إعلان

سؤال وجواب: هل كان حظر "تويتر" لترامب انتهاكا لحرية التعبير؟

09:52 م الثلاثاء 12 يناير 2021

دونالد ترامب

كتب- محمد زكريا:

أيام تفصل دونالد ترامب عن مغادرة البيت الأبيض، لكنه ليس كأي رئيس أمريكي قبله، خالف مرشح الحزب الجمهوري تقاليد المؤسسة الأمريكية العتيدة، حتى إنه لم يعترف بخسارته في الانتخابات الأمريكية، وفي فوز جو بايدن، شكك في نزاهتها، وفي أحقية منافسه الديمقراطي، ودعى أنصاره للتجمهر في واشنطن، وعبر تويتر، تلك الوسيلة التي اعتاد مخاطبة الأمريكان بها، معاديا الإعلام التقليدي الذي اعتبره خصما، خاطب أنصاره المتعصبين البيض، اقتحموا مبنى الكابيتول رافعين صوره وشعاراته، فحظر تويتر حسابه، وعلقه فيسبوك لأجل غير مسمى، فثار جدل آخر؛ هل كان الحظر حماية للسلم العام أم انتهاكا لحرية التعبير؟

على مدار فترة ولاية ترامب، شهدت العلاقة بين رجل الأعمال ووسائل التواصل الاجتماعي مناكفات، زادت حدتها عقب الإعلان عن خسارته في الانتخابات الرئاسية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، لينتهي مطاف العلاقة بين ترامب وموقع التغريدات القصيرة بحظر نهائي، مبررا تويتر قراره بخشية "تكرار نشر رسائل تحرض على العنف"، في أعقاب اقتحام أنصاره مبنى الكونجرس، بعد مخاطباتهم عبر الموقع.

لكن هل يعد الحظر انتهاكا لحرية التعبير؟

تلك هي المرة الأولى التي يعلق فيها تويتر حساب رئيس دولة، بحسب ما أعلن موقع التغريدات الشهير.

لكن هناك من وجد فيها خطوة متأخرة، كان يجب اتخاذها قبل سنوات وليس الآن، للحد من تصريحات ترامب المتهورة والعدائية والعنصرية، من بينهم العضوة في الحزب الديمقراطي روبن كيلي، وعلقت:" خطوة طال انتظارها وتستحق الثناء. يجب أن تتحمل شركات التكنولوجيا مسؤولية خطابات كراهية والمعلومات المضللة المنتشرة عبر منصاتها. هذه خطوة مهمة نحو المساءلة".

وهو ما لم تتفق معه النائبة الجمهورية ديانا هارشبارغر، حيث علقت: "تعليق حساب الرئيس ترامب على تويتر أمر مقلق للغاية. بدلاً من تشجيع الحوار، ستعمل الخطوة على تعميق الانقسام في هذا البلد".

لا يعتبر محمد عادل، مدون تقني، أن قرار تويتر يقوض حرية التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

مبررا عادل رأيه: "الشبكات الاجتماعية لديها سياسات معلنة، يلتزم بها المستخدمون طالما وافقوا عليها، ومن ثم من لا يلتزم يُعاقب".

موضحا أن هذه السياسات تنطوي على عدم نشر الأكاذيب أو التحريض على العنف. والأولى اعتاد عليها الرئيس الأمريكي، كما يقول المدون التقني، الذي يضيف: "بالفعل تم تعليق حساب ترامب في أكثر من مناسبة، لكن الأكاذيب زادت حدتها في الأسابيع الأخيرة بعد خسارته الانتخابات الأمريكية، لذا حرص تويتر على التنويه مع كل تغريدة بأن ما ينشره ترامب بشأن الانتخابات ادعاءات تبطلها النتائج الرسمية المعلنة"، بينما التحريض على العنف و"إن لم يأت بشكل مباشر، لكنه تسبب في أحداث عنف على أرض الواقع"، مما استلزم في رأي التقني حظرا نهائيا لمجابهته.

لماذا الآن؟

لا تخضع شبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة لقواعد الإعلام التقليدي، وفقا للمادة 230 من قانون الإنترنت الصادر عام 1996، والتي بموجبها تمتع تلك المواقع بحصانة كاملة، فشل ترامب في عدة مناسبات في رفعها خلال حربه على تلك الوسائط.

يقول المدون التقني إن تويتر منح استثناءً لترامب منذ البداية، كونه رئيسا، وأعلن عن ذلك، شارحا: "قبل ترامب لم يكن هناك رئيس يتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بالأهمية والزخم نفسه، مما دفع موقع التغريدات القصيرة لوضع معايير خاصة للتعامل مع القادة والمؤثرين، منها أنه لا يجوز حذف حساب رئيس حتى لو نشر ادعاءات أو أكاذيب، لكنه ملزم بوضع تنويه بتلك الادعاءات والأكاذيب، وحظر تفاعل الجمهور مع التغريدات"، وهو ما اتبعه تويتر مع تغريدات ترامب التي تحمل ادعاءات بشأن نتائج الانتخابات الأمريكية، لكن كان لاقتحام متعصبين مبنى الكونجرس ووقوع إصابات ووفيات هولا كبيرا أصدر دويا داخل الولايات المتحدة وخارجها ودفع تويتر لحظر حساب ترامب، لمنعه من التحريض على مزيد من الفوضى والعنف.

ماذا عن ردود الأفعال؟

الخطوة أثارت ردود فعل متباينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر وسم "ترامب المحظور" قائمة الموضوعات الأكثر تداولا حول العالم لساعات.

في المقابل اتهم ترامب تويتر "بالتآمر لإسكاته"، وعبر مؤيدوه عن تمسكهم بمواقفهم، واصطفافهم ضد "الفساد والتزوير"، لكن الانتقادات الموجهة لتويتر وغيره من الشبكات لم تقتصر على أنصار ترامب، بل شملت أصواتا يسارية حذرت من المساس بحرية التعبير وسطوة تلك الشركات.

ماذا عن عالمنا العربي؟

هناك من رأى في أحداث الكابيتول تشابها مع ما يشهده الشرق الاوسط من اضرابات وأحداث عنف، ومن وجد في التعامل الأمريكي مع تلك الأحداث تأكيدا على قوة ديمقراطية مؤسساتها، فيما حظي حظر عدد من وسائل التواصل لحساب ترامب نقاشا وجدلا على المنوال نفسه، هناك من رأى أنها تفتح جراح ما اعتبروه كيل تلك الوسائل بمكيالين مع أحداث شرق أوسطية، وأيضا من رأى فيها دليلا دامغا على استقلالية المؤسسات الأمريكية بعيدا عن قبضة السلطة المركزية.

ماذا عن المستقبل؟

في الوقت الذي يناقش فيه الكونجرس إمكانية عزل ترامب قبل أيام معدودات من انتهاء ولايته بإتهام التحريض على العنف، لمح مسؤولو فيسبوك أن الحظر ربما ينتهي بتسلم جو بايدن مهامه الرئاسية، بينما أعلن تويتر أن حظر ترامب دائم، وهذا يعني أن ترامب لا يمكنه حتى إنشاء حساب آخر، حسبما يقول المدون التقني.

فيديو قد يعجبك: