إعلان

قصة آخر ضابط تبحث عنه الداخلية في حادث الواحات

08:06 م السبت 21 أكتوبر 2017

النقيب محمد الحايس

كتبت - دعاء الفولي وأحمد جمعة:

الخميس الماضي، اتصل النقيب محمد الحايس بصديقه سمير إبراهيم-اسم مستعار- ليطمئن عليه. تبادلا السلام، سأله الأخير عن العمل، ليقول له الحايس بقلق "طالع مأمورية في الواحات.. مش عارف عنها أي تفاصيل"، ليرد بشكل روتيني "طيب خلي بالك من نفسك"، دون معرفة أنها المكالمة الأخيرة.

عام 2015 كانت المرة الأولى التي التقى فيها إبراهيم بالنقيب الحايس "كان ساعتها ضابط مباحث في قسم الهرم"، لم تستغرق صداقتهما وقتًا طويلاً حتى تتوطد "حتى لما راح قسم العمرانية فضلنا نتقابل ونتكلم"، يحكي إبراهيم عن الضابط الراحل الذي وصفه بـ"صاحب قلب يفوت في الحديد".

أمس الجمعة خرجت مأمورية من العمليات الخاصة بالشرطة، بعد ورود معلومات من الأمن الوطني، تُفيد بوجود عناصر إرهابية في الكيلو 135 من طريق الواحات، حسبما قالت وزارة الداخلية في بيان رسمي.

ضمن تلك المجموعة كان النقيب الراحل "محمد مكنش بيهمه".. يروي إبراهيم مواقف عدة جمعته بـ "الحايس"، منها خروجه في أكثر من مأمورية "خطرة" على حد وصفه "رغم إنها ممكن متبقاش بتاعته"، حتى مشاركته في مأمورية الواحات الأخيرة.

1 (5) 

لساعات ظلّ أصدقاء النقيب الحايّس، بقسم شرطة ثان أكتوبر يبحثون عن اسمه وسط الأخبار قبل صدور البيان الرسمي لوزارة الداخلية، كونه الوحيد من قوة القسم الذي شارك في تلك المأمورية. يقول أحمد مصطفى -اسم حركي- وهوّ زميله في القسم: "هو الوحيد اللي طلع مع القوات من القسم لأنه كان موجود نبطشية وقتها"، لكنهم لم يتوصلوا لمعلومة مؤكدة عن العثور عليه حتى الآن رغم انتشار الأنباء عن تواجد جثمانه بمستشفى الشرطة بالعجوزة.

"كلمة الشهادة على لسانه على طول في أي موضوع عن الشغل".. حسبما يروي زميله الذي رافقه لمدة عامين في قسم الشرطة الذي التحق به قادمًا من قسم العمرانية في حركة التنقلات الدورية لوزارة الداخلية، ودفع نشاطه المكثف خلال الشهور الماضية إلى تكريمه من مدير أمن الجيزة اللواء هشام العراقي: "كل الصفات الكويسة كانت فيه، بخلاف إنه بيقوم بشغله على أحسن وجه، ومدير الأمن كرمه الشهر اللي فات"، إذ كان ذلك بعد خروجه في حملة عقب مقتل أمين شرطة في منطقة أكتوبر.

1 (4)

حينما سمع إبراهيم بما حدث أمس في الواحات "اتصلت بأصدقائنا عشان أحاول أفهم إيه اللي حصل؟".. فوجئ الشاب باسم الحايس ضمن المأمورية، غير أن المعلومات حتى صباح اليوم لم تؤكد أو تنفي وفاته "كنا بنقول يمكن اختفاؤه يكون مؤشر لعودته بالسلامة".

ظل الأمل حاضرًا في نفس إبراهيم حتى صباح اليوم، لكن بعض المصادر أخبرته عن وفاة صديقه.. حزن عميق أصاب الصديق "مكنتش عايز أصدق.. دة لسة مكلمني من يومين"، استعاد إبراهيم أمنية الضابط الراحل المتجددة "إنه يتنقل قطاع شغله أقل شوية.. كان دايما يقول إن الخدمة تعبته وعايز يستريح".

مثل إبراهيم، كان مصطفى حسام، أحد أصدقاء الشهيد، لا يُصدق الأخبار التي تناقلت عبر حسابات مشتركة على فيسبوك مع الحايس عن وفاته. أخذ يُمنى نفسه بكذبها، حتى مع إعلان وزارة الداخلية فقدانه: "بعدها عرفنا إنه استشهد". ما يزيد من حزن حسام عدم تمكنه من حضور جنازة صديق عمره لسفره إلى فرنسا: "لسه مكلمني من يومين وقالي "كلمني بالماسنجر عاوز أسمع صوتك".

1 (6)

الساعات الأخيرة للقاء "الحايس" وأحمد مصطفى مرّت كما اعتادا في مثل هذه الظروف: "كنا عارفين إنه طالع مأمورية، احنا متعودين على المأموريات لأن شغلنا في الأصل مباحث"، لكنه ما إن شعر بورود الأنباء عن ضخامة المأمورية حتى توجس مع التعامل مع العناصر الإرهابية: "وجودنا في الشارع مع ناس عادية خطورة، ما بالك بإرهابيين".

تفاصيل كثيرة اعتبرها الصديق إبراهيم دليلا على تفاني النقيب "محمد تقريبًا كان كل يومين بيبات في القسم"؛ غطاء ومخدّة اتخذهما الضابط سلاحًا له بشكل دائم، واضعًا إياهما في السيارة أو القسم "كان يقول أنا مش عايز اتأخر على الخدمة هنام ساعتين في العربية وأقوم"، فيما يتذكر إحدى الوقائع التي كاد الحايس أن يفقد فيها حياته عام 2014، وذلك عندما خرج في حملة للقبض على أحد الهاربين بمنطقة الطوابق "ساعتها أمين الشرطة اللي معاه اتضرب بالنار وهو كان هيتصاب بس ربنا لطف"، بينما يضيف أن أكثر ما كان يشغل عقل الحايس صاحب الـ27 عاما هو إيقاف تجار المخدرات.

"كان بيجهز شقته للجواز".. حسبما يذكر زميله في القسم، كما كانت أمنيته قبل الحادث "إنه يطلع عمرة"، لكن الأمنيتين لم يتحققا بعدما التحق بزملاء مأموريته الـ 16 الذين استشهدوا في عملية الواحات، حسبما أعلنت وزارة الداخلية مساء السبت.

استياء ألمّ بإبراهيم بعد المعلومات عن استشهاد صاحبه "أنا عارف إنه هيتكرم بس التكريم هيرجّعه؟"، يستطرد قائلاً إن عودة حق النقيب الحايس، والقصاص ممن تسبب في موته، هما أهم تكريم قد يحصل عليه "ساعتها نقدر نقول إنه مراحش هدر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان