إعلان

شيخ الأزهر: لا يجب إطلاق مسمى ''الدولة الإسلامية'' على تنظيم ''داعش'' الإرهابي

11:15 ص الإثنين 20 أبريل 2015

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ــ محمود علي:

قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إنه لا يجب إطلاق مسمَّى ''الدولة الإسلامية'' على تنظيم ''داعش'' الإرهابي، لأنه لا توجد دولة إسلامية بهذا المعنى، وإنما توجد دول إسلامية، وزَعْمُ '' داعش'' إنشاء دولة للخلافة الإسلامية لا يتفق مع وجهة نظر الأزهر الشريف الذي يرى أن كل دولة - حسب الاتفاقيات الدولية - لها حدود مائية وجوية، وعلى أرض الواقع يستحيل إقامة دولة إسلامية تضم جميع الدول الإسلامية، اللهم إلا إذا كان هناك اتحاد يضم مجموعة الدول الإسلامية، على غرار الاتحاد الأوروبي.

وأوضح الإمام الأكبر في حديثه مع التلفزيون الألماني أن مؤسسة الأزهر الشريف تعلم طلابها أن الإسلام لا يمكن أن ينتشر أو يسود بالسلاح، وأن الإسلام دين ينتشر بالحجة والمنطق والإقناع، وكان مَن أراد أن يدخل في الإسلام فليدخل ومَنْ أراد أن يحتفظ بدينه فليحتفظ به، والحروب التي حدثت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- كانت لرد العدوان، وليس للهجوم والاستيلاء على أراضي الناس، مشددًا على أن الإسلام ما دخل أي بلدٍ بغرض الاستعمار أو فرض الدين كما يحدث الآن من الحركات المسلحة التي لا يقر الأزهر أعمالها الإجرامية؛ انطلاقا من أن الإسلام والقرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يقر ذلك، مشددًا على أن هناك جهات معروفة تقف خلف تشويه صورة الإسلام، وهذه الجهات مدعومة بأموال كثيرة تغري أي إنسان لأن يقول في الإسلام ما يشاءون.

وأضاف أن الإسلام لا يُفرض بالسلاح ولا يُجبر أحدًا على الدخول فيه، وكلمة ''جهاد'' في القرآن الكريم تطلق على القتال دفاعا عن النفس وعن الأرض والعقيدة والعرض، والدعوة إلى الإسلام لا تتم إلا من خلال طرقها التي خوطب بها النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلَّمَ – في قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ النحل: 125، ففي الآية أمر للنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلَّمَ – بألا يخرج في دعوته عن إحدى الطرق الثلاث التي تتمثل في الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال ''الحوار'' بالتي هي أحسن، ولذلك فإنه لا يمكن فرض عقيدة معينة على أحد؛ لأن الإسلام يعلم المسلمين أن العقائد لا تفرض، بدليل ما جاء في القرآن الكريم من نحو قوله تعالى: (فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)، وقوله جلَّ وعلا: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ).

وتابع: إن تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية وراءه دعم دولي كبير؛ لخلق الفوضى في المنطقة العربية وضَرْب استقرارها وتغيير جغرافيتها وحدودها وقلب الموازين فيها، مِن خلال توظيف داعش والحركات المسلحة للدين؛ لخدمة المخططات الاستعمارية الكبرى التي تسعى لخلق شرق أوسط جديد، فلو نظرنا إلى ما يحدث في سوريا وما آل إليه الحال في العراق واليمن وليبيا لوجدنا أن الفوضى الخلاقة التي تقف وراءها بعض الأنظمة العالمية قد تحققت على أرض الواقع للهيمنة على المنطقة، وبهذا الصدد أنا لا أتهم هذه الأنظمة؛ لأن هذا لم يعد خفيًّا على أحد، كما لم يعد استنباطا أو استنتاجاً فهناك كتب مؤلفة تتحدث عن ذلك صراحة، مشدِّدًا على أن الحركات المسلحة لا تشكل تحديا للأزهر الشريف، ولكنها تشكل تزييفًا لمنهج الإسلام الوسطي المعتدل، ولذلك فالأزهر بصدد الانتهاء من مرصد إعلامي باللغات الأجنبية المختلفة؛ لمتابعة ورصد ما ينشره تنظيم داعش والحركات المسلحة وترجمته وعرضه على فريق من العلماء الأزهريين المتخصصين للرد على ضلالاتهم ثم ترجمته وبثه في موقع الأزهر الشريف؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة والزائفة التي ألصقت بالإسلام، والتي اعتمدت عليها تلك الجماعات، بالإضافة إلى النظر في مناهج الأزهر بما يتواءم وتصحيح الأفكار الشاذة والمنحرفة التي لم تكن موجودة من قبل، فقد أدخلنا في المناهج دراسة مفاهيم الجهاد والحاكمية والتكفير والجاهلية، والتي تدرس لأكثر من 2 مليون ونصف طالب وطالبة فيما قبل التعليم الجامعي؛ ليكونوا على دراية بخروج هذه الجماعات عن الإسلام.

وأرجع الإمام الأكبر ظهور هذه الجماعات المسلحة إلى أسباب عديدة؛ منها: الإحباطات التي توالت على الشباب، والاحتلال الصهيوني لفلسطين، والتأخر الاقتصادي، والبطالة، واحتضان هذا الفكر في الغرب بعد التضييق عليه في بلدانهم بدعوى الحرية، قائلاً: إن مصر تسير في خطًى ثابتة نحو اقتصاد أفضل، وخلق فرص عمل للشباب، ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي لهو أكبر دليل على اهتمام مصر بالاستثمار، بحيث تكون هناك فرص عمل كثيرة للشباب.

وتابع أن الأزهر والمسلمين أعلنوا للعالم كله تكرارًا ومرارًا أن الجماعات المسلحة التي تتبنى القتل والإحراق لا تمثل الإسلام ولا المسلمين، محذرًا من إلصاق هذه الأعمال الإجرامية بالإسلام والمسلمين، لأن العالم العربي كله الآن -وهو كتلة موحدة في العالم الإسلامي- مجتمع على محاربة داعش والحركات المسلحة، مع أن العالم ليس كتلة واحدة في التصدي للإرهاب، مشيرًا إلى أنَّ مَن يعتقد أن داعش قد انفردت بالعالم العربي فاعتقاده غير صحيح، فالعالم العربي الآن بدأ في التوحد، ولو أنه توحد وتجمع من تاريخ إنشاء جامعة الدول العربية، لكان للعرب الآن شأن آخر، وموقف آخر، مشددًا على أن العرب في عاصفة الحزم لم يحملوا السلاح في وجه الشيعة، وإنما حملوه ضد الخارجين على الشرعية الوطنية في دولة اليمن، وذلك حين استغاث اليمن بالعالم العربي، فأغاثهم وتوحد معهم.

وأردف الإمام الأكبر في حديثه للتليفزيون الألماني: تجديد الخطاب الديني يعني تجديد أساليب العرض وتقديم الأولويات، ونؤكد أن التجديد فرض إسلامي، ففي الحديث الشريف الصحيح الذي يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ''إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا''، لكن هناك تحديات جديدة لم نكن نعرفها قبل 20 سنة، والجميع لم يكن مستعدًّا لها، وقد كنا مهمومين بتحديات أخرى غير التي ظهرت في هذه الأيام، ومن ثَمَّ فإننا نعمل على كافة المستويات لمواجهة هذه التحديات وقطعنا فيها شوطًا كبيرًا.

وأضاف الإمام الأكبر أن الإسلام دين يدعو إلى وحدة الناس، فهو دين الأخوة والتعارف والتعايش مع الآخر الذي لا يقف عند طبقة معينة, وإنما يحيا مع الجماهير التي تشكل بعدًا كبيرًا جدًّا في بناء الإسلام، قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ'' وقال تعالى: '' إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً''، وقال تعالى: ''وَأطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ''.

وأوضح الإمام الأكبر في ختام حديثه مع التليفزيون الألماني أن الأزهر يعمل بكافة مؤسساته على مستويات عدة لتوعية الناس والشباب من خطورة الفكر الإرهابي والمتطرف، وهو -بالتعاون مع كافة المعنيين بالتعليم- سوف يقوم بإعداد مقرر عام يدرس في كل الجامعات والمعاهد والمدارس، يبين الفهم الخاطئ للنصوص من قبل الجماعات المتطرف والإرهابية، مؤكدًا أن الأزهر أدى دورًا بارزًا في توحيد الصفوف عبر بياناته ووثائقه ومشاركته في المؤتمرات الدولية، فعلى سبيل المثال عندنا مؤتمر في أبوظبي وآخر في فلورنسا، والشهر القادم في لندن، وحددنا من يذهب إلى الأمم المتحدة، فهذه كلها تحركات على أرض الواقع لإسماع صوت الأزهر للعالم أجمع، وخاصة العالم العربي.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان