إعلان

المعز لدين الله أول من احتفل بالمولد النبوي.. وهذه قصة أول "حلوى" للمولد

08:53 م الأربعاء 28 أكتوبر 2020

حلوى المولد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

يرجع كثيرون تاريخ الإحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى الدولة الفاطمية في مصر، ويرى البعض أن غياب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في صدر الدولة الإسلامية كان أمرًا طبيعيًا، حيث كان نشر الدين وتوطيد أركان الدولة الإسلامية وتوسيع رقعتها شغل المسلمين الشاغل وقتها، ويرى حسن السندوبي في كتابه "تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي"، أن الأمويين انشغلوا كذلك بخصومهم العلويين والزبيريين ومحاربة الخوارج والمتمردين وتوطيد الحكم وبعث السرايا والجيوش وكذلك العباسيين، ولهذا قال السندوبي في كتابه أن هذه الأسباب مجتمعة او متفرقة كانت تحول دون اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا إسلاميا أو موسمًا قوميًا ليحتفلوا به.

المعز لدين الله الفاطمي وأول احتفال بالمولد النبوي

يقول السندوبي إنه بعد ان استولى الفاطميون على مصر فكروا كيف يتمكنون من استمالة قلوب المصريين واستثارة عواطفهم حتى يألفوا الحكومة الجديدة ويرضوا عنها، وكانت الميول العامة للمسلمين في مصر تتجه إلى حب آل بيت الرسول مع الاعتدال في التشيع لهم، وهكذا بدأ المعز لدين الله الفاطمي الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف وحشد له دولته حتى يعم الناس في تلك الذكرى الكريمة ولياليها صنوف الخيرات، خاصة أن في تلك الحقبة كانت تعاني مصر من أزمة مجاعة وقحط، وهكذا في أول احتفال بالمولد النبوي الشريف ف يمصر، "وزعت الأموال على الناس كافة، وعمهم الإحسان باختلاف طبقاتهم، ومنح أهل الستر منهم سني الصلات، وأوروثوا بالعطايا والهبات، ووزعت فيهم الهدايا والنفحات". وكان كبار رجال الدولة والأعيان يتنافسون في اقامة الزينات وصناعة الولائم والمآدب وإسداء الصدقات، وكان القرآن الكريم يتلى صادحًا في المساجد والزوايا ويكثر ذكر الله والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم.

كانت المواكب الفخمة ومسيرات الجند الفرسان بأعلامهم وطبولهم وأبواقهم من مراسم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في ظل الدولة الفاطمية، وكان الأهالي كذلك يحتشدون ويتقدمهم قضاة الدولة ودعاتها وكبار رجالها، وهكذا بدأ أولاد المعز لدين الله وأحفاده والأمة الإسلامية في جميع الأنحاء بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يقول السندوبي "كانت أكثر الأمم عناية بهذه الذكرى والاحتفال بها والاحتشاد لها بعد مصر الشام والجزيرة والموصل واليمن وأفريقية والمغرب والأندلس، وجروا في ذلك على الأوضاع التي ابتدعتها الدولة الفاطمية بمصر مع كثير من التصرف والافتتان في الكميات والكيفيات".

على الرغم من أن الشائع لدينا أن الدولة الفاطمية هي من أحيت مولد النبي صلى الله عليه وسلم بالاحتفالات، إلا أن البعض له رأي آخر، فيرى إسماعيل سامعي في كتابه "تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف" أن أول من احتفل بالمولد النبوي كانت بلاد الأكراد، أي كردستان بالعراق، وفي الوقت نفسه ببلاد المغرب الإسلامي.

حلاوة المولد مصنوعة من عشرين قنطارًا من السكر!

يروي المقريزي كيف كان يتم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في القاهرة الفاطمية، وقصة أول "حلوى للمولد" تصنع في مصر، فيقول "فإذا كان اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، تقدم الخليفة بأن يعمل في دار الفطرة عشرون قنطارًا من السكر اليابس، حلواء يابسة، من طرائفها وتعبأ في ثلثمائة صينية من النحاس، وتفرق تلك الصواني في أرباب الرسوم من ذوي المراتب، وكل صينية في قوارة ويبدأ ذلك من أول النهار إلى ظهره، فأول أرباب الرسوم: قاضي القضاة، ثم داعي الدعاة، ويدخل في ذلك القراء بالحضرة والمتصدرون بالجوامع بالقاهرة وقومة المشاهد، فإذا صلى الخليفة ركب قاضي القضاة والشهود بأجمهم إلى الجامع الأزهر ومعهم أرباب تفرقة الصواني"، وكانت الشوارع تكنس وترش بالماء، وترش بالرمل الأصفر، ويقرأ القرآن في الجامع الأزهر ثم يخطب خطيب الأزهر المعروف وقتها بجامع الحاكم، لينهي خطبته بالدعاء للخليفة، ثم يخطب خطيب الجامع الأقمر وهكذا تتوالى خطب الخطباء، ثم ينفض الناس.

المولد النبوي في عصر الدولة الأيوبية

على الرغم من أن الدولة الأيوبية ألغت كثيرا من الأحتفالات والموالد التي كانت تقيمها الدولة الفاطمية، إلا أنها لم تفعل ذلك مع المولد النبوي الشريف رغم ما يشاع عكس ذلك، فكان الملك المعظم مظفر الدين يحتفل باحياء ذكرى المولد النبوي حسبما ذكر السندوبي في كتابه السابق، وكان احتفاله به مضربًا للأمثال في العظمة والجلال، وكان يهتم به اهتمامًا فائقًا، وذكر سبط ابن الجوزي في كتابه "مرآة الزمان" أنه كان يصرف على المولد في كل سنة ثلثمائة ألف دينار، وروى ابن كثير كذلك في "البداية والنهاية" كيف كان يحتفل الملك المظفر بالمولد النبوي، فيقول أنه كان يحتفل به احتفالًا هائلًا ووصفه بأنه كان "شهمًا شجاعًا بطلًا عاقلًا، عالمًا عادلًا".

وظلت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف قائمة في مصر منذ ذلك الحين رغم توالى الحكام ورغم حتى حملات الاستعمار سواء بالحملة الفرنسية وغيرها وحتى يومنا هذا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان