية، والتي يتبناها وزير الصناعة والتجارة الخارجية لصالح المستوردين، مثل قرار حظر فرض رسوم علي الدواجن المستوردة، والذي كان من شأنه ضرب تلك الصناعة المحلية، التي وصلت استثماراتها لما يقرب من 40 مليار جنيه، ويعمل بها ما يقرب من مليوني شخص.

ومتى زرعنا الذرة وفول الصويا، وفرنا الأعلاف، ومتى وفرنا الأعلاف، شجعنا تربية المواشي، واستطعنا ضبط أسعار اللحوم في الأسواق، وطرحنا لحوما مصرية بأسعار معقولة في التموين، بدلا من المليارات التي تصرف لاستيراد اللحوم الهندية والسودانية والبرازيلية سنويًا، وأن يتزامن ذلك مع تشجيع إنشاء مزارع تربية مشتركة للمواشي على أرض السودان، وبعض الدول الأفريقية الأخرى، نظرا لانتشار المراعي الطبيعية هناك، وتستورد مصر 50% من احتياجاتها من اللحوم بواقع 600 ألف طن سنويًا.

ليس هذا فحسب، بل يمكننا عقد اتفاقيات مع شركات الحكومة الغذائية، والتي تم إنشاؤها أيام الراحل الزعيم عبد الناصر، وكانت علامات تجارية عالمية، مثل إدفينا وقها ومصر للألبان، ونكون بذلك شجعنا تلك الصناعات، وأنقذنا تلك الكيانات العملاقة من شبح الإغلاق وتشريد عمالها وأسرهم، من أجل بيع أراضيها، والتربح من ورائها واستغلالها تحت بند التوسع العمراني.

تلك الأفكار، توفر على الدولة موازنة الدولة المليارات من الدولارات، «وحتى لو دعمنا اسمنا بندعم منتج بلدنا، وبكدا نقدر ناكل من أرضنا، ومحدش يتحكم فينا».

إعلان