إعلان

بـ"هاشتاج".. كيف يمنع الانترنت الراغبين في الانتحار؟

04:51 م السبت 04 فبراير 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - دعاء الفولي:

خلال الفترة الماضية سعى الشاب الباكستاني، طيب ميمون، لإقناع بعض معارفه عبر موقع تويتر، بالعدول عن الانتحار، محاولا تذكير إياهم بجوانب مضيئة في حياتهم. انضم ميمون كغيره، لحملات تضامنية عدة على الإنترنت مع أصحاب التجارب النفسية السيئة، وطمأنتهم أن ثمة شخص موجود للاستماع لهم. آخر تلك الحملات كانت “SUICIDE AWARNESS” أو (التوعية بالانتحار) التي أحياها رواد التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة من خلال هاشتاج بنفس الاسم.

بين نيوزيلندا، باكستان، اليابان، مصر وغيرها، لم تتوقف المشاركة. فما أن بزغ نجم الهاشتاج على تويتر حتى انهالت عبارات تُخفف على من يراودهم الاكتئاب، فيما ترك البعض رقم هاتفه إذا ما ود أحدهم اللجوء له في أي وقت.

"روب" شاب نيوزيلندي يبلغ من العمر 27 عاما، يمتلك صفحة على موقع فيسبوك تحمل نفس اسم الهاشتاج. يقول صاحب الصفحة لمصراوي إنه شخصيا فكر في الانتحار، بل حاول التخلص من حياته أربع مرات، غير أنه تغلب على تلك الحالة، لذا أنشأ منصّة لتحفيز الناس والقول إن مآسيهم ليست نهاية المطاف "نحكي أيضا عن الصحة النفسية والعقلية، ونروي تجارب من انتحروا بالفعل لنؤكد أن المجتمع قد يصبح سببا في الانتحار".

طبقا لهيئة الأمم المتحدة، فقد ارتفع عدد المنتحرين سنويا إلى أكثر من 800 ألف شخص عام 2014، بمعدل شخص لكل 40 ثانية. وذكر التقرير أن نحو 75% من حالات الانتحار تحدث في دول فقيرة أو متوسطة الدخل. وتعتبر مصر من بين الدول التي يسيطر عليها شبح الانتحار، إذ بلغت الحالات فيها 3000 آلاف شخص سنويا، حسب تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر عام 2015.

وصلت آثار هاشتاج "التوعية بالانتحار" إلى تسنيم علي، المعيدة المصرية بالأكاديمية البحرية "شفت الناس بتتكلم عنه.. واحترمت فكرة مساعدة اللي عندهم أزمات نفسية لأن كلنا معرضين لده" حسبما تقول علي.

رغم المشاركة، تعتقد المعيدة المصرية أن مواقع التواصل الاجتماعي هُنا ليست بالقوة الكافية حتى تصنع فرقا "لأن عندنا في مصر قضايا تعتبر تابوهات زي الانتحار فمش فيسبوك اللي هيكسرها"، بالإضافة للخوف من الوصم، ما يَجْعَل اعتراف الناس بأفكارهم السوداوية شيئا صعبا، خاصة لأشخاص لا يعرفونهم.

على العكس من الشاب الباكستاني الذي لجأ له البعض بعد استخدام الهاشتاج، لم يتواصل أحد مع المعيدة "لو دة حصل هسمعهم وبعدين هنصحهم بالمتخصصين اللي هيعرفوا يحلوا الأزمة"، في نفس الوقت يتلقى "روب" يوميا رسائل على الصفحة من أناس يفكرون في الانتحار "كل شخص منهم لديه حياة وتفاصيلل مختلفة تستحق أن تُحكى.. أعتقد أن الاستماع لها قد يكفي لإنقاذ حيواتهم".

لا تستطيع يوشيكا هيدبيرج، اليابانية ذات الـ49 عاما، معرفة إذا ما كانت الحملة الأخيرة ستأتي بنتائج "ولكن يجب أن أحاول". عانى بعض أفراد عائلة "هيدبيرج" من الاكتئاب "لجأوا للعلاج النفسي وأحيانا الطبي، ولكن ليس ثمة علاج قاطع"، حسبما تقول لمصراوي، موضحة أن ذلك دفعها لاستخدام الهاشتاج، فربما تستطيع المساعدة قبل أن يتمكن اليأس أو الانتحار من أحدهم، لاسيما وأن عدد المنتحرين في اليابان قد تخطى الثلاثين ألف شخص خلال ثلاث سنوات متعاقبة من 2013 وحتى 2015.

معدلات الانتحار في مصر قليلة إذا ما قورنت باليابان، وتختلف الأسباب بين الدولتين، فيقول أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، إن الإحباط السياسي أو الركود الاقتصادي قد يكونان دافعين، لذا تستطرد المعيدة المصرية "ظروف الحياة في البلد ضاغطة وبالتالي هاشتاج مش هيغيرها بس مينفعش برضو نستسلم لها".

الحملات التضامنية أمر محمود في رأي أستاذ الطب النفسي، سواء عالميا أو داخليا "ولكن يبقى السؤال.. ماذا بعد الحملات؟". يعتقد عبد الله أن استخدام الهاشتاج لا أهمية له دون آلية للتوعية بالانتحار أو الحد من أسبابه، ويضيف أن التعامل مع الاكتئاب "يحتاج ناس متدربة للرد على أسئلة الشخص مش بتصدّر حكايات وردية عن الحياة"، مؤكدا أن النيات الحسنة دون خبرة قد تأتي بنتيجة عكسية.

لا يعمل ميمون في أي مجال متعلق بالطب النفسي أو ما يشابهه، إلا أنه يوجه رسائل إيجابية دوما لمتابعينه على تويتر، والبالغ عددهم 27 ألف شخص، مخبرا إياهم أن "الانتحار لا يحل الأزمة، بل ينقل الألم لمن يحبونكم من بعدكم"، وبجانب الحملات المتتابعة القائمة على نفس الفكرة، يأخذ الشاب أحاديث المحيطين به عن الانتحار على محمل الجدية، عكس من يرونهم باحثين عن الشهرة "الاستهتار قد يدفعهم في النهاية للانتحار بالفعل.. وحينها ستكون حملات الإنترنت مجرد شعارات فارغة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان