إعلان

ليست مجرد لعبة (١)- مورينيو.. الاستثنائي "المتواضع" (بروفايل)

09:53 م الأربعاء 17 يونيو 2020

مورينيو

كتب- محمد زكريا:

برشلونة يدخل المباراة واثقًا، ولم لا؟ هو ملكًا لأوروبا، بينما يلتحف إنتر ميلان بالطموح، الأرض، الجمهور ومدرب يثير الجدل أينما وجد وحلّ، تلك المرة في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال 2010، وبينما المباراة على أشدها والآهات مسموعة في المدرجات، يحرز البارسا الهدف الأول في الدقيقة الـ20، لتلتقط الكاميرات جوزيه مورينيو يفترش بجسده الأرض الخضراء، يصوب قلمه وتركيزه في ورقة، يكتب فيها ما لم يعرفه غيره قط! لتنقلب المباراة فجأة رأسًا على عقب، كأنه ساحر يحرك الكرة بإتجاه مرمى المنافس، يحرز الفريق الإيطالي 3 أهداف، ويفوز بالمباراة الصعبة، ليخرج مدربه مزهوًا بالنصر، منتظرًا الإياب وبطاقة النهائي.

لطالما أثار مورينيو الجدل. ولا علامة أوضح من وصفه لنفسه بـ"الاستثنائي". لكن مسيرته تقول شيئ من هذا. فالمدرب الذي بدأ حياته التدريبية كمترجم في برشلونة، كان على موعد مع التتويج بدوري أبطال أوروبا، البطولة الأبرز عالميًا، مع نادي بورتو البرتغالي، بعد أقل من 10 أعوام فقط، واقتناص لقب مدرب العام في الدوري الإنجليزي المصنف الأول عالميًا لثلاث سنوات متتالية بعدها، ليصنع زاوية أخرى من الإنجاز مع إنتر ميلان ويحقق الفوز بثلاثية (الدوري- الكأس- دوري أبطال أوروبا) في سابقة لم يعرفها النادي الإيطالي طوال تاريخه.


لم تكن المهمة يسيرة في الإياب، برشلونة يستعد للرد على ملعبه ووسط جمهوره، والإنتر يحرس الـ3 أهداف باستماتة، لكن طرد لأحد لاعبيه في الدقيقة 28، دفع البرتغالي للذهاب إلى مدرب المنافس، قال مورينيو لبيب غوارديولا: "سنكون أبطالًا"، وهو ما كان فعلاً، احتفل مورينيو بشكل هيستيري بعد انتهاء المباراة، أخذ يجرى داخل ساحة الملعب بطريقة استفزت جماهير برشلونة، درجة أجبرت مسؤوليه على تشغيل رشاشات المياه لطرد لاعبى النيراتزورى، الذين نجحوا في اقتناص اللقب من فم بايرن ميونخ الألماني بهدف نظيف في النهائي، ليحصل مورينيو على لقب أفضل مدرب في العالم لهذا العام، ويعتبرها التجربة الأكثر إثارة وتميزًا في مسيرته.

قبل تلك المباراة بـ10 سنوات، كانت نقطة التحول في مسيرة مورينيو، بعدما رفض الاستمرار مساعدًا لـ"روبسون" في نيوكاسل يونايتد، ليخلفه في تدريب نادي بنفيكا البرتغالي، ومنه إلى بورتو، ليذيع صيت صاحب الـ57 عامًا مع الدراجاوز، ويفوز معهم بالدوري والكأس وكأس الاتحاد الأوروبي موسم 2002-2003، ويحصل على مدرب العام في أوروبا لهذا العام، وما تلاه، بعد مواصلته التألق والحفاظ على لقب الدوري البرتغالي، وتحقيقه المفاجأة الكبرى بالتتويج بدوري أبطال أوروبا على حساب موناكو الفرنسي بنتيجة كبيرة (3-0).

عِظم الإنجاز، نقل مورينيو إلى إنجلترا، لقيادة فريق تشيلسي، فيما أعلن عن نفسه في المؤتمر الأول بشكل يثير الجدل والصحافة: "لدينا لاعبون كبار! أنا أسف، فأنا مغرور بعض الشيء، لدينا أيضًا مدرب كبير.. مرة أخرى أرجوكم لا تقولوا إنني مغرور، لأن ما أقوله هو الحقيقة. أنا بطل أوروبا، لذا فلم أظهر فجأة. أنا.. أعتقد أنني الاستثنائي"، ليكتُب مع الفريق الإنجليزي أزهى عصور تاريخه مع الكرة والألقاب، فاز "الاستثنائي" بلقب الدوري الإنجليزي لموسمين على التوالي 2004-2005، و2005-2006، بعد غياب الدوري عن تشيلسي لـ50 عاما.

في الموعد، ذهب مورينيو إلى إسبانيا، لنجدة ريال مدريد، في وقت سيطر برشلونة على الكرة هناك، ليتوج بلقب الليغا في ثاني مواسمه مع الفريق الملكي، ويكسر سيطرة الفريق الكتالوني، والتي استمرت لـ3 مواسم متتالية، محققًا رقمًا قياسيًا في النقاط وهو 100 نقطة، وبتسجيل 121 هدفًا، متخطيًا الرقم التاريخي السابق للملكي موسم 1989-1990، لكن الرحلة بدأت مع "الريال" بالفوز بكأس الملك في العام 2010، على حساب برشلونة الذي بدا مرعبًا حينها لا يُهزم، وبعد غياب تلك الكأس عن خزينة النادي منذ العام 1992-1993، حتى أنه وصل بالفريق إلى قبل نهائي دوري الأبطال ثلاث مرات متتالية، وهو الأمر الذي لم يكن قد حدث لـ"مدريد" منذ عقد من الزمان.

عاد "سبيشيال وان" إلى إنجلترا، تشيلسي، فريقه المفضل هناك، ليفوز معه بالدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2014-2015، وينتقل بعدها إلى مانشستر يونايتد ويفوز معه بالدوري الأوروبي موسم 2016-2017، تجارب لم تستمر طويلاً، وبحساب البرتغالي لم تحقق النجاح المطلوب، لينتهي المطاف به في توتنهام، ويصرح مع دخوله النادي: "أعتقد أنني في طريقي للحصول على لقب رابع في الدوري الإنجليزي الممتاز"، لكن بالرجوع إلى الأرقام، مرّ على آخر دوري لتوتنهام 60 عامًا، فهل ينجح رجل المواعيد الكبرى في تحقيق إنجاز كهذا؟ الكرة في الملعب وفي عقل مورينيو.

فيديو قد يعجبك: