في يومها الثالث.. هل وصلت مبادرة خفض أسعار الدواجن والبيض للأسواق؟
تقرير- مارينا ميلاد:
تستعد روحية علي لشراء السلع الأساسية قبل حلول عيد الفطر. تجلس السيدة الستينية إلى جانب أحد بائعي الدواجن في سوق بمحافظة الجيزة، ويدور الحديث بينهما على أسعارها المتفاوتة. إذ وجدتها منخفضة هذا الأسبوع، لكن ليس "كما سمعت في الأخبار بعد معرفتها عن مبادرة خفض الأسعار"، كما تقول.
فبعد مرور يومين على إطلاق مبادرة خفض أسعار الدواجن والبيض، شهدت الأسواق تضاربًا في الأسعار، إذ تراوح سعر كيلو الدجاج (البلدي) بين 110 إلى 135 جنيه، فيما وصل متوسط كيلو الدجاج البيضاء إلى 100 جنيه، وفقًا لما رصده "مصراوي" في ثلاث مناطق مختلفة.
بينما تهدف تلك المبادرة إلى وصول المستهلك لكيلو الدواجن بسعر أقصى 95 جنيها، ولكارتونة البيض بسعر أقصى 140 جنيها.
تقول "روحية" بعد شرائها ما تحتاجه من الدواجن لأسرتها المكونة من خمس أفراد: "قبل أيام كنت اشتريها بـ170 و180 جنيهًا، واضطررت لتقليل الكمية. الآن صار الأمر معقولا نسبيًا خاصة قبل العيد".
كان الاتحاد العام لمنتجي الدواجن في مصر أطلق مبادرة لخفض أسعار الدواجن والبيض بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15% ليصل سعر كيلو الدواجن الحية إلى 85 جنيهًا لتصل للمستهلك بسعر أقصى 95 جنيها، ويصل سعر كرتونة بيض المائدة إلى 135 جنيهًا في المزارع لتباع للمستهلك بسعر أقصى 140 جنيها، على أن تطبق المبادرة بداية من الثلاثاء الماضي.
يأتي ذلك بعد أسبوع من اجتماع مصطفى مدبولي (رئيس الوزراء)، مع كبار مصنعي ومنتجي وموردي السلع الغذائية أمهلهم خلاله 48 ساعة لخفض الأسعار لتتراوح ما بين 15% إلى 20%، وأن تزيد مستويات الانخفاض تدريجيًا خلال الأيام المقبلة، لتصل إلى 30% بعد عيد الفطر، وفق بيان رسمي.
وأكد أحمد الوكيل (رئيس اتحاد الغرف التجارية) الأمر قائلا: "سأتابع بنفسي انخفاض الأسعار بصورة دورية".
جرى ذلك خلال شهر رمضان، الذي يشهد أعلى معدل استهلاك للدواجن بنسبة 35% تقريبًا عن متوسط الاستهلاك الشهري، وفقا لما ذكره ثروت الزيني (نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن)، في تصريحات تلفزيونية.
تتابع "روحية" تلك الأخبار عن كثب، فقد بات الدجاج "آخر السلع التي تعتمد عليها وتسند مائدتها"، وفقا لما تحكيه، وذلك في ظل ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك لدرجة لم تعد ميزانيتها تتحملها.
مجلس الوزراء يرصد تفاوت الأسعار
وبحسب للبيانات الواردة على بوابة الأسعار التابعة لمجلس الوزراء، وصل متوسط أسعار الدواجن الحية في الأسواق خلال تعاملات اليوم الخميس، إلى 117.18 جنيه بزيادة 2.43 جنيه. وتختلف تلك الأسعار في عن بعض مستويات الأسعار في الأسواق، وفقا لرصد "مصراوي" في مناطق ذات طبقات اجتماعية مختلفة.
فيقول أحد أصحاب محال بيع الدواجن، "الأسعار تحددها لنا تسعيرة الدواجن اليومية، لكننا أيضا نعمل وفقا للمنطقة وأسعار المحال حولنا".
البيض يتحدى المبادرة
وبالنسبة للـ"البيض"، فكان الوضع مختلفًا تماما، حيث زادت أسعاره عن الفترة الماضية من 160 جنيها إلى 170 و173 جنيها، كما ذكر البائعين. فيتحدث أحدهم عن "ارتفاع سعره لزيادة الطلب بسبب قرب عيد الفطر". ولما سألناه عن المبادرة، التي تفرض خفض أسعاره، ابتسم قائلا: "لم تصل لنا الأخبار".
لكن سبب ارتفاع أسعار بيض المائدة، يرجعها عبد العزيز السيد (رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة) – خلال تصريحات صحفية - إلى انخفاض حجم الإنتاج للنصف تقريبًا من 14 مليار بيضة سنويًا إلى 7-7.5 مليار بيضة نتيجة تراجع عدد الأمهات من 600 ألف إلى 290 ألف دجاجة من الأمهات.
كما يتوقع أن تستمر أزمة ارتفاع أسعار البيض حتى نهاية العام مع بدء دورة جديدة من إنتاج أمهات الدواجن.
وفي نفس الوقت من العام الماضي، شهدت صناعة الدواجن أزمة غير مسبوقة في تاريخها لعدم القدرة على توفير الأعلاف، حيث تستوردها مصر بنسبة تزيد على 80% من أمريكا والبرازيل وأوكرانيا. فعانى المستوردون آنذاك من أزمة نقص مستلزمات الإنتاج والسلع المستوردة جراء آثار الحرب الروسية الأوكرانية.
وتستهلك مصر 24 مليون طن من الأعلاف المركزة لتغذية الدواجن والمواشي والأسماك، يتم استيرادها بمتوسط 100 مليون دولار أسبوعيًا، وفقا لوزير الزراعة. وقد ظلت كميات ضخمة محتجزة في الموانئ لفترة طويلة لعدم قدرة المستوردين على تدبير الدولار لسداد ثمنها.
لكن عبد العزيز السيد (رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالجيزة) يرى أن الإفراج عن كميات ضخمة من الأعلاف مؤخرًا، إلى جانب استقرار أسعار صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وتوافر النقد الأجنبي اللازم لاستيراد، كلها عوامل أدت إلى انخفاض أسعار الدواجن في مصر.
لم تتوقع "روحية" هذا الانخفاض، فتقول: "اعتدنا أن لا شيء يقل سعره مرة أخرى". لكن في الوقت نفسه، تعيد حسبتها وترتيب أولوية شراء السلع طوال الوقت. فعلى سبيل المثال، استغنت عن شراء "البانيه"، الذي لازال سعره مرتفعا بالنسبة لها. فتأثرت أسعار "البانيه" نسبيًا، إذ انخفض سعره من نحو 250 جنيه إلى ما بين 210 – 220 جنيها في أغلب المناطق.
تفعل "روحية" مثل 74% من إجمالي الأسر المصرية، الذين خفضوا استهلاكهم للسلع الغذائية، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نتيجة زيادة أسعار السلع خلال الأعوام الماضية أكثر من مرة بعد خفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية.
فسمح البنك المركزي المصري مؤخرا بتحديد سعر صرف الجنيه مرة أخرى وفق آليات السوق، مبررا ذلك بحماية متطلبات التنمية الدائمة والقضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، وإغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والسوق الموازية. وأعقب القرار إعلان الحكومة إبرامها اتفاقا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار بدلا من 3 مليارت دولار.
وفي غضون ذلك، ارتفعت تكاليف المعيشية في مصر منذ بداية عام 2024 بنسب تتراوح بين 15% و35%.
حاولت "روحية" تدبير احتياجات مائدتها خلال شهر رمضان وفقا لمعاشها الضعيف، والآن تفكر في قدوم عيد الفطر بعد أيام قليلة.
تتساءل بسخرية "عن ماذا سأستغني هذا العام؟"، فكل عيد مر عليها خلال الثلاث سنوات الأخيرة، اضطرت خلاله إلى الاستغناء عن بعض السلع الغذائية أو الحلوى لارتفاع أسعارها.
"بالكاد أستطيع تدبير المستلزمات الأساسية، ومنها الدواجن والبيض"، تنهي "روحية" حديثها.
اقرأ أيضًا:
فيديو قد يعجبك: