إعلان

صورة وحكاية (28) حينما وجد "الأبنودي" سعادته في "الضبعية"

11:54 م الجمعة 22 مايو 2020

عبدالرحمن الأبنودي

تصوير : حسام دياب

كتب- محمد مهدي:

ظل الشاعر الكبير "عبدالرحمن الأبنودي" يحن إلى الأرض، يتذكر دائمًا أيامه في أبنود بمحافظة قنا، عشقه الخاص للغيط، لحياة الهدوء والانصات لأصوات الطبيعة والتأمل في شؤون القدر، ابتعد عن تلك الدنيا حينما سافر إلى القاهرة ليغرد بأشعاره العامية الفصيحة ليُصبح أحد أهم الشعراء في مصر والوطن العربي، لذلك حينما وجد فُرصة لشراء قطعة أرض خلال فترة الثمانينيات لم يتردد كثيرًا، ليقع اختياره على منطقة "الضبعية" بالإسماعيلية، التي عاش فيها سنواته الأخيرة، وهو ما وثقه المصور الصحفي "حسام دياب" في إحدى زيارته للخال.

كان "الأبنودي" يسافر بين الحين والآخر إلى الإسماعيلية حيث تعيش شقيقته المقُربة إلى قلبه الحاجة "فاطمة" رفقة زوجها وأولادها، تحرك قلب الشاعر الكبير تجاه المكان، أراد أن يصنع لنفسه بيتا وسط أرض زراعية، فبدأت عملية البحث عن التخيل المنشود من قَبل صاحب "أحمد سماعين" حتى استقر على "الضبعية" كما يؤكد محمود مصطفى، مساعد "الأبنودي" في الإسماعيلية، لم تكن حينها جاهزة للعيش فيها، فقط منازل صغيرة وغيط كبير ، اشتراها على الفور، ومع الوقت وضع لمسته الخاصة في المنطقة.

عبر السنوات تغيير معالم المكان، مع زياراته المتعددة كان "الأبنودي" يُضيف خطوة جديدة في حلمه تجاه البيت والأرض "جاله ناس تعمل تصميم وديكور بس رفضه" الاقتراحات المقدمة لقصر كبير "وهو مش عايز كدا، هو نفسه يبقى قريب من الناس" من أجل ذلك باشر تشييد منزله بنفسه، ثم مكتبة ومندرة وديوان، وعاد مرة آخرى إلى الزراعة حيث تشتهر الإسماعيلية بالمانجة وغيرها من الموالح، بهجة تبدو على وجه كاتب "جوابات حراجي القط" حينما يتجول في الضبعية لكنه لم يستقر بها إلا بعد تعرضه لأزمة صحية في رئتيه دفعته للخروج من العاصمة لاستنشاق الهواء النقي.

في "الضبعية" وجد "الأبنودي" سعادته، جاء إليها بعد رحلة علاج بألمانيا بمزاج متعكر وصحة متدهورة غير أنه سرعان ما تعافى، عادت إليه ابتسامته الجميلة، وذهنه الصافي وإقباله على الحياة والحركة فضلًا عن كتابة الشعر من جديد، لم يعد يسافر إلى القاهرة كثيرًا، يأتي إليه أحبابه وأصدقائه ووسائل الإعلام المختلفة بالإسماعيلية، من بينهم "دياب" الذي ذهب إليه لإجراء حوار صحفي، شعر خلالهم المصور الكبير مدى عشق "الأبنودي" لتفاصيل المعيشة هناك "إزاي بنى بيته حتة حتة وربى كلب حراسة ونس له" وهو ما رصده من خلال كاميرته.

صورة-رئيسية

باتت "الضبعية" مستقر "الأبنودي" ومصدر الاطمئنان والإلهام "كان ساعات كتير نبقى معاه يقوم سايبنا عشان يكتب أشعاره" كما اقترب من جيرانه فصار يدعوهم إلى بيته، يتحدث إليهم، ينصت إلى مشاكلهم، ويحاول قدر الإمكان حل أزماتهم "كان فيه مشكلة في الطريق، اتصل بالمسؤولين عشان يسفلتوه وفعلًا نفذوا طلبه" وفي أيامه الأخيرة سعى الشاعر إلى شراء مدفن خاص به في الإسماعيلية قريبا من بيته "حابب يسهل على حبايبه الطريق اللي عايز يزوره، وإن كل اللي يجي بيته يعدي على مدفنه اللي في الطريق" وهو ما تحقق عند وفاته في إبريل 2015 تاركا الحزن والألم في قلوب أسرته وعشاقه في العالم وجيرانه بالضبعية.

فيديو قد يعجبك: