إعلان

سياسة وجنس واضطهاد عرقي.. كيف كانت المومس فاضلة في رواية سارتر؟

12:30 م الثلاثاء 16 نوفمبر 2021

إلهام شاهين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:

حظي مصطلح "المومس الفاضلة" باهتمام كبير على الصعيد الداخلي المصري بسبب إعلان الفنانة إلهام شاهين إعادة تقديم مسرحية تحمل هذا الاسم، وبدء الهجوم عليها من قبل عدد من النواب كان في مقدمتهم البرلماني الوفدي أيمن محسب، والذي اعتبرها ضد مبادئ وقيم المجتمع السامية، منتقدا تقديم مثل هذا النوع من الفن.

ومسرحية "المومس الفاضلة" مأخوذة عن رواية للكاتب العالمي جان بول سارتر، وعرفت بعدة أسماء أخرى منها "العاهرة الفاضلة" و"الساقطة الفاضلة" عام 1946، وما صاحبها من ضجة كبيرة بسبب الاسم، رغم أنها رواية تجسد واقع المجتمع الأمريكي في هذا التوقيت من حيث فساد الساسة والاضطهاد العرقي ضد السود في أمريكا، وأنه لا يشترط أن تكون تعمل في مهنة شريفة أخلاقيا حتى تتحلى بجزء من الفضيلة في تصرفاتك.

من هو سارتر؟

جان بول شارل إيمارد سارتر ولد في 21 يونيو 1905 في مدينة باريس وتوفي فيها أيضا بتاريخ 15 أبريل 1980، وهو فيلسوف وروائي وكاتب مسرحي وناقد أدبي وناشط سياسي فرنسي.

بدأ سارتر حياته العملية أستاذا بعد أن درس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية حين احتلت ألمانيا النازية فرنسا، وانخرط سارتر في صفوف المقاومة الفرنسية السرية، واشتهر لكونه كاتب غزير الإنتاج، ولأعماله الأدبية وفلسفته المسماة بالوجودية، ويأتي في المقام الثاني التحاقه السياسي باليسار المتطرف.

أبطال الرواية

بمجرد مطالعة الرواية وقبل البدء في تصفح فصولها ستجد تعريفا للشخصيات الرئيسية فيها، فتوجد ليزي وهي المرأة الساقطة، ومن ثم فريد، نجل عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، وكلارك، والد فريد "السيناتور"، والزنجي، وجون، وجيمس، وتوماس القاتل.

ليزي والزنجي

في إحدى مدن الجنوب الأمريكي تجد حجرة بيضاء الحوائط بها أريكة تتوسط شباكا عن يمينها وحماما عن اليسار وحجرة صغيرة تفتح على باب أخرى لاستقبال الضيوف، ليزي وحدها ترتدي قميص النوم وتدير المكنسة الكهربائية، في مشهد يوحي بالخيانة، يدق جرس الباب فتتردد ليزي في الإجابة وبدلا من أن تنظر إلى باب الشقة وجهت عينيها في الاتجاه المغاير حيث يقع الحمام ثم ذهبت ففتحته نصف فتحة وقالت لمن بالداخل: لا تظهر نفسك.

تنتابها حالة من القلق والتردد، لكن لم تجد ليزي بدا من الإجابة على من يقف خلف الباب يواصل الطرق لعل نداءاته تلقى أي استجابة، وبمجرد أن فتحت فوجئت بـ "زنجي" أسود ضخم وعملاق ذو شعر أبيض، يبدو عليه التوتر، ليزداد الأمر غموضا طالبها الزنجي بأن تشهد بحقيقة الأمر أمام المحكمة وأن تبرأ ساحته، فهو لم يفعل معها ما يتهمونه به، وهي واقفة لا تدري من هو ولا عن أي شيء يتحدث.

للحظات لم تتذكره ليزي، وقالت: بماذا ترجوني؟، لكن بعد النظر إليه بتمعن، استوعبت الأمر متذكرة: انتظر أنت الذي كنت بالقطار واستطعت أن تهرب منهم، ليعقب ذلك سؤالها: كيف عثرت على عنواني؟، فيرد: بحثت عنه يا سيدتي، بحثت في كل مكان.

اتهام بالاغتصاب

حاول الزنجي دخول الشقة فمنعته ليزي: أرجوك لا تدخل عندي رجل، لكن ماذا تريد؟، وبعد محاولات من الرجاء من جانبه والدهشة من ليزي تخللها فترات صمت علمت أن الزنجي متهم أمام القاضي باغتصابها ولذلك كان يبحث عنها محاولا إيجادها قبل أن يعثروا هم عليه ويعاقب على جرم لم يرتكبه.

لم يشفع رجاء الزنجي في البداية عند ليزي، وجفته بقولها: لن أقول شيئا أبدا فحياتي فيها ما يكفيها من المشكلات ولا أريد أن أزيدها بمشكلات الآخرين، اذهب من هنا، ورغم ذلك فمحاولات ليزي للتخلص من الزنجي قابلتها استماتة من صاحب البشرة السمراء والشعر الأبيض: تعلمين أني لم أفعل شيئا، فقالت نعم ولكن لن أذهب إلى القاضي، إني أتمخط القضاء والشرطة من أنفي - في تعبير عن مدى كرهها لهم.

رد الزنجي مستاءً من موقف ليزي: لقد تركت أطفالي وزوجتي وسرت طوال الليل كالتائه، فطلبت منه ليزي الرحيل عن المدينة، لكنه أجاب بأنه لا يقدر فكل البيض يراقبونه.

بعد توسلات من الزنجي إلى ليزي لقول الحقيقة وتبرئته من جرم تعلم يقينا أنه لم يرتكبه وأنه اتهم به زورا، وحتى تتخلص منه، أكدت على أنه إذا تم سؤالها ستقول لهم الحقيقة، فحاول أن يجعلها تقسم بالله على ذلك: أتقسمين بالله الذي يرانا، فردت متأففة: لتذهب إلى الجحيم.. لقد وعدتك ويجب ألا تطلب أكثر من ذلك.

زبون في الحمام

في حمام ليزي المواجه لباب المنزل كان يختبئ أحد زوار الليل من زبائن ليزي، وعقب رحيل الزنجي، أخبرها الرجل الأبيض أن تـ "غطي السرير"، متعللا بأنه يفوح بالخطيئة، سمعت ليزي هذه الكلمة فاعتقدت أنه قسيس وعندما سألته نفى ذلك، لكن بعد أن وقعت عينيها على مجموعة خواتم يرتديها في أصابعه يديه قالت له أنت لست قسيسا أنت أنظف منهم بكثير مع معانقته بحرارة، معقبة ذلك بسؤال: هل أنت غني؟، ليرد: أجل، فتعقب غني جدا، ليصدق على الكلمة: جدا، ثم تحاول تقبيله فيبتعد عنها، ويطلب منها تغطية السرير، وترد: حاضر سأغطيه.

من الطارق؟

تساءل فريد عن هوية الطارق على الباب قبل لحظات: من هناك؟، وأجابت ليزي: لم يكن أحد، فأوحى إليها باعتقاده أنه البوليس، فسألته: عندك مشكلات مع البوليس، وكان الرد بالنفي حيث قال: أبدا لم يحدث أن سرقت مليما وليس لي مشكلات.

لا اسم له

طلبت ليزي من "فريد" أن يطلعها على اسمه وذلك لأنها تريد أن تميز زبائنها الواحد تلو الآخر، لكنه رفض، فأطلقت عليه اسم "السيد الذي لا اسم له"، وأخبرته أنها تريد أن تعلق بعض الصور على الحوائط بعد أن انتهت من تنظيم مسرح الخطيئة، فها قد عاد كل شيء إلى مكانه الطبيعي، وتذكرت أن لديها صورة "الزهرية المكسورة" عن فتاة كسرت زهريتها.

بداية الجفاء

سرعان ما تحولت حالة العشق المصطنعة المدنسة بالجنس إلى خلاف وصل حد الشجار بين ليزي وفريد، فبدأ يعنفها ويبعدها عنه، وسألها كم تريد مقابل الوقت الذي أمضاه معها، وأخرج ورقة فئة العشرة دولارات ليعطيها لها، وفي المقابل بدأت تريه مفاتن جسدها مستنكرة أنه يقدرها فقط بعشرة دولارات.

ازداد الخلاف حدة وبدأت تتطاول على أمه وتسبها فأمسك برقبتها وضغط عليها بشدة، وهددها بالقتل إذا تحدثت عن أمه مرة أخرى، ثم قال لها دون سابق إنذار، في إشارة إلى التهديد: أنا ابن كلارك.. فردت: أي كلارك؟.. فرد: كلارك عضو الكونجرس، واعتقدت ليزي لوهلة أنه يكذب فردت عليه بأنها ابنة روزفلت، ولكن حين أراها صورته مع كلارك أيقنت صدق حديثه.

سؤال مفاجئ

استغرقا في الحديث وتبادل الأسئلة التي لم تلق ردودا في غالبية أجزاء الحوار، حتى جاءت اللحظة التي الحاسمة التي غيرت دفة الأمور، فسألها فريد: هل أنت التي حاول الزنجي اغتضابها على القطار؟، لترد عليه بسؤال آخر: هل وصلت أول أمس بقطار السادسة السريع؟، وكانت الإجابة على سؤال ليزي بنعم.

أعاد فريد السؤال على ليزي من جديد: هل حاول الزنجي اغتصابك كما قيل؟.. آه لو كنت أعلم ذلك، فردت ليزي بالنفي، وقالت له وما شأنك، فقال لدي الكثير من الخدم الملونين وإذا رن الهاتف فإنه يمسح السماعة قبل أن يعطيها لي، في إشارة إلى أنه لو كان يعلم قبل أن يمارس معها الجنس أن زنجيا قد اغتصبها لما اقترب منها.

روايتان عن الاغتصاب

روى فريد قصة عن الواقعة، فقال: صعد 2 من الزنوج إلى مقصورتك وفي لحظة ألقيا بنفسيهما فوقك، واستنجدت، فجاء بعض البيض وأخرج أحد الزنجيين "موسيا" فأطلق عليه أحد البيض مسدسه وصرعه، فيما هرب الآخر، تعجبت ليزي وقالت في حالة استنكار هذا ما قصه عليك ويبسترٍ، لكن تلك الرواية قابلتها ليزي برواية تنفيها، قائلة: كان الزنجيين هادئين ويتحدثان فيما بينهما ولم يكونا ينظران إلي، وبعد ذلك صعد 4 من الرجال البيض وشدني اثنان منهم كانوا ثملين، وقالوا إنهم يشمون رائحة زنوج وأرادو أن يلقوا بهم خارج المقصورة لكنهما دافعا عن نفسيهما حتى أصابت ضربة واحدا من البيض على عينه فأخرج مسدسه وأطلق النار على أحدهما، أما الزنجي الآخر فقد قفز من القطار.

الإدلاء بالشهادة

تساءل فريد موجها حديثه إلى ليزي: عندما يستدعونك أمام القاضي، هل هذه القصة التي ستروينها؟، فقالت وما شأنك؟، فحثها على الإجابة حتى جاءت بالنفي، لكن الغريب أن فريد طلب منها الذهاب للإدلاء بالشهادة فقالت: إذا سأقول ما حدث، وعاود سؤالها: هل ستشهدين لصالح زنجي ضد أبيض؟، فردت بأنها ستقول الحقيقة.

وهنا انفعل فريد وصاح في وجه ليزي غاضبا: مومس بعشرة دولارات تريد أن تقول الحقيقة، لا يوجد حقيقة هنا، يوجد بيض وزنوج، وهنا اعترف فريد بأن من فعل ذلك هو ابن عمه توماس وهو رجل طيب.

أثار وصف "طيب" الذي أطلقه فريد على توماس دهشة ليزي، فقالت مستنكرة: وهل هذا الرجل الذي كان يلصق نفسه بي طول الوقت ويحاول أن يرفع ثيابي طيب؟، حصل لنا الشرف من رجلك الطيب، لا يدهشني أن تكون من نفس الأسرة.

اضطهاد عرقي

استكمل فريد حديثه قائلا: سواء قتل زنجيا قذرا أو رفع ملابسك، هذه أفعال نأتيها دون تفكير، أشياء غير مهمة إنما المهم أن توماس "زعيم"، وعادت ليزي للتأكيد على أن الزنجي لم يفعل بها شيئا، ليواصل فريد تعامله العنصري مع أصحاب البشرة السمراء مطلقا اتهامات على المشاع دون دليل: لابد أن يفعل الزنجي شيئا ما دائما.

اختيار ومساومة

أخبر فريد ليزي أنه سيتوجب عليها على أي حال أن تسلم أحدهما للعدالة وعليها أن تختار بينهما، لكن هذا لم يكن منحا حقيقيا لحرية الاختيار بالنسبة إلى ليزي، فقد أتبع فريد هذه الجملة بأخرى نصها: كم تريدين؟ ، 500 دولار.

أجابت ليزي بأنها لا تريد شيئا، وفي تلك اللحظة أدركت أن فريد لم يأت لممارسة الجنس معها ولكنه أتى لهذا السبب لكي يطلب منها أن تزور شهادتها أمام القاضي لتنقذ توماس وتزج بالزنجي في السجن زورا وبهتانا.

دخول مفاجئ

في تلك الأثناء أتى 2 من أصدقاء فريد متنكرين في صورة بوليس، ولكن ليزي فهمت الخدعة، وبعد أن كشفتهم حاولا إجبارها على توقيع اعتراف مكتوب ليبرئ "توماس" لكنها رفضت فهددوها بالسجن، وبدأ جون يهددها: وقعي وإلا سقتك إلى السجن، فرفضت بشكل قاطع، فحاول فريد أيضا لكن بلا فائدة.

فساد الساسة

ومن ثم دخل كلارك "السيناتور" من الباب الذي تركوه مفتوحا خلفهم، وتحدث معها بلهجة رقيقة ماكرة وعنفهم على الطريقة التي دخلوا بها بيتها ومحاولة إجبارها على التوقيع، وسألها برفق: هل اغتضبك الزنجي يا صغيرتي؟، ردت بأنه لا، فقال عظيم وها قد اتضح الأمر.

في أعقاب ذلك بدأ كلارك يسرد لها قصة مزيفة عن ماري شقيقته وأم هذا الشاب التعس "توماس" وهي وفق روايته سيدة عجوز حبوبة قاربت أن تموت، وقال مخادعا: لا حق لأحد أن يطلب منك أن تدلي بشهادة زور، ولا تفكري في الأمر أكثر من ذلك، ثم استرسل في وصف من ادعى أنها شقيقته فيقول لـ "ليزي": آه لو رأيتها تبتسم.. لن تبتسم مرة أخرى أبدا.

حاول كلارك التظاهر بأنه يهم بالمغادرة: الوداع.. غدا تقولين الحقيقة أمام القاضي، فقاطعته ليزي: هل ترحل؟، ليرد: أجل أنا ذاهب إليها أنقل لها ما دار بيننا، فهي من استحلفتني أن آتي إليك.

صراع داخلي

وقعت ليزي في ورطة وبدأ الصراع الداخلي يشتتها فما بين ضرورة قول الحقيقة وتبرأة الزنجي أو الكذب وشهادة الزور وإنقاذ هذه السيدة المسنة ونجلها، ظلت ليزي في حيرة من أمرها.

استفاقة متأخرة

استغل السيناتور ذلك وظل يتلاعب بأفكارها حتى حصل على توقيعها ومن ثم أخرج من جيبه مظروفا قال إنه من والدة توماس لها، أسرعت بفتحه لكنها لم تجد سوى ورقة فئة 100 دولار وحاولت جاهدة البحث عن أية رسالة مكتوبة فلم تجد، وهنا صرخت في وجه السيناتور و"كرمشت" الـ 100 دولار وألقتها على الأرض.

في تلك الأثناء اقتحم صوت ضوضاء مرتفعة ونباح كلاب في الشارع ليزيد الوضع زخما، وذهبت ليزي إلى النافذة لاستطلاع الأمر فرأت عددا كبيرا من الرجال يبحثون عن أحد ما.

ضجيج خارجي

بمجرد أن استدارت ليزي وجدت السيناتور قد غادر المكان، وتبينت أنه تم التلاعب بها، وظل سؤال وحيد يدور في ذهنها في تلك اللحظة: ماذا أفعل؟ وكيف أدليت بشهادة زور ضد شخص بريء، وإجابته أنها لا يمكنها تكذيب توقيعها حتى لا تتعرض للسجن.

الزنجي يظهر من جديد

ما هي إلا لحظات قليلة حتى وحدت ليزي الزنجي أمامها يطلب أن تساعده في الاختباء لأن الضجة في الخارج إنما هم رجال مع كلابهم يبحثون عنه، وطلب منها البقاء لليلة واحدة في حين ظلت تنظر إلى الشارع قائلة: وقعنا في المصيدة، وضعوا حراسا على أول الشارع وآخره ويفتشون البيوت.

شعر الزنجي بالرعب وحاول الهروب فقالت له: لو خرجت لقتلوك، 6 منهم يصعدون درج السلم الآن، طابقان فقط يفصلوهم عن شقة ليزي، سألته هل تحمل سلاحا؟، فأجاب بالنفي، وسارعت بالبحث عن شيء لديها فوجدت مسدسا.

يكفي 25 عاما من الخداع

تبدو على الزنجي حالة من اليأس، فما بين خطر خارجي وتصرف غير مفهوم من ليزي بالنسبة له، سألها: ماذا ستفعلين؟، وردت بأنها ستسمح لهم بالدخول فلقد خدعوها طوال 25 عاما، بأمهاتهم العجائز ذوات الشعر الأبيض، وبأبطال الحرب، وبالأمة الأمريكية، لكنها فهمت الآن ولن تدعم يخدعونها بعد ذلك.

"سأفتح الباب وأقول لهم إنه بالداخل ولكنه لم يفعل شيئا، أجبرتموني على أن أشهد زورا لكن أقسم بالله أنه لم يقعل شيئا"، أعلنت ليزي خطتها للتعامل مع الأمر، فقال الزنجي: لكنهم لن يصدقوك، لترد: ربما لكنك ستوجه المسدس تجاههم وإن لم ينصرفوا أطلق النار عليهم، وإذا أتى غيرهم أطلق عليهم النار، وإذا رأيت السيناتور فأعمل على ألا تخطئه لأنه هو الذي رتب كل هذا.

قالت ليزي بتصميم: فلتكن هذه فرصتنا الأخيرة، لأنهم إن وجدوك عندي فلن أدعهم ينالون شعرة من جسمي وإذا كان لابد من الموت فلنمت معا.

فشل الخطة

فشلت الخطة لأن الزنجي رفض إطلاق النار عليهم، وقال: كيف أطلق أنا الزنجي النارعلى البيض؟، كيف يمكن لزنجي أن يقتل أبيضا أو يقف في وجهه؟، لا يمكن، فطلبت منه ليزي الاختباء في الحمام، وإذا بها تسمع طرقا على الباب و3 رجال يسألونها عن الزنجي، فقالت: أي زنجي؟، لا يمكن أن تبحثوا عنه عندي لأنني المرأة التي اغتضبها في القطار، ولم تكن تقصد ليزي أنه اتهامه فعلا بالاغتصاب بقدر ما أرادت أن تخلق سببا لجعلهم ينصرفون دون تفتيش الشقة..

مواجهة محتدمة

خرج الزنجي من الحمام ليقبل قدمها على إنقاذه، وبدأت الشكوك تساور ليزي: هل يجب أن أصدق أن المدينة كلها على خطأ، فلم تعد تفهم شيئا مما يحدث، طُرق الباب من جديد، والزنجي عاود الاختباء، ومن ثم دخل فريد فعنفته وسبته وطلبت منه المغادرة فأخبرها أنهم قبضوا على الزنجي ورغم أنه ليس هو أطلقوا النار عليه وقتلوه.

شد وجذب ومشادات بين ليزي وفريد، ومن ثم ساد الصمت لحظات قليلة حين سمع فريد صوتا قادما من الحمام، فسألها عن وجود أحد، وحاول الدخول فمنعته معللة: إنه زبون اليوم وهو من النوع السخي، فرد عليها فريد بأنها لن يكون لها زبائن بعد اليوم.

في النهاية اكتشف فريد وجود الزنجي، وحين رآه هم بإطلاق النار عليه لكن الزنجي قفز فجأة ودفعه وهرب من الباب وفريد في أعقابه يطلق الرصاص وليزي على صرخة واحدة: الزنجي بريء.. الزنجي بريء.

بعد لحظات عاد فريد ليجد ليزي موجهة مسدسها نحوه، حاول أن يستعطفها: حرام عليكٍ ماذا ستفعل أمي لو مت؟، فردت بأنهم لن يضحكوا عليها مرة أخرى بأسطورة أمه.

وبدأ فريد في سرد حكايات عائلته البطولية من أجل الأمة الأمريكية وكيف صنعوا هذا البلد وكيف أن تاريخهم هو تاريخها، وأنها إذا أرادت أن تطلق النار عليه فهذا يعني أن تطلق النار على أمريكا كلها، وهنا تراجعت ليزي وأعطته المسدس فوضعه فريد في جيبه وطمأنها أن الزنجي هرب بسرعة وأن الرصاص قد أخطأه.

نفس الخدعة تنطلي مجددا

عرض فريد على ليزي حياة منعمة، عبارة عن منزل على التل على الصفة الأخرى من النهر، وبيت جميل له حديقة تتنزه فيها، وفي المقابل تسمح له أن يأتي لها 3 أيام أسبوعيا مساء وهي: الثلاثاء والخميس وعطلة الأسبوع، وسيكون لها خدم كثير من الزنوج ومال لم تحلم به، بشرط أن تلبي كل نزواته -وما أكثرها-.

رمت ليزي نفسها بين ذراعيه لبعض الوقت، فسألها عن شعورها بالمتعة، لتجيب: نعم، وهنا انشرح صدره وانفرجت سريرته وقال: كل شيء الآن عاد إلى مكانه السليم، ومن ثم سادت لحظة من الصمت تلاها اعتراف منه باسمه الحقيقي الذي لم تكن تعرفه.. "فريد"، وإلى هنا تنتهي الرواية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان