إعلان

"لا والله ما تمثيل".. سهير البابلي ملكة الخروج عن النص

02:21 م الإثنين 22 نوفمبر 2021

الفنانة سهير البابلي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

اعتبرت المسرح الأب الشرعي لها؛ منحته كل طاقتها ومنحها السكينة والنجاح في مسيرتها. منذ كانت طالبة بالثانوية عشقت التمثيل، وعلى خشبة المسرح اقتربت سهير البابلي من نفسها أكثر، تُصبح تلقائية وطبيعية، فتخرج الضحكات بسلاسة من الجمهور حتى في أدوارها التراجيدية، تصف نفسها في حوار تلفزيوني مع رفيقة عُمرها إسعاد يونس "أنا طبيعية في تمثيلي حتى في التراجيديا، طريقة إلقائي للكلام كوميدية.. أنا ساعات ليا كلام درامي يضحك".

وُلدت البابلي في 14 فبراير من عام 1935، عشقت ابنة محافظة دمياط التمثيل فالتحقت بمعهد التمثيل لدراسة المسرح، لتُقدم ألوانًا مختلفة على خشبته، من المسرح الكلاسيكي، إلى العروض الكوميدية، مسيرة حافلة منذ بدأتها في الخمسينات، ومعها رسمت البسمة على وجوه مُحبيها، غير أن بالأمس الأحد، انقلبت البسمة مع رحيلها عن عمر يناهز 86 عامًا.

آمنت البابلي بقدراتها، تحكي أن لكل كوميديانة طريقة و"حركات وبصة معينة خاصة بيها بيضحكوا"، تميزت أيضًا بقدرتها على الخروج عن النص المسرحي، والارتجال أمام المواقف المختلفة على المسرح لتنتزع أيضًا الضحكات العفوية، وتحفر تلك المشاهد في أذهان الجمهور بشكل لا يُنسى، تقول عن نفسها "دي طبيعتي".

مدرسة المشاغبين.. مناورة الجمهور بـ"الارتجال"

نجاح جماهيري ضخم حققته مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي بدأ عرضها عام 1973، ومعها تعلق الجمهور بشخصية المدرسة "عفت" التي جسدتها الممثلة الراحلة، برفقة نجوم مثل سعيد صالح، عادل إمام، أحمد زكي، ويونس شلبي.

على مدار 7 سنوات استمر عرض "مدرسة المشاغبين"، ليفاجئ الجمهور في كل مرة بالخروج عن النص والارتجال على خشبة المسرح بين المدرسة "عفت" وطُلابها، كان الأمر كمناورة للجمهور الذي حفظ كل "إيفهات" العرض، حتى أنه بات ينطق به أحيانًا قبل أن يقوله الممثلين، عشقًا في تفاصيل المسرحية.

شرح الأمر الفنان الراحل يونس شلبي، حين سُئل عن الأمر وقال أنه طاقم عمل المسرحية أراد ابتكار جُمل حوارية كوميدية جديدة، حتى يسعد الجمهور بتلك العبارات، وكانت فرصة للجميع لأن يبتكر ويُبرز موهبته خارج النص "الأمر يحتاج إلى حرفة أن أصنع أفيهات دون تحريف النص الأصلي لاتجاهات أخرى أو أقتنص من وقت ودور الزملاء على المسرح".

ريا وسكينة.. الارتجال من قلب الحدث

"لا وكتاب الله ما هو تمثيل وبجد وحق وحقيقي.. أيوا عمال تاكل ومستكردني".. تلك الجملة التي قالتها ملكة المسرح، لتسجل واحد من أبرز المشاهد الارتجالية في تاريخ المسرح، ومعها تحتفظ بضحكة الجمهور للأبد كلما تابع العرض المسرحي.

تحكي البابلي أنها بينما تُجسد المشهد مع الفنان أحمد بدير، تفاجأت بأنه لا يعلق على ما تقوله، فضلًا عن عدم التزامه بالنص المسرحي والتركيز فقط مع "الأكل"، لذا وجدت نفسها تقول له "المخرج قاله لقمتين واتكلم"، ليسقط الممثل نفسه في نوبة ضحك على ما قالته.

"كوميديا بتطلع من الحاجات دي"، تقول سهير البابلي بينما تستعيد ما جرى خلال تلك اللحظة، بينما جمعها أيضًا مشاهد ارتجالية أخرى على خشبة المسرح في تلك المسرحية "مفيش ممثل كوميدي مبيخرجش عن النص، لكن في خروج بيضيف للعمل وبيكون من وحي اللحظة" تضيف الراحلة.

مشهد أخر لا تنساه خلال ارتجالها في المسرحية، حينما بدأ إذاعة بيان عن "ريا وسكينة" من خلال الراديو، وما أن انطلق الصوت من المذياع حتى قالت "سعيد صالح"، ليضحك الجمهور، لكنها أرادت بتلك "اللقطة" أن تبعث بمهارة وذكاء تحية خالصة للمثل المسرحي البارز، الذي وقف بجوارهم ليكون ضيف شرف "ويطلع بس بصوته من الراديو، كنت عايزة اعترف بفضله أنه سجلنا".

نص أنا نص أنتِ.. ارتجال على الهواء

علاقة إنسانية ومهنية خاصة ربطت الفنانة الراحلة بالممثلة إسعاد يونس، طاقة كوميدية مُكثفة تخرج من المشاهد الثنائية، كاريزما جمعت بينهما، في حالة تفسيرها الوحيد بالنسبة لهن "المحبة". في المسرحية التي جمعت بينهن عام 1988 باسم "نص أنا.. نص أنتِ"، تذكر البابلي حينما ارتجلت خلال مشهد قراءة الفنجان.

تسرد لها إسعاد المشهد كله "كنا قاعدين على كرسيين في المسرح على جنب كدة، وكل مرة تقري الفنجان في المسرحية تقولي حاجة تانية خالص"، لكن الأكثر تعليقًا في الأذهان "لما قولتي لي أنت هتتسمي، كنتي عايزة تسميني في اللحظة دي وتموتيني"، لترد عليها البابلي "بس خوفتي يومها صح؟" "لا كنت بموت من الضحك جوايا".

بكيزة وزغلول.. مواقف خارج النص لبطلة الارتجال

لم يكن الخروج عن النص، خلال العروض المسرحية وحسب، لكن أيضًا في مشاهد تلفزيونية، كيف؟

تعرف شريكتها إسعاد يونس الأمر، فدبرت برفقة المخرج أحمد بهاء الدين عدد من المفاجأت خلال مسلسل بكيزة وزغلول، لسهير "كنتوا بتتآمروا ضدي وتعملوا مقالب قدام الكاميرا"، تقول الأخيرة. ضمن تلك المشاهد حينما طلب المخرج من "بكيزة هانم"، أن تكشف عن غطاء السرير خلال المشهد، لكنه لم يُفصح لها عما يخبأه، لتتفاجئ بثعبان "كنا عاوزين ناخد ريأكشن طبيعي لخوفك وصريخك، ورغم الخوف السينس بتاعك خلاكي ترجعي تكشفي الغطاء تاني لما الثعبان استخبى جواه".

كانت البابلي مُتفردة، في ارتجالها وفي مسيرتها الفنية، قدمت أدوارًا بارزة، تنوعت بين الدراما والكوميديا، ظلت مُحافظة على روحها العفوية خلال الرحلة، لتكون رفيقة ضحكات الجمهور، رفاقها في العمل والطاقم الفني خلف الكواليس، تُذكر في المجالس فيتبسّم الوجه، أو كما تصفها الفنانة الكبيرة يسرا "تطول العمر من ضحكها".

فيديو قد يعجبك: