إعلان

أمهات عظيمات في تاريخ الإسلام: الخنساء أم الشهداء

02:12 م الخميس 19 مارس 2020

الخنساء ام الشهداء

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

قبل عيد الأم التي كرمها الإسلام، وذكرت مصادره الأصلية، القرآن والسنة، قصصًا لأمهات مؤمنات كانت لهن حكايا عظيمة سطرت باسمائهن في التاريخ، وخرج من أرحامهن رجالًا عظماء، يرصد مصراوي بعض قصص هؤلاء الأمهات العظام الذين من بينهم "أم الشهداء" الخنساء، الشاعرة الشهيرة في الجاهلية والإسلام، التي فدت الإسلام بأبنائها الأربعة وحثتهم على الشهادة..

من هي "الخنساء"؟

هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية، لقبت بالخنساء بسبب شكل أنفها، وكانت من أشعر النساء في الجاهلية والإسلام، واشتهرت بقوة الشخصية والرأي، وكانت لها قصائد كثيرة في الجاهلية تتفاخر فيها بعائلتها واخويها معاوية وصخر الذين قتلا في إحدى المعارك، فكتبت فيهما رثاءًا من أشهر ما عرف في شعرها، وكانت تسرف في ندبهما ورثاءهما ومما قالت فيهما:

وَإِنَّ صَخرًا لَـوالِينا وَسَـيِّدُنا..وَإِنَّ صَخرًا إِذا نَشتو لـنَحّارُ

وَإِنَّ صَخرًا لَـتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ .. كَأَنّهُ عـلَمٌ فـي رَأسِهِ نارُ

مِثلَ الـرُدَينِيِّ لَـم تَنفَذ شَبيبَتُهُ .. كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ

وقال تنعى أخاها معاوية:

ألا لا أرى في الناس مثل معاويةْ ..إذا طرقتْ إحدى الليالي بداهيَهْ

أَلا لاْ أرَىْ كفارس (الْجُونِ) فارسًا .. إذا ما دَعَتْهُ جُرأة وعلانيهْ

فأقسَمْتُ لا يَنفكُّ دَمْعِي وعولَتِيْ ..عَليك بحزنٍ ما دَعا الله داعيَهْ

وقد اسلمت الخنساء مع قومها، بني سليم، حين جاءوا النبي ليعلنوا إسلامهم، وحسن إسلامها، وقد تزوجت الخنساء عدة مرات حسبما يقول حمدو طماس في مقدمة كتاب "ديوان الخنساء" ويقول أنها قد رفضت سيد بني جشم دريد، لأنها لا ترغب في الزواج إلا من أبناء عمومتها، يقول حمدو أن ذلك قد يكون بسبب تجربة زواج سابقة لم تنقلها لنا كتب التاريخ، لكنها بعد ذلك تزوجت أكثر من مرة، وآخرهم هو الرواحي السلمي عبد العزى بن عبد الله بن رواحة، وقد أثرت حياة الإسلام على شخصية الخنساء كثيرًا، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستنشدها الشعر ويستزيدها وهو يصغى إليها.

قصة استشهاد ابناءها الأربعة ووصيتها لهم قبل المعركة

قدمت الخنساء للإسلام أبناءها الأربعة شهداء في معركة القادسية، فعلى الرغم مما عرف عنها من بكاءها ورثاءها الشديد لأخويها صخر ومعاوية، إلا أن كان لها موقفًا آخر مع الموت وفراق الأحبة بعد الإسلام، حيث قالت لأبناءها قبل معركة القادسية حسبما نقل تركي بن الحسن الدهماني في كتابه "نزهة الأديب والكاتب البليغ": ا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عزَّ وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين. وبالفعل استشهد ابناءها الأربعة مع الجيش، وعرفت ذلك حين عاد الجيش منتصرًا فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته. وهكذا تلقت الخنساء أم الشهداء خبر وفاة أبناءها جميعًا بنفس ثابتة راضية.

لكن على الرغم من ذلك لم يتوقف بكاء الخنساء ورثاءها لأخويها وأبيها، فذهب بنو عمها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرجونه أن يجعلها تتوقف عن البكاء قائلين حسبما نقل السيوطي في كتابه "الوافي بالوفيات": يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي.

فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية، وإني لموقنة بالموت، فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي، وعندما استشهد أبناءها بالقادسية، أعطاها عمر أرزاق أولادها الشهداء طوال فترة خلافته.

كانت وفاة الخنساء رحمها الله ورضي عنها في أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه عام 24 هجريًا.

فيديو قد يعجبك: