إعلان

فرحة الفوز بين الموتى.. كيف تابع سكان المقابر مباراة المنتخب؟

12:50 ص الإثنين 09 أكتوبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة – (مصراوي)

وسط أحد الممرات الممتد والمتفرعة بين شواهد القبور التى ترسم تضاريس المكان، تتراص كراسي بلاستيكية بطريقة عشوائية، يقبع عليها العشرات من سكان المقابر فى مواجهة شاشة تلفزيون مثبتة على جدران أحد المدافن بمقابر الغفير، القابعة بين طريقي صلاح سالم و الاوتوستراد، استعداد لمشاهدة مباراة «مصر والكونغو» ضمن التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018. عقارب الساعة تقترب من السابعة، بينما التلفاز يصدح بصوت ضيوف الاستديو التحليلي وفقرات إعلانات ترويجية، التي لا يلقي لها الجالسون بالاً.

صورة إستاد برج العرب التى ظهر على الشاشة الصغيرة، تجبر الجميع تلقائيا على الصمت، ليعلو صوت النشيد الوطني مدويا فى أرجاء المكان الذي يطغي عليه الصمت والهدوء، يكسر رهبة القبور وقدسية الموت تعليق مدحت شلبي على المباراة فى مشهد متناقض ربما إعادته الجالسون.

طارق القهوجي، صاحب المقهى الذى أقامه أمام مدخل «حوش المدفن» الذي يقيم فيه لكي يقتات منه، يسعي إلى الجمع بين مشاهدة المباراة وتلبية طلبات زبائنه، فكلما على صوت المعلق أو ارتفع حماس زبائنه، يترك ما في يده مهرولا إلى التلفاز، «هات شيشه هنا يا طارق» ينادي أحد المتابعين، واخر يطلب منه «عايز شوية شاي خمسينه» ما يريده زبائنه يجبر القهوجي الثلاثيني على عد متابعة المباراة والاتجاه إلى «نصبة المقاهي» الخاصة بإعداد المشروبات المتمركزة فى الجهة المقابلة.

أعمدة الإنارة المتناثرة داخل الممر الذى تحول إلى مقهى، يتسرب منها الضوء الأصفر الذي يشق العتمة التي تملأ أرجاء المكان، بينما الجالسون يشخصون أبصارهم إلي الشاشة لمتابعة الشوط الأول من المباراة، الذي يمر برتابة كما يصفه بعضهم« الوضع كده ميطمنشي خالص»، يتفاعل الجالسون بقليل من الحماس، وتوجيه عبارات للاعبين تطالبهم باللعب كأنهم يسمعونهم أو يستجيبون لهم «أتحركوا يا جدعان مش كده»، «ربنا يسترها نفسنا نفرح».

تعود الأحاديث الجانبية إلى أروقة المقهى بعد الانتهاء الشوط الأول، «مش كافية 27 سنة» يقولها احد الجالسين بصوت مرتفع فى إشارة إلى وصول مصر لكأس العالم سنة 1990 عندما فازت على الجزائر، ويضيف أخر «فين أيام أبوتريكة». لقطات الجمهور التى تملأ المدرجات على الشاشة، تغير دفت الحوار إلي سعر التذاكر التى يتراوح سعرها من 75 جنيها إلى 200 جنيه ومقارنتها بالخمسة جنيهات التى يدفعها كل منهم ثمن كوب الشاي وحجر الشيشة أثناء مشاهدة المباراة، يقول حسن أبو سعد الذى يعمل ميكانيكي بورشة داخل المقابر «انت هنا بتتفرج ببلاش وبتدفع ثمن المشروبات بس بدل متدفع 100 جنية او 200 غير فلوس السفر»، ينهي هذه الحوارات بداية الشوط الثاني، الذي يتزايد فيه قلق المتابعين الممزوج بالامل، ليتحول إلى حماسة بهدف محمد صلاح، الذي تضاعف معه الأمل فى الفوز ورفرفت أعلام مصر، وارتسمت الابتسامات على الوجهة. يسخر أحدهم من تعليق مدحت شلبي علي المباراة، «هيفضل يوجه نصائح للاعبيه على أساس انهم سمعينه»، بينما ينتظر أخرون الهدف الثاني تسجيل الهدف الثاني «انا مش هطمئن غير لما نجيب هدف كمان» كلمات يقول حسام عبدالله أحد المشجعين، ليصدم الجميع بالتعادل بعد إحراز الكونغو هدفها الاول، ويظهر الحزن والغضب على وجه المشاهدين وهو ما عبر عنه بعضهم بالشتائم، بينما الاخرون ينقسمون بين من يتابع فى صمت ومن يقول «يارب نجيب جون كمان». يعلن الحكم 5 دقائق وقت بدلا ضائع، ينسحب البعض المشجعين، يذكرهم طارق القهوجي بالحساب، ليقطع حوارهم إعلان الحكم ضربة جزاء لمصر، يتابع الجميع المباراة مجددا، لتعلو الهتافات «مصر مصر» بعد تسجيل الهدف الثاني، وتبدأ الاحتفالات قبل إعلان الحكم نهاية المباراة وترفرف الأعلام ويعلو صوت الڤوڤوزيلا «الزمارة التى تستخدم فى مدرجات الكرة»، ويحتشد بعضهم فوق سيارات سوزوكي تحرك تجاه طريق الاوتوستراد الذي امتلأت سمائه بالألعاب النارية لمشاركة فى الاحتفالات التى حولت الطريق إلى كرنفال يجمع بين أهالي منشية ناصر والدويقة وسكان المقابر.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان