إعلان

مصراوي يحاور المخرج البريطاني لأضخم فيلم وثائقي عن الكعبة

12:04 م الأحد 10 سبتمبر 2017

أبرار حسين مخرج فيلم يوم في الحرم رئيسية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- إشراق أحمد:

دقيقتان و22 ثانية تطوف فيها الكاميرا أرجاء مكة، تحلق بين المصلين، تُدهش المُشاهد بالجودة الفائقة للصورة المعروضة، ومحتوى يظهر لأول مرة "ترى فيه الكعبة كأنك لم ترها من قبل". كذلك يقدم إعلان فيلم "يوم في الحرم" وعده بمشاهدة مختلفة لعمل صنفته وسائل الإعلام السعودية أنه "أضخم" إنتاج فني في التاريخ عن الحرم المكي.

82 دقيقة مدة الفيلم الوثائقي الذي تنتظره مدينة مكة عرضه أواخر سبتمبر الجاري، بعدما تم السماح للمرة الأولى بالتصوير 24 ساعة لعمل القائمين على ساحة الحرم. فريق متكامل بين سعودي وبريطاني شارك في تنفيذ "يوم في الحرم"، على رأسهم المخرج البريطاني أبرار حسين.

مصراوي أجرى حوارًا عبر البريد الإلكتروني مع المخرج البريطاني للفيلم. تحدث "حسين" عن تفاصيل العمل الذي قام بكتابته وإخراجه خلال 18 شهرًا. 

واستعرض المخرج البريطاني رحلة الوصول للفكرة حتى موافقة المسؤولين السعوديين عليها، نفى تدخل الرئاسة العامة لشؤون الحرم -أحد الممولين الرئيسيين- في تنفيذ الفيلم، وأوضح كيف أثر طقس مكة الحار في نوعية الكاميرات المستخدمة، ولماذا هو فيلم مختلف عما سواه. وأن العمل يستهدف المسلمين وغير المسلمين، معربًا عن أمله في أن يُظهر "يوم واحد في مكة" سماحة الإسلام، فإلى نص الحوار:

في البداية حدثنا عن فكرة الفيلم. كيف جاءت إليك؟

حسنًا. قبل أي شيء أود أن أشكر الله على إلهامي فكرة الفيلم، والفرصة لإنتاج عمل عن الحرم. فطالما آمنت بأن أي شخص يستطيع الذهاب إلى المدينة المقدسة –مكة- فقط إذا قدر الله له هذا، وإنني على يقين أن الأشياء الجيدة في الفيلم هي فضل من الله، وأما الأخطاء فمن نفسي.

وفي الحقيقة فكرة ومحتوى الفيلم لم يستغرقا تفكيرًا طويلاً أو مناقشة، فقط ذهبت للنوم في ليلة، وحينما استيقظت وجدت الأمر كله في رأسي، المسألة كانت أشبه بلحظة لم يكن فيها شيئا مذكورًا، ثم تواجد كل شيء، كل التفاصيل الدقيقة عن الفيلم. فجأة أصبح كل شيء واضح؛ علمت أن الفيلم سيكون من منظور العمال، يتناول بقائهم على مدار 24 ساعة، ونظامهم خلال الصلوات الخمس من الفجر إلى العشاء.

العديد من الأعمال الفنية تناولت الحرم فما المختلف في فيلمكم؟

أغلب الأفلام عن الحرم كانت من منظور المصلين، لكن فيلمنا من منظور العاملين فيه. فيلمنا يركز على الأشخاص الذين يتواجدون يوميًا في الحرم، من الأئمة، إلى عمال النظافة في المطاف، وما بينهما. ونحن وصلنا لتفاصيل مذهلة عن كيفية عمل الأقسام، فهناك العديد من المشاهد في الفيلم لم يسمح بتصويرها من قبل، وهذا يجعله فيلماً تاريخيا من نواحي عديدة.

وما نواحي الاختلاف الأخرى؟

يوجد اختلاف رئيسي أخر، وهو أن فيلم يوم في الحرم لم يصنع من أجل جمهور المسلمين، لكن لجذب الجمهور غير المسلم أيضًا. هناك فئة كبيرة تهتم بالإسلام في الغرب، وأشخاص متعطشين لمعرفة المزيد عن الدين، وأنا أردت صناعة شيء ليس جميلًا على مستوى الصورة، لكن أيضا ممتع وواقعي، لذلك غير المسلمين يمكنهم رؤية هذا الفيلم، وتعلم شيء عن الإسلام، ليروا كيف هذا الدين مسالم وجميل حقًا.

ماذا عن رحلة عرضك لفكرة الفيلم على المسئولين السعوديين حتى حصلت على موافقة التنفيذ؟

استغرق الأمر وقتًا طويلاً نوعًا ما، بلغ قرابة ثمانية أشهر. أولا كتبت فكرة عن التوسعات في الحرم، لأني كنت مهتم بهذه الزاوية، ثم أخبروني أن لديهم فكرة مشابهة لهذا، وأنهم يريدون شيئًا جديدًا، وظلوا يحدثوني "طور الفكرة.. فكر في زاوية مختلفة"، وبمجرد أن امتلكت فكرة فيلم عن القائمين على الحرم، يكون عن عملهم في يوم واحد عبر الخمس صلوات؛ حينها أعجبوا بالفكرة.

وكان لدينا اجتماع على مدار يوم كامل في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض، أخذنا نتناقش ونستعرض الفكرة على المسؤولين حتى تفهموها والحمد لله الجميع تحمس لتنفيذها بنسبة 100%.

وكم استغرق إعداد وتنفيذ الفيلم؟

قرابة 18 شهرًا. بدأت التفكير في صناعة فيلم عن الحرم في 2015، وفي نوفمبر 2015 شرعت في البحث، وقضيت أسابيع عديدة في مكة قبل بدء التصوير. ومنذ أكتوبر 2016، دخلت مرحلة تنفذ الفيلم، استغرق النتاج الأول 3 أسابيع، ثم قضينا أسبوع آخر في التصوير في فبراير 2017، ومنذ إبريل 2017 بدأنا المونتاج وانتهينا في يوليو 2017.

هل سبق لك صناعة أفلام عن الأماكن المقدسة أو الشعائر الإسلامية؟

نعم. أنا معروف في بريطانيا بصناعة الأفلام الوثائقية الإسلامية، وبرامج التليفزيون. قمت بعمل برنامج في بريطانيا بعنوان "المسجد النموذجي"، يقوم على البحث عن أفضل مسجد في المملكة المتحدة البريطانية، وعمل حملة إعلامية له على نطاق واسع، وأيضًا أنتجت وأخرجت برنامج عن الطوائف الدينية المختلفة في بريطانيا اسمه faith off"".

كذلك صنعت أفلام وثائقية لمنظمات إسلامية خيرية في العديد من دول العالم –من ضمنها مالي وإندونيسيا وكشمير ولندن والبوسنة وبنجلاديش- وتستعرض محنة ومعاناة المجتمعات الإسلامية حول العالم.

أظهر إعلان الفيلم حجم الإمكانات الضخمة المستخدمة.. حدثنا عن الكاميرات التي اعتمدتم عليها؟

أنا قررت استخدام كاميرات "أري أليكسا"، لأنها تمنح الصورة جودة فائقة، كما أنها قوية جدًا، فقد علمت أن بيئة التصوير ستكون حارة للغاية ورطبة، ولم أكن أريد المخاطرة بتعطل المعدات مع تلك الحرارة.

كذلك كان اختيار العدسات قرار آخر أساسي أثناء التصوير، إذ استخدمت عدسات "فوجي زووم"، مقابل العدسات الرئيسية ليس لأنها تمنح الصورة جودة أفضل، لكن لأني علمت بيئة الحرم، فلن تستغرق باستخدام هذه العدسات الكثير من الوقت للحصول على لقطة مصورة ممتازة، لهذا كانت عدسات الزووم مهمة، لأنها سمحت لنا بتحديد زوايا مختلفة للتصوير دون أن نضطر إلى تغيير العدسات وبالتالي سمحت لنا بالعمل بالسرعة التي نحتاجها لإنهاء الفيلم.

قمت بكتابة وإخراج الفيلم.. أيهما كان أصعب بالنسبة لك؟

بالنسبة لي الكتابة والإخراج يسيران معًا، ولو تحتم عليّ الاختيار، لقلت إن الإخراج أكثر صعوبة، لأنه حينما تكتب تكون أنت والكمبيوتر فقط، هي تجربة شخصية لا أحد آخر يشاركك فيها.

أما عندما تخرج مشروع كهذا، فإن عدد مختلف من الناس وأصحاب المصلحة يشاركون في العمل، بداية من فريق التصوير، مرورًا بالمسؤولين في الحرم، العاملين المشاركين في الفيلم، الممولين، والشركات الراعية، والموزعين، وهذا من شأنه جعل الإخراج أكثر تعقيدًا من الكتابة. 

كيف أعددت نفسك لخروج فيلم مختلف عن الحرم.. وهل شاهدت أعمال من سبقوك؟

قمت ببحث مستفيض، زرت مكة عدة مرات لأسابيع عديدة للإعداد، وصورت مقاطع في ذلك الوقت، لهذا تمكنت من معرفة البيئة التصويرية في الحرم، وشاهدت كل فيلم تم إنتاجه عن الحرم على مدار 20 سنة ماضية.

وتفقدت كذلك تاريخ الحرم منذ بدايته وحتى يومنا هذا، وتحدثت مع رؤساء كل الأقسام في الحرم، لاختيار أي منهم سيتم إبرازه في الفيلم، وأجريت مقابلات مع مختلف العاملين لمعرفة مدى ارتياحهم أمام الكاميرا، وكيف يتم إظهارهم أمام من سيشاهدونهم في دول العالم.

وما أبرز قصص العاملين التي ألهمتك خلال صناعة الفيلم؟

هناك العديد من القصص الملهمة، أعتقد أن العاملين لديهم إحساس عام بالفخر والمسؤولية، العديد منهم يعتقدون أن الله اختارهم للعمل في الحرم، وهذا أثار إعجابي كثيرًا، فالضرورة تتطلب وجود عاملين في الحرم لكن هؤلاء الرجال يشعرون أن حياتهم كانت رحلة لينتهي بهم المطاف بالعمل هنا في الحرم. 

والفكرة الأخرى التي لمستني، حين قال لي أكثر من شخص أنه بمجرد اشتغالهم في الحرم، لم يقدروا على العمل في مكان آخر، وتأثرت بهذا كثيرًا لأني مررت بهذا الشعور، فبمجرد أن تتواجد في الحرم لا تريد أن تغادره، بمجرد أن تعمل فيه لا تفكر في أي شيء أخر.

وهل هناك قصة بعينها تأثرت بها؟

هناك قصة تحديدًا أثرت فّي لأحد عاملين النظافة في الحرم الذين قابلتهم، قال لي إنه لم يكن يتخيل العمل فيه حينما جاء إلى السعودية، وحينما وقع بصره عليه في أول مناوبة له زُلزل داخًليا وأخذ يبكي، ويشكر الله على منحه هذه الفرصة، ورغم أنه عامل نظافة، كان راض للغاية بينما يخبرني عن إنجاز عظيم حققه، بأنه استطاع الدخول للكعبة وتنظيفها، وهذه قصة ملهمة جدا بالنسبة لي، وتم إلحاقها بالفيلم، ومتأكد أن الطريقة التي حكي بها ستؤثر في العمل، خاصة أنه عامل نظافة وليس مديرًا يمسك بزمام الأمور، فدخول الكعبة بالنسبة له أعظم إنجاز في حياته.

ماذا عن فريق العمل.. كم عدد المشاركين في صناعة الفيلم؟

فريقنا يبلغ 20 شخصًا، هذا يشمل أفراد التصوير والصوت والإداريين.

وهل سبق لكم العمل معًا من قبل؟

بعض فريق العمل سبق له العمل معي في أعمال أخرى، والبعض الأخر شارك خصيصًا لتصوير هذا الفيلم. 

وهل جميع العاملين في الفيلم من خارج السعودية؟

لا. بعض فريق العمل من السعودية، والبعض الأخر من بريطانيا، ونحن عملنا مع بعض أفضل العاملين في مجال الإعلام في السعودية.

أنت في الأساس بريطاني.. كيف تعاملت في السعودية مع العاملين غير المتحدثين الإنجليزية؟

أغلب العاملين الذين التقيت بهم في الحرم يفهمون الإنجليزية، وكان هذا ميزة بالنسبة لي، وأيضًا رافقني مترجم ممتاز، وهو مَن سهل التواصل.

هل واجهت أي تدخلات من منتجين الفيلم، لاسيما أن الرئاسة العامة لشؤون الحرم أحد الممولين؟

لا. كنت أعتقد في البداية أنه ربما تكون هناك أزمات في الحصول على تصاريح لدخول الحرم، لكن يُحتم على القول إن فريق الحرم كانوا رائعين. كل طلب تقدمت به، بذلوا أقصى جهدهم لتلبيته ودائما ما عملوا لإيجاد أفضل حل بالنسبة لي.

والشيخ السديس - شيخ الحرم- بشكل خاص، كان داعم كبير للمشروع، وكان مشرفا عليه نيابة عن العاملين في الحرم، فقد أمدنا بكل الدعم، ونحن ممتنين لوجود شخص مثل الشيخ السديس يترأس قيادة فريق العاملين في الحرم. 

وماذا عن الصعوبات التي واجهتها أنت أو فريق العمل أثناء تنفيذ الفيلم؟

أكبر صعوبة كانت عدم توقف الحركة في الحرم. 24 ساعة في اليوم، 365 يومًا في السنة، دائما الأبواب مفتوحة أمام المصليين، لذلك صعوبة الحصول على لقطة مصورة ذي تكوين جمالي كان أكثر تحدي في هذا الموقف، لأن آلاف البشر في المحيط، وهذا عنى بالتبعية أن الانتقال من موقع إلى آخر داخل الحرم يستغرق وقتًا طويلاً.

وكنا حريصين دائما على التأكد من التقاط المشهد الذي نحتاجه للفيلم دون أن نؤذي مشاعر زائري الحرم، وكان على رأس أولوياتي التأكد من أن طاقم التصوير الكبير لا يعرقل الحجاج بأي شكل.

وأيضًا الحرارة كانت صعوبة أخرى وجهناها، فالحر فوق الوصف في السعودية، لذلك كان من الضروري الإبقاء على الفريق في درجة حرارة مناسبة، والتأكد أننا نقدر على العمل بكفاءة في مثل هذه البيئة.

هل سبق لك أن أديت الحج؟

الحمد لله، منذ جئت إلى السعودية في 2015، أنعم الله عليّ بالقدرة على أداء الحج، كما أتممت العمرة في 6 مناسبات مختلفة.

وكيف رأيت الحرم بعيون المخرج وليس كواحد من الحجاج والمصليين؟

أعتقد لأنني من بريطانيا وذي عقلية غربية، اعتدت أن أرى زاوية مختلفة للحرم، كذلك أمضيت في مهنة الإخراج أكثر من 12 عامًا حتى الأن، وأنتجت العديد من الأفلام المختلفة طيلة تلك الفترة، لذا من الطبيعي كجزء من شخصيتي أن أفكر في الصور والقصص.

متي يحين عرض الفيلم؟

سيُعرض الفيلم على نطاق واسع في مكة، في الحرم، مع نهاية شهر سبتمبر.

ماذا عن أماكن العرض بعد ذلك؟

استراتيجية العرض تكون بالدخول أولاً إلى المهرجانات السينمائية الكبرى، بعد ذلك المنصات الإلكترونية مثل Netflix وiTunes، ثم يتم إذاعته على القنوات التليفزيونية عبر العالم.

لماذا كان التعليق الصوتي بالإنجليزية والترجمة إلى العربية وليس العكس؟

لأننا نريد أن يصل الفيلم إلى الجمهور العالمي، لذا كانت الإنجليزية اختيار طبيعي، كما سيتم نشر الفيلم مصحوبًا بخيارات عدة للترجمة.

www.onedayintheharam.com

ما أبرز التعليقات التي استقبلتها بعد إعلان الفيلم؟ 

ردود الفعل على الفيلم كانت رائعة، أناس من مختلف دول العالم راسلتني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وموقع الفيلم، وأعربوا عن إعجابهم، وامتنانهم، وأمنياتهم الطيبة، وأحدهم قال لي إنه وُلد في مكة، لكنه لم يذهب هناك منذ سنوات عديدة، وأخبرني أن صور الفيلم دفعته للبكاء، فهو لم ير في حياته مكة بهذه الطريقة، وهناك الكثير من الرسائل الرائعة المماثلة، وأنا الحمد لله ممتن وشاكر لدعم الناس.

أخيرًا ما الخبرات المهنية والإنسانية التي اكتسبتها من الفيلم؟

كمخرج أفلام إنه لشرف عظيم أن أتمكن من إخراج هذا الفيلم، وكل ما أملكه هو أن أشكر الله على منحي هذه الفرصة، وأتمنى ألا يخذل الفيلم أحدًا، لأن الحرم أكثر شيء مهم لكل المجتمعات الإسلامية، والفيلم سيمثل ذلك حول العالم.

وعلى الجانب الإنساني، زاد احترامي للعاملين في الحرم، ولطريقة النظام والإدارة بعدما رأيت العمل المضن والمجهود الذي يبذلونه للاهتمام بالمصلين وتكريم المسجد الشريف.

وأتمنى أن يلهم الفيلم ملايين المسلمين حول العالم، ممن يتوقون لزيارة مكة، ولم تتح لهم الفرصة بعد، وأن يعطي لغير المسلمين صورة طيبة عن جمال الإسلام، ومدينة مكة المهيبة، فيدفعهم لمعرفة المزيد عن الطبيعة السلمية والمتعايشة للدين الإسلامي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان