إعلان

بعد افتتاح مؤتمر الأزهر.. تعرف على شروط التجديد والمجدد الأول في تاريخ الإسلام (1)

05:54 م الإثنين 27 يناير 2020

عمر بن عبد العزيز.. الخليفة العادل والمجدد الأول

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - آمال سامي:

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مؤتمر الأزهر حول تجديد الخطاب الديني، وقال في الكلمة التي ألقاها اليوم نيابة عنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن التهاون في تجديد الخطاب الديني يعطي مساحة لأدعياء العلم لسلب عقول الشباب وتدليس أحكام الشريعة، وينقلون لهم التفاسير والأفكار الخاطئة حول القرآن والسنة، وطالب في كلمته المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر أن تتولى فكرة تجديد الخطاب الديني..وعلى مدار أكثر من ألف وربعمائة عام كان للأمة الإسلامية علماء عظام صنفهم العلماء باعتبارهم "مجددون" منطلقين من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"..وقد اهتم العلماء في مؤلفات الطبقات والتراجم بتحديد المجددين في عصرهم، بل أفرد بعضهم في ذلك كتبًا كجلال الدين السيوطي في كتابه: "التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة".

ما هي الشروط التي حددها العلماء في اختيارهم لـ "المجددين"؟

في كتابه "التجديد في الفكر الإسلامي" ذكر عدنان أمامة أن شروط المجدد التي ذكرها علماء المسلمين ثلاثة:

§ إحياء من انطمس واندرس من معالم السنن ونشرها بين الناس وحمل الناس على العمل بها.

§ قمع البدع والمحدثات وتعرية أهلها وإعلان الحرب عليهم، وتنقية الإسلام مما علق به من جاهلية والعودة به إلى ما كان عليه أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام.

§ تنزيل الأحكام الشرعية على ما يجد من وقائع وأحداث ومعالجتها بناء على القرآن والسنة.

وفي السطور القادمة وعلى حلقات متتالية يستعرض مصراوي بعضًا من أبرز المجددين في التاريخ الإسلامي...

عمر بن عبد العزيز.. الخليفة العادل والمجدد الأول

كان على رأس المائة سنة الأولى من المجددين الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي عده المؤرخون خامس الخلفاء الراشدين، فكان عمر خليفة عادل رد المظالم التي ارتكبها سابقيه إلى أهلها ونشر المساواة بين الناس. لم يكن سياسيًا فقط، بل كان من أئمة الإجتهاد، يقول الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء. وكان قبل أن يتولى الخلافة واليًا على المدينة في عهد الوليد بن عبد الملك وظل على ولايتها لمدة ست سنوات وخطب في الناس حين حضر المدينة قائلًا: "إني دعوتكم لأمر تؤجرون فيه، ونكون فيه أعوانًا على الحق. ما أريد أن أقطع أمرًا إلا برأيكم أو برأي مَن حضر منكم؛ فإن رأيتم أحدًا يتعدَّى، أو بلغكم عن عامل ظُلامة، فأُحِّرج بالله على من بلغه ذلك إلا أبلغني". وظل واليًا عليها حتى عزله الوليد بسبب وشاية، فلما تولى الحكم سليمان بن عبد الملك أعاده لولاية المدينة وكانت فترة ولايته للمدينة مفعمة بالاستقرار والعدالة والأمن، حتى نقل الذهبي عن الليث بن سعد انه قال: حدثني قادم البربري أنه ذاكر ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيئا من قضاء عمر بن عبد العزيز إذ كان بالمدينة ، فقال ربيعة : كأنك تقول : أخطأ ، والذي نفسي بيده ما أخطأ قط .

وأوصى سليمان بن عبد الملك بالخلافة من بعده لعمر بن عبد العزيز، فأحسن إدارة الدولة واختار العمال العدل الأكفاء في دولته وكان حريصًا على مال الدولة، فكثرت الأموال في بيت المال لدرجة أنها فاضت على كفاية الناس وحاجاتهم، فبدأ عمر يقضي الديون عن الغارمين من بيت المال، حيث كتب لأحد ولاته: اقضوا عن الغارمين، فرد عليه قائلًا: إنا نجد الرجل له المسكن والخادم، وله الفرس، وله الأثاث في بيته، فكتب عمر قائلًا: لابد للرجل من المسلمين من مسكن يأوي إليه رأسه، وخادم يكفيه مهنته، وفرس يجاهد عليه عدوه، وأثاث في بيته، ومع ذلك فهو غارم، فاقضوا عنه ما عليه من الدين.

وفي كتاب "آثار عمر بن عبد العزيز الأدبية" ينقل كاتبه مفلح النمر ما رواه البلاذري أن عمر أمر والي البصرة عدي بن أرطأة أن يحصي مساكينها في كتاب، فبلغ عددهم 30 ألف و915 فردًا، فكتب إليه يأمره بأن يعطيهم كل شهر من الطعام ما يكفيهم. وحين جاءه الحجبة طالبين أن يكسو بيت الله الحرام بكسوة كما فعله الخلفاء من قبله، كتب إليهم قائلًا: إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة فإنهم أولى بذلك من البيت.

لم تقتصر جهود عمر بن عبد العزيز على الأمور المالية والسياسية للأمة فقط، بل كان له الفضل الأكبر في عملية تدوين السنة النبوية الشريفة حيث أرسل إلى العلماء في الأمصار كتابه الشهير: "انظروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبوه؛ فإني خفت دُرُوس العلم، وذهاب أهله".

توفي عمر بن عبد العزيز في سن صغيرة فلم يبلغ بعد الأربعين من عمره، حتى لقى ربه في 24 رجب عام 101 هـ.

فيديو قد يعجبك: