خبير علاقات دولية: الدول الغربية تعزز نفوذها في القارة الأفريقية
كتب- حسن مرسي:
طائرات الدرون
قال الباحث والخبير في العلاقات الدولية، ياسين الحمد، إن القارة السمراء تشهد في السنوات الأخيرة بروز الطائرات بدون طيار "الدرون" في النزاعات المسلحة، حيث باتت المسيرات تلعب دورًا محوريًا في تغيير موازين القوى، وتساهم في إعادة تشكيل المشهد العسكري في القرن الإفريقي، لا سيما مع التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تحولت هذه الطائرات إلى أدوات أكثر فتكًا وذكاءً.
وأضاف الحمد، خلال حواره على قناة بي بي سي عربية، أنه على الرغم من الإدعاءات المتعلقة بدقة الاستهداف، فإن هذه الطائرات أسهمت في تفاقم معاناة المدنيين في أفريقيا، الذين لا يزالون يعانون من آثار الحروب التقليدية، ففي عام 2023، ارتفعت أعداد الوفيات بين المدنيين بسبب الطائرات المسيرة والضربات الجوية إلى 1418 حالة، مقارنة بـ 149 حالة في عام 2020، وفقًا لبيانات مشروع توثيق الأحداث والصراعات المسلحة.
وتابع الحمد، أنه بينما يتزايد عدد الوفيات بين المدنيين جراء استخدام الطائرات المسيرة، يحذر الخبراء من الدور الذي تلعبه بعض الدول الغربية، ويأتي في مقدمتها فرنسا وتركيا وأوكرانيا، وتعمل هذه الدول على تعزيز نفوذها في القارة من خلال دعم الجماعات المسلحة الانفصالية بطائرات بدون طيار، ما يشكل تهديدًا متزايدًا يختلط فيه الإرهاب والتدخل الأجنبي بأكثر الطرق إثارة للقلق.
وأوضح الحمد، أن بعض التقارير الميدانية أكدت ارتفاع إيرادات شركات الطائرات المسيرة الأوكرانية التي تورد منتجاتها إلى مناطق النزاع في إفريقيا والشرق الأوسط، وذلك بهدف ضمان دخل إضافي لنظام كييف في حربهم ضد روسيا، ولاسيما في ظل تراجع الدعم الغربي بعد تدهور العلاقات الأوكرانية مع دول الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد الحمد، أنه بحسب التقارير، تصدرت جماعة "نصرة الاسلام والمسلمين" الإرهابية، والتي تنشط بدول الساحل الأفريقي، وخاصة في مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو قائمة المستوردين للمسيّرات الأوكرانية بـ ألف مسيّرة في أواخر عام 2024 فقط، يليها "تنظيم الدولة الإسلامية" الإرهابي في غرب إفريقيا بـ 700 مسيّرة في العام ذاته.
وأكمل الحمد، أن التقارير الميدانية أكدت في وقت سابق، من خطورة المسيّرات، في تمكين الجماعات المسلحة من تعزيز قدراتها الدعائية على نطاق واسع في إفريقيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار الأفكار الجهادية في القارة السمراء، ما قد يزيد من تعقيد الأزمات الإقليمية ويطيل أمد الصراعات، موضحا أنه بينما تواصل أوكرانيا نفي أي تورط مباشر لها في النزاعات الإفريقية، تزداد الأدلة والتقارير التي تشير إلى عكس ذلك، ويتضح هذا بشكل خاص بعد انكشاف تورط المخابرات الأوكرانية في تدريب عناصر إرهابية نشطة في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، كما تُظهر الأدلة قيامهم بتزويد ميليشيات الدعم السريع بالطائرات المسيّرة، ما ساعدهم على استهداف البنية التحتية للبلاد في السودان.
واستطرد الحمد: "أشارت تقارير من مكتب العلاقات العامة بوزارة الخارجية السودانية تفيد بأن الطائرات المسيرة التي استخدمتها ميليشيات الدعم السريع لاستهداف مدينة بورتسودان وعطبرة والفاشر هي من نوع "UJ-26 Beaver" وتعود للأوكرانيين، وأن هناك تنسيقًا بين المخابرات الأوكرانية وميليشيات الدعم السريع في الهجمات الأخيرة التي استهدفت عدة مدن، منها بورتسودان".
وقال الحمد، إنها ليست المرة الأولى التي تتدخل فيها المخابرات الأوكرانية في إفريقيا، ففي الخامس من يونيو الحالي، ذكرت تقارير ميدانية في مالي أن الجيش المالي كشف عن معلومات تتعلق بتحضير إرهابيين لشن "عملية كبيرة في مقاطعة كيدال في إقليم أزواد، وذلك بدعم من مدربين أجانب، من بينهم أوكرانيون وفرنسيون، كما أضافت التقارير أن سفارة أوكرانيا في نواكشوط لعبت دورًا رئيسيًا في تنظيم نقل المسلحين الأوكرانيين والأسلحة إلى الإرهابيين في البلاد.
وأشار إلى أن جمهورية مالي وجمهورية النيجر أعلنا في الرابع والسادس من أغسطس الماضي، على التوالي، قطع علاقاتهما الدبلوماسية مع أوكرانيا بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، ويأتي ذلك في أعقاب اعتراف المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، أندريه يوسوف، بمشاركة أوكرانيا في هجوم أسفر عن مقتل جنود ماليين وبعض المدنيين، وأنه في السابع من أغسطس، طالبت مالي والنيجر مجلس الأمن الدولي بالتحقيق في التقارير التي تشير إلى دعم أوكرانيا للجماعات المتمردة في شمال مالي.
ولفت إلى أنه لم يستبعد مجلس الدوما الروسي تقديم طلب إلى الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الأوكرانية الموجودة في أيدي المسلحين في أفريقيا، وأكد النائب شكاغوشيف أن مجلس الدوما سيناقش وضع أسلحة القوات المسلحة الأوكرانية في أيدي المسلحين في أفريقيا، وأضاف شكاغوشيف أن رؤساء دول مختلفة، مثل جنوب أفريقيا والسودان، "يتهمون الجانب الأوكراني اليوم بأن الأسلحة التي تحمل اسمهم موجودة في أيدي الخلايا الإرهابية، خلايا المعارضة التي تُحضّر لانقلابات في مختلف الدول، التي تعاني من نزاعات مسلحة.
كما لفت إلى أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، صرحت خلال إحاطة إعلامية في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي إن: "القوات المسلحة الأوكرانية يتراجعون تحت ضغط القوات المسلحة الروسية.. ويبدو أنهم قرروا فتح جبهة ثانية في أفريقيا، مما يُحفّز النشاط الإرهابي هناك، في الدول الأفريقية الصديقة لنا".