إعلان

مصر تخطط لخفض واردات الوقود 15%.. هل تنجح في ذلك؟ خبراء يجيبون

كتب : أحمد الخطيب

03:59 م 16/12/2025

واردات الوقود

تابعنا على

في ظل الضغوط المتزايدة على فاتورة استيراد الوقود، تتحرك الحكومة نحو تقليص الاعتماد على الخارج، مستندة إلى مزيج من زيادة الإنتاج المحلي، ورفع كفاءة التكرير، وترشيد الطلب، في محاولة لخفض واردات المحروقات بنحو 15% خلال عام 2026، وفق خطة تستهدف توفير مليارات الدولارات من النقد الأجنبي.

وأكد كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، على نجاح الخطة الاستباقية والتنسيق الكامل مع وزارة الكهرباء في تأمين إمدادات الطاقة لمحطات الكهرباء خلال الصيف، وضمان تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن احتياجات الدولة من الطاقة أصبحت مؤمنة لخمسة أعوام مقبلة.

وأوضح الوزير، أن قطاع البترول انتقل من مرحلة التراجع إلى مرحلة الاستقرار، مع العودة إلى الزيادة التدريجية في إنتاج الغاز الطبيعي لأول مرة منذ 4 سنوات، بالتوازي مع خطة تستهدف رفع إنتاج البترول الخام وتحقيق الاكتفاء الذاتي خلال 5 سنوات، عبر حزم تحفيزية جاذبة للاستثمار وتبني تكنولوجيات إنتاج حديثة.

وتستند خطة خفض الواردات إلى تقليص فاتورة الاستيراد الشهرية خلال صيف 2026 إلى نحو 1.7 مليار دولار، مقارنة بمتوسط ملياري دولار في صيف 2025، كما تستهدف خفض الفاتورة في فصل الشتاء إلى 1.36 مليار دولار بدلًا من 1.6 مليار دولار حاليًا، بما يحقق وفرًا سنويًا يقترب من 3.2 مليار دولار.

وتشمل الخطة زيادة ضخ النفط الخام إلى معامل التكرير بنسبة 12%، اعتمادًا على اكتشافات بترولية جرى ربط عدد منها بالفعل على الشبكة القومية، بما يسمح برفع إنتاج المحروقات محليًا وتعويض جزء من الواردات، إلى جانب تقليص واردات المنتجات البترولية بنسبة تتراوح بين 10 و15%، وخفض شحنات النفط الخام والغاز المسال بنحو 10%، تزامنًا مع دخول حقول جديدة مرحلة الإنتاج خلال 2026.

وبينما تعكس خطة خفض واردات الوقود 15% توجهًا جادًا لتقليل الضغوط على النقد الأجنبي ودعم استقرار منظومة الطاقة، يجمع خبراء الطاقة والاقتصاد على أن نجاح هذه التوجهات يظل مرهونًا بإحكام التنفيذ وتكامل السياسات، مع قدر عال من الشفافية في عرض الآليات، وبما يحقق توازنًا دقيقًا بين زيادة الإنتاج ورفع كفاءة التكرير وترشيد الاستهلاك، دون أن ينعكس ذلك بأعباء غير محسوبة على الاقتصاد أو على المواطن.

خفض الواردات.. أرقام تحتاج آلية واضحة

يرى حسام عرفات، أستاذ هندسة البترول والتعدين، أن الحديث عن خفض واردات الوقود بنسبة 15% يظل "رقمًا مبهمًا" ما لم يربط بآلية تنفيذ واضحة، متسائلًا عما إذا كان هذا الخفض سيعتمد على زيادة الإنتاج المحلي، أم على ترشيد الاستهلاك، أم على مزيج من الاثنين.

ويؤكد عرفات أن أي توفير حقيقي ومستدام لا بد أن يقابله بديل محلي يغطي احتياجات السوق؛ حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد تقليص قسري للاستهلاك، موضحًا أن تحقيق هذا الوفر لا يتم إلا عبر مسارين أساسيين: الأول؛ ترشيد الاستهلاك بصورة مقننة، كما حدث في فترات سابقة نتيجة رفع أسعار المنتجات البترولية وهو ما يدفع إلى تقليل الاستخدام، والثاني وهو الأفضل اقتصاديًا تعظيم الإنتاج المحلي ورفع كفاءة معامل التكرير، بما يسمح بإحلال المنتج المحلي محل المستورد.

ويشدد على أن الإعلان عن أرقام مالية كبيرة، مثل توفير مليارات الدولارات من فاتورة الاستيراد، يجب أن يكون مصحوبًا بتفصيل دقيق لكيفية تحقيقها، سواء في البنزين أو السولار أو الغاز.

الهدف ممكن ولكن بشروط

من جانبه، يرى محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، أن هدف خفض واردات الوقود بنسبة 15% في 2026 قابل للتحقق من حيث المبدأ، لكنه هدف مشروط وليس أوتوماتيكيًا، موضحًا أن الوصول إلى هذا المستوى من الخفض يتطلب إدارة متزامنة لثلاثة ملفات رئيسية: الإمدادات المحلية، وطاقة التكرير، وترشيد الطلب.

ويشير فؤاد إلى أن تحقيق وفر سنوي يقترب من 3.2 مليار دولار ممكن، لكنه يظل مرهونًا بعوامل خارجية وداخلية، أبرزها أسعار الخام والمنتجات عالميًا، وكفاءة التشغيل داخل المصافي، ومدى الالتزام بجدول زيادة إنتاج الغاز والبترول دون تعثر.

ويضيف فؤاد، أن وزارة البترول تمتلك عدة ركائز لتعويض خفض الواردات، في مقدمتها رفع معدلات تشغيل المصافي وتقليل الاختناقات اللوجستية، وزيادة كميات الخام والمكثفات الموردة للمصافي من خلال تحسين الإنتاج المحلي وإدارة مزيج الخامات، بما يعزز إنتاج المنتجات الأعلى استيرادًا، إلى جانب إدارة الطلب على الطاقة في قطاع الكهرباء خلال ذروة الصيف، وتطبيق برامج كفاءة الطاقة لتقليل الفاقد وتحسين كفاءة الاحتراق، فضلًا عن حوكمة منظومة التوزيع للحد من التسرب والفاقد غير الفني.

هل التكرير والمصادر المتجددة وحدهما يكفيان؟

ويؤكد فؤاد أن التوسع في التكرير وزيادة الإنتاج يمثلان جزءًا أساسيًا من الحل، لكنهما ليسا المفتاح الوحيد، موضحًا أن التكرير دون خام كاف أو دون انضباط للطلب قد يغير شكل المشكلة دون حلها جذريًا، كما أن زيادة الإنتاج وحدها قد تخفف واردات مرتبطة بالطاقة، لكنها لا تلغي الحاجة إلى استيراد بعض المنتجات البترولية.

أما عن دور الطاقة المتجددة، فيرى الخبير الاقتصادي أنها تمثل إضافة مهمة، لكنها لا تزال محدودة في معالجة ذروة الطلب الصيفية، نظرًا لطبيعتها المتقطعة وغياب حلول التخزين واسعة النطاق، فضلًا عن ارتفاع تكاليف ربط الشبكات وإدارة الأحمال، واعتماد هذه المشروعات على تمويل أجنبي ومكونات مستوردة، ما يجعل جدواها حساسة لسعر الصرف.

اقرأ أيضًا:

اكتشافات الغاز.. كم تضيف لمصر وهل اقترب الاكتفاء الذاتي في الصيف؟

"ليس خيارا بل ضرورة".. وزير البترول الأسبق: مصر تعتمد على 4 مصادر لتأمين احتياجاتها من الغاز

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان