إعلان

حوار| نجل شقيق بليغ حمدي: بدأ مع "ساعة لقلبك".. وفضّل التلحين عن الغناء-(1)

06:50 م الخميس 13 سبتمبر 2018

حوار- منى الموجي:

تصوير- فريد قطب:

تشبه حياته الفصول الأربعة، أصابته رياح الشتاء وحاولت أن تهدّه في الوقت الذي كان يستقبل فيه خريف العمر، فلم يحتمل جسده الواهن أمواجها، إلا أنه ظل يأمل أن يأتيه الخير من قساة كان يظنهم أحباب، عاش نجاحات فاقت الخيال في ربيع العمر، أشعلت الحسد في نفوس أقرانه وأساتذة كبار، بعد أن ملأ الشاب بألحان شقية وأخرى شجية الدنيا زينة وزهور ملأت المدينة، وأيقظت الطيور لتشدو بأغانٍ سعيدة، وفي الصيف، بدأ حكاياته على الرملة و"النايات"، أما الخريف فعانى فيه من عدو خبيث نهش كبده، ولم يكتشفه سوى في مرحلة متأخرة، فسقطت آخر أوراقه، في 12 سبتمبر 1993، هو الموسيقار بليغ حمدي.

في ذكرى رحيل "ملك الموسيقى"، و"أمل مصر في الموسيقى"، التقى "مصراوي" بنجل شقيقه تامر حمدي، وسمح لنا بالاقتراب من عالم عمه، الذي مارس أبوته التي حرمه القدّر منها معه ومع شقيقه "هيثم وتامر"، وعانا هما من فقدان والدهما في سن مبكر، إلى الحوار..

في البداية.. حدثنا عن نشأة بليغ حمدي؟

بليغ حمدي كان مصريًا حتى النخاع، ينتمي لأسرة وطنية عشقت مصر، أسرة "وفدية" وهو ما جعل الأب متحمسًا لأن يطلق على نجله الأكبر اسم "سعد" على اسم الزعيم سعد زغلول، وابنته الثانية "صفية" على اسم "أم المصريين" صفية زغلول، والده هو عبدالحميد حمدي مدرس فيزياء، لديه أبحاث في مجال الضوئيات، وأحد تلاميذ العالم الكبير الدكتور مصطفى مشرفة. عاشت الأسرة في شبرا حيث تجتمع كل أطياف الطبقة المتوسطة المتعلمة فيها، بمختلف انتمائتهم الدينية، كل هذا جعله ينشأ في بيئة وطنية تتقبل التعددية، وشكّلت هويته المصرية، ومن أصدقائه وجيرانه في فترة الطفولة صلاح عرام قائد الأوركسترا والشاعر صلاح جاهين.

أسرة بهذه المواصفات ألم يكن صعبًا عليها الموافقة على أن يسلك ابنها مجال الموسيقى ويحترفه؟

جدي كان متفتحًا جدًا وليبرالي ولم يكن ديكتاتورًا، وفي هذا الزمن المجتمع المصري عاش لحظة تنوير -أتمنى أن تعود فنحن نعيش ارتداد على كافة المستويات-، وجدتي كانت تجيد العزف على البيانو، وكل بيوت مصر كان فيها بيانو حتى في الأرياف جزء من تجهيز العروس أن يكون في منزلها بيانو، إلى هذا الحد كانت الموسيقى والثقافة جزء لا يتجزأ من فكر الطبقة المتوسطة.

لكنه التحق بكلية الحقوق هذا يعني أن الأسرة كانت تطلب منه الحصول على شهادة بعيدة عن الموسيقى حتى ولو قرر العمل بالفن؟

جدي توفي قبل أن يتم 45 عامًا، وكان بليغ في مرحلة المراهقة، أما الشقيق الأكبر مرسي فكان وقتها يعمل ملحقًا ثقافيًا في لندن، وكانت صفية هي التي تصر على أن يحصل شقيقها الذي تعتبره في منزلة ابنها على شهادة جامعية، فالتحق فعلًا بكلية الحقوق، واستمر يدرس بها حتى عامه الدراسي الثالث، وكانت رغم النجاحات التي كان قد حققها بالفعل في عالم الموسيقى، واقتران اسمه بكبار نجوم الغناء، وعلى رأسهم أم كلثوم، تقدم التماس كل عام للجامعة في حال عدم حضوره الامتحانات، حتى لا يتم فصله، لكن في النهاية لم يحصل على الشهادة الجامعية من كلية الحقوق.

هل كان يدرس في نفس الوقت بمعهد الموسيقى العربية؟

التحق بمعهد الموسيقى العربية، وأتم دراسته فيه وحصل على الشهادة، فمع امتلاكه موهبة حقيقية لم ينكرها أحد، أراد أن يصقلها بالدراسة، وكان متمكنًا من كتابة "نوتة موسيقية" بنفسه.

لا يعرف كثيرون أن بداية بليغ في عالم الفن كانت عن طريق الغناء إذ اعتمد كمطرب في الإذاعة.. لماذا لم يستمر واختار طريق التلحين؟

لعمي بليغ خمس أغاني في الإذاعة، من بينها "يا ليل العاشقين"، لكنه شعر أن الطريق الذي يريده حقًا هو التلحين، وكان يفضل أن يغني من ألحانه مطربون ومطربات غيره، وعندما كان يُسأل في هذا يقول "المطرب يجب أن يكون ملتزم، بمواعيد حفلات وأمور أخرى"، بينما هو لا يحب الالتزام، ويأتيه التوهج الخاص باللحن في أي وقت، ولا يحب أن يلتزم بالقدرة على استدعاء مشاعر الأغنية في أي وقت عندما يُطلب منه الغناء، ففضّل الابتعاد.

وكيف جاءته البداية مع التلحين؟

البداية كانت في الإذاعة المكان الذي يجتمع فيه المحترفون، وبدأ مع اسكتشات برنامج "ساعة لقلبك" في وضع الألحان وكذلك كان يقوم بالغناء، ومن هنا وجد من يؤكد بداخله أن موهبته الحقيقية والأكبر في التلحين، ومن بينهم الموسيقي الشهير محمد حسن الشجاعي الذي شجعه على التفرغ للتلحين، وجاءته بعد ذلك فرصة العمل مع المطربة فايدة كامل كلمحن، ثم المطربة فايزة أحمد، وبعد ذلك جاءه النجاح الأكبر مع الفنان عبدالحليم حافظ من خلال أغنية "تخونوه".

في الحلقات المُقبلة، يتحدث تامر عن جوانب مختلفة في حياة عمه، يبرهن عن عشقه لمصر، ويتطرق لحياته العاطفية، وقصة القضية التي كسرت روحه.

فيديو قد يعجبك: