إعلان

تفاصيل لحظات الرعب داخل أتوبيس "سان جون" - (صور)

06:42 م الثلاثاء 08 نوفمبر 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد مهدي:

تصوير - كريم أحمد:

 

في السادسة والنصف صباحًا، شقّت حافلة تابعة لمدرسة "سان جون" طريقها بمنطقة الزيتون، تمر على منازل عِدة، مُصطحبة عدد من الطلبة في المرحلة الإعدادية والثانوية، قبل أن تتجه بهم إلى طريق السويس حيث تقبع المدرسة. الأمور هادئة، السكة خالية من الزحام، الأطفال بعضهم مايزال نائمًا، آخرون انهمكوا في الحديث، قبل أن تنحرف الحافلة فجأة ناحية اليمين، مصطدمة بمقطورة بنزين متوقفة على جانب الطريق "الأتوبيس لزق في المقطورة، ولقينا الأولاد وقعت فوق بعضها" يقولها صالح أحمد، أحد شهود العيان على الواقعة.

 

كان أحمد -مُدرس لغة إنجليزية- يجلس في حافلة مدرسة أخرى تسير صُدفة خلف أتوبيس "سان جون"، لم يُصدق ما جرى، هرول برفقة زملائه تجاه مكان الحادث. المشهد قاسي "السواق والمشرفة بتاعت الباص لقيناهم ماتوا"، طفلة مُلقاة بين المقطورة والحافلة "كانت بتطلع في الروح" أخرى تدلت رأسها من أحد نوافذ "الأتوبيس"، من خارج الزجاج يرى الأطفال في حالة يرثى لها "متكومين على بعض وكسور كتير".

 

لم يقف المُدرس ساكنًا، حاول مع آخرين كسر النوافذ، تمكنوا في لحظات من الدخول إلى الأطفال "كل همنا ننقلهم بسرعة لأن إي شرارة هتحصل مع البنزين تبقى كارثة". بهمة أمسك أحمد بعدد من الأطفال، وضعهم على الرصيف القريب من مكان الحادث، قلبه يرتجف من هول المنظر، صراخ الطلبة يؤلمه "في طفلة كانت مكسورة في رجليها وايديها، صِعبت عليا بس مقدرتش أساعدها".

14963401_10154834241452722_7049896266652508309_n

توقف الطريق، عشرات السيارات قطعت محيط الحادث، ترجل أصحابها عنها للمساعدة، وصلت سيارات الشرطة بصُحبة أحد الأوناش، فيما انهمك مُدرس اللغة الانجليزية في إنقاذ الطلبة، يؤرقه رُعبهم مما جرى، يلتفت بين الحين والآخر لتلبية طلِب أحدهم "كان فيه ولد رجله مكسورة ومصمم يطمن على أخته" بحث الرجل الثلاثيني عنها، وعندما وصل إليها، تعكز الطفل على أكتافه حتى احتضن شقيقته.

 

بعد أن اطمئن أحمد على خروج كافة الأطفال من الحافلة المصدومة، عاد إلى سيارة مدرسته مرة أخرى "الوضع بقى أفضل. وكان مهم أوصل الطلبة اللي معايا بسلام"، غادر مُدرس اللغة الانجليزي المكان، يقترب من النافذة، تتعلق عيناه بالأطفال المصابين "الواحد كان قلبه بيتقطع" قبل أن يغيبوا عن الأنظار.

 

وصلت سيارات الإسعاف إلى الحادث، نقلت الضحايا والمصابين، انطلقت نحو مستشفى الكهرباء بطريق السويس، استقبلت الطوارئ 18 حالة، من بينهم فتاة متوفية-نينا أمير 6 سنوات- و17 مصاب -وفق الدكتور محمد زكريا، مدير الطوارئ- حيث أُجريت لهم الفحوصات اللازمة "تم نقل 3 في الرعاية المُركزة، و4 حالتهم جيدة". فيما خرج 5 حالات من المستشفى لتحسن حالتهم، و5 آخرين بناء على طلب ذويهم.

 

تحولت المستشفى إلى خلية نَحل، أطباء في الأروقة، حالة نشاط من أجل متابعة حالة المصابين، قبل أن يتوافد أهالي الطلبة إلى المكان، وجوه خائفة، أسئلة لا تنتهي "أكتر من أسرة كان ليهم اتنين و3 أطفال" تذكرها "ميس سناء" أحد المشرفين في الطوارئ، فيما يحاولون تهدئة روعهم وإبلاغهم أن الحالات بخير، لكنهم عجزوا عن التصرف مع الأسرة التي فقدت ابنتها "دا غير إن ليهم بنتين كمان في الرعاية المركزة اسمهم جولي وماريا وأختهم نينا هي اللي توفيت".

15032903_10154834217847722_3146637772200590087_n

 

اصطحب مدير المستشفى، والد الطفلة المتوفاة والفتاتين المصابتين، أبلغه بالخبر، اهتز للحظات، قبل أن يخبروه بضرورة تماسكه أمام الأم، بعد دقائق استجمع المدير الكلمات مُخبرًا إياها بالأمر، مرت لحظة من الصمت، لم تستوعب الأم ما جرى، صدمة تملكتها، حاولت الحديث لكنها لم تقدر، ثم انفجرت بغتة بالبكاء والصراخ "قولنالها دي عطية ربنا وهو استردهها". ولم يجرؤ أحد على تمرير معلومة طفلتيها المتواجدتين في الرعاية.

 

عصفّ الفقد بقلب الأم، طفلتها التي تركتها منذ ساعات دون وداع، شعرت بالاختناق، لكنها تحاملت على نفسها، بعد أن علمت بأمر الطفلتين، هرعت إلى الطابق الأول للاطمئنان عليهما، دبت الحياة من جديد في روحها بعد الاطمئنان على صحتهما، جلست بجوارهما، رفضت أن تغادرهما قط "بقيت متماسكة شوية" بينما ترك الأب المستشفى لدفن الصغيرة.

 

داخل الطابق الرابع، كانت 4 حالات بحالة صحية أفضل، في 3 غرف منفصلة، من بينهم شقيقين، ذكرا إنهما كانا نائمين حينما وقع الحادث. يقول والدهما إنها تلقى الخَبر عبر أحمد مُدرس الانجليزية الذي أنقذ أطفالها، واتصل به بناء على طلبهما "بشكره على موقفه الشهم"، فيما عاد الهدوء إلى المكان من جديد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان