إعلان

ليست مجرد لعبة (2)- رونالدينيو.. المجنون (بروفايل)

10:55 م الأربعاء 24 يونيو 2020

رونالدينيو

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

لم يكن سهلاً إيقافه، بشغف يداعب الكرة، كأنه امتلك سحرًا في قدميه، يراوغ المنافسين ويجتاز أعتى المدافعين، لكن هل بإمكانه الشيء نفسه دون كرة؟ وعلى ملعب غير ذاك المحبب لقلبه؟ تصور رونالدينيو ذلك، تخفى رغم شهرته الطاغية في العالم، وأمريكا الجنوبية في القلب منه، زور البرازيلي باسبورًا للدخول إلى باراجواي، الممنوع عليه السفر إليها من بلاده، ليُلقى القبض عليه، تُوضع الكلابشات في يديه، ويظهر دون ابتسامته الشهيرة الخاطفة، مقيدًا لأول مرة في حياته!

صورة 1

ولد رونالدينيو، في 21 مارس 1980، بـ"بورتو أليجري"، حي فقير في البرازيل، لعب الطفل بالكرة على الرمال، قبل أن يتجه إلى الجلد المدور في الصالات، والأخيرة يرجع لها فضل كبير في بلورة موهبته، "الكثير من الحركات التي أقوم بها آتية من كرة الصالات، فاللعب في مساحة ضيقة يجعل السيطرة على الكرة مختلفةً" هكذا قال اللاعب، الذي بدأ مشواره الكروي مع نادي جريميو في سن الثامنة، بعمر صغير بزغت موهبته بشكل لافت، لامع، مجنون، يقول الأديب الأيرلندي جوناثان سويفت: "لم توجد على الإطلاق موهبة فطرية خالصة إلا بمس من جنون!"، بدا رونالدينيو مقارنة بأي ممن في مثل عمره، ومنهم لاعبون صاروا عظامًا فيما بعد، لا يُصدق بحساب العقل، "هي المرة الأولى التي أرى فيها لاعبًا يبهرني بشكل يفوق ما ذكره الناس لي عنه" بالدهشة نفسها أطلق المدرب البرازيلي لوكسمبوروجو تصريحه عن مواطنه.

شهرة، حققها رونالدينيو في البرازيل، لينتقل إلى أوروبا في العام 2001، ويوقع عقدًا مع فريق باريس سان جيرمان، لكن كـ"فلتة" تمرد على القواعد والنظم، لم يلتزم بحضور التدريبات، فقط اكتفى بيوم واحد قبل المباراة، "اللاعبون أصحاب المواهب الفذة مثل رونالدينيو.. مجانين أحيانًا".. هكذا حلل "جيروم ليروي" أفعال زميله بالفريق، والذي حصد كأس العالم مع منتخب السيليساو بعد عام واحد، فرونالدينيو هو النجم الوحيد في العالم من حمل كأس العالم للكبار والناشئين وكأس كوبا أمريكا وكأس البرازيل مع ناد محلي، وهو لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، نجاحات أهلته لبلوغ حلم حياته، انضم إلى كتيبة برشلونة الإسباني في العام 2003، وارتدى الرقم 10.

في برشلونة الإسباني، توهج رونالدينيو كالجمر، لم يكن لاعبًا عاديًا، يكتفي بأن يُذيق المنافسين ويلاً، وإحراز الألقاب العالمية لنفسه وفريقه، بل تعدى الأمر كل ما هو تقليدي مع الكرة، خطف البرازيلي بسحره أنظار العالم بعيدًا، "حينما لعبت معه لم أصدق ما أراه من مهاراته، حاولنا تقليد خدعه كثيرًا لكن لم ننجح" هكذا عبر نجم ريال مدريد ديفيد بيكهام، كما اعتبره نجوم لامعون في عالم الكرة أمهر لاعبي التاريخ، وأفضل من وطأت قدماه ملاعب الساحرة المستديرة، ولا أروع من وصف الأسطورة الأرجنتينية مارادونا له بـ"اللاعب الوحيد الذي أدفع ثمن تذكرة لمشاهدته في الملعب"، ومن بعده ميسي بـ"ساحر كرة القدم ولاعبها الخيالي".

https://www.masrawy.com/files//Downloads/774588866.png

رغم النجاح الساحق مع برشلونة، قرر رونالدينيو الرحيل عنه عام 2008، في وقت ترعب سيرة الفريق الإسباني أندية العالم، قرار مجنون بالطبع، فكيف لمن دخل الجنة أن يخرج منها؟ اكتفى رونالدينيو بما حققه مع الكتلان، "لقد أنجزت أهدافي وكنت أحتاج إلى تغيير" هكذا رأى ونفذ، على عكس ما أشيع وقتها عن رغبة المدرب الجديد في الاستغناء عنه، فـ"بيب جوارديولا" بنفسه قال: "رونالدينيو لاعب خارج عن الطبيعية، إنه واحد من أفضل اللاعبين الذين رأيتهم طوال حياتي"، فكيف له أن يطالب برحيله عن كتيبته الجديدة؟

إلى فريق "إيه سي ميلان"، انتقل "الساحر البرازيلي"، لكن لم يُحقق للإيطالي ما رجاه باقتناصه، ولم يكن هذا همّ اللاعب طوال مسيرته الاحترافية، لم يعرّ رونالدينيو الفوز والألقاب اهتمامًا، فقط يجري للاستمتاع بضحكة غير مبالية، فلم يكن غريبًا أن يتوجه لمدافع فريق كاتانيا بين شوطي المباراة قائلاً: "بابلو أرجوك لا تضربني مرة أخرى، الأمر فاق الحدود"، واقعة أثارت استغراب المدافع المُكلف بمراقبته ليلة المباراة، لينهي البرازيلي حديثه للاعب بابتسامة وهدية، "أعطاني رونالدينيو قميصه وقتها، لقد كان لاعبًا من المستحيل إيقافه، ويمكنه فعل أشياء لا يمكنك تخيلها" هدية أسعدت المدافع كثيرًا.

عام 2011، عاد رونالدينيو إلى البرازيل؛ ليلعب مع فلامينجو في ريو دي جانيرو، كانت البداية رائعة، فاز النادي بمنافسات كامبيوناتو كاريوكا، لكن رضخ رونالدينيو لهواه، وابتعد عن التدريبات؛ لينهي الفريق عقده، ويلتحق بـ"أتلتيكو مينييرو"، بعد عام واحد فقط، ويشارك مع منتخب بلاده في المنافسات التمهيدية لكأس العالم 2014، قبل أن يبتعد عن الكرة نهائيا بدءًا من العام 2015، دون أن يعلن اعتزاله الكرة رسميًا، ليضع شرطا للعودة إلى الملاعب في تصريح شهير، وكان ألا يخوض التدريبات مع فريقه الجديد، مطلب مجنون وجديد على كرة القدم، لكن البرازيلي رأى أن "اللعب للاستمتاع فقط دون بذل الجهد في التدريبات الشاقة".

في مارس الماضي، تم إيداع رونالدينيو سجن "أجروباسيون إسبيسياليزادا"، ذي الإجراءات الأمنية المشددة في باراجواي، بتهمة استخدامه جواز سفر مزيف، حيث القتلة واللصوص والمدانون في جرائم كبرى، أحس اللاعب بندم، وقال إنه ارتكب خطأ ساذجًا جهل عواقبه، ليشارك بعد 7 أيام من محبسه في بطولة السجن لكرة القدم، لكن قبلها وضع له المسجونون شرطًا، "إذا وافق رونالدينيو على المشاركة في البطولة فلن يُسمح له بتسجيل الأهداف، سيكون عليه التمرير للاعب آخر من أجل التسجيل، وتلك الحالة التي فرضها عليه رفاقه في السجن" وفقا للإعلامي الباراجوياني إيفان ليجويزامون، لكن ذلك الوعد لم يُنفذ، أحرز البرازيلي 5 أهداف وصنع 6 تمريرات حاسمة؛ لتنتهي المباراة 11-2 لصالح فريقه، قبل أن يتم الإفراج عنه في 7 أبريل 2020، بكفالة قدرها 1.6 مليون يورو، ويوضع قيد الإقامة الجبرية في أحد الفنادق.

أقرأ أيضًا:

ليست مجرد لعبة (١)- مورينيو.. الاستثنائي "المتواضع" (بروفايل)

فيديو قد يعجبك: