إعلان

على عينك يا تاجر..أجهزة طبية مغشوشة في محيط وزارة الصحة (تحقيق)

02:14 م الأربعاء 04 مارس 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تحقيق- علياء أبو شهبة ومحمد أبو ليلة:

تعب شديد وإعياء أصاب السيدة الستينية المصابة بخلل في ضغط الدم فبادرت على الفور باستخدام جهازها المنزلي لقياس مستوى ضغط الدم لتأتي المؤشرات طبيعية لكن الصداع لا يفارقها، ما دفعها لمراجعة الطبيب الذي كشف لها أن ضغطها وصل إلى 180 بخلاف القياس الذي تعرفه وهو 110 والذي دفعها للكف عن تناول الدواء لتجنب إعياء انخفاض ضغط الدم كما تظن.

إيمان عبدالمجيد روت لمصراوي، أن الواقعة التي مرت بها وكادت تدفع بها إلى المستشفى للعلاج من جلطة في المخ كانت على أعتاب الإصابة بها، وهو ما دفعها إلى رمي جهاز قياس ضغط الدم الذي اشترته قبل شهران من إحدى محلات بيع المعدات الطبية بالقرب من شارع القصر العيني.

الواقعة نفسها تكررت مع محمد كامل ذو الـ 55 من عمره والمصاب بمرض السكر وارتفاع الضغط، فأثناء عودته إلى منزله في حي الشرابية شعر بصداع وتعب شديدين كاد معهم أن يفقد وعيه، فبادر بالذهاب إلى إحدى الصيدليات لقياس مستوى الضغط والسكر وجاءت النتائج مطمئنة ما أصابه بالحيرة؛ التي قطعها بالذهاب إلى المستشفى ليقضى ليلته خاضعا للعلاج المكثف نتيجة الارتفاع الشديد في مستوى ضغط الدم ونسبة السكر في الدم، وهما ما كاد أن يفقده حياته.

دكتور أحمد كمال، استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية يؤكد في تصريحات خاصة لمصراوي أن أجهزة قياس مستوى ضغط الدم والسكر المنزلية التالفة تعتبر قنبلة موقوتة لأنها تعطي مؤشرات خاطئة تماما وبناء عليها يتخذ المريض إجراءات قد تؤدي إلى وفاته، مؤكدا أنه دائما يحذر مرضاه من استخدامها، لأنه حسب حديثه يرى أن الصيدلي لا يستطيع التفرقة بين الأجهزة ''المغشوشة'' أو المطابقة للمواصفات.

في شارع القصر العيني، وتحديدا في المنطقة المواجهة لمستشفى القصر العيني الفرنساوي وحتى شارع الشيخ علي يوسف في حي المنيرة، تعتبر السوق الأشهر لبيع هذه المنتجات والاجهزة الطبية، مصراوي قام بجولة في تلك المنطقة، التي لا يفصلها سوى أمتارا قليلة عن مقر نقابتي الأطباء والصيادلة وعلى بعد أمتار أبعد قليلا يقع مقر وزارة التموين يليه مقر وزارة الصحة، وبزيارة مقر السوق تجد كثير من المنتجات الطبية التي حظرت وزارة الصحة تداولها فضلا عن وجود أجهزة طبية مهربة دخلت من خلال أفراد وليس عن طريق وكلاء معتمدون كما هو المفترض.

تفاوت الأسعار

بزيارة السوق تباينت أسعار أجهزة قياس ضغط الدم بدرجة غير مفهومة، يتراوح سعر جهاز قياس ضغط الدم الزئبقي 350 جنيها ويصل إلى 550 في بعض المحلات، يتنوع سعر الجهاز الديجيتال بين 150 و 200 و 350 جنيها، بعض الأجهزة مدون عليها دولة المنشأ وتنوعت بين ألمانيا والصين، وبسؤال أحد الباعة عن التوكيل الخاص بالجهاز تبين أن الأجهزة الأعلى ثمنا لها توكيل وضمان لمدة عام بخلاف الأرخص سعرا.

يتوفر في السوق جهاز ''الحجامة الإسلامية'' وسعره 35 جنيها وتباع معه كؤوس بلاستيكية تباع مقابل جنيهان ونصف، كما تتوفر أجهزة خاصة بالتخسيس وإذابة الدهون تتراوح أسعارها بين 75 و 100 و 250 جنيها، وهي تباع بدون ضمان وليس لها توكيل، أحد البائعين قال لمصراوي :''هي بكام يعني عشان لو فيها حاجة مش سليمة تروح تصلحها و لا تغيرها''، بينما عرض بائع أخر إمكانية استبدال السلعة في حالة تلفها خلال 48 ساعة، وبلغ سعر جهاز الساونا 500 جنيها وهو سعر قابل للتفاوض وفقا لقدرة المشتري على تخفيض ثمن السلعة، وهو يباع أيضا بدون ضمان ولا توكيل، وأبدى بائعه الاستعداد لاستبداله في حالة تلف الموتور.

أدوية مغشوشة لنقص الوزن

''فيا أناناس'' هو اسم حبوب تستخدم لإنقاص الوزن، وهي متوفرة في السوق بالإضافة إلى حبوب ''Supper slim''و اللاصقة السحرية لتخفيف الألم، وهي منتجات وزارة الصحة أكدت في وقت سابق أنها غير مسموح بتسجيلها كأدوية بشرية أو مستحضرات تجميل ولا بأغراضها العلاجية المعلن عنها، وهو ما أدى إلى إصدار اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك قرارا بتحويل 23 قناة فضائية للنيابة العامة لاتهامها بالترويج لمنتجات طبية وادعاء قدرتها على علاج عدد من الأمراض بخلاف الحقيقة، كما تتوافر أعشاب التخسيس بسعر 20 جنيها، وهي غير مدون عليها الجهة المصنعة لها، ولا تحمل موافقة وزارة الصحة.

وعلى مدار 4 سنوات جربت سمر محمود، الفتاة العشرينية عدة أنواع من الأعشاب الخاصة بالتخسيس وحبوب سد الشهية، اشترتها من منطقة سوق الأدوية الطبية في القصر العيني، لكنها كما أوضحت لمصراوي لم تؤدي لأي نتيجة ملموسة، موضحة أن الأعشاب أصابتها في البداية بالإمساك ثم أصيبت بالاكتئاب لزيادة وزنها بدلا من فقده كما تصورت، كما بدأت تعاني من متاعب في الكلى، وأفادت أيضا أن أقراص سد الشهية كانت مؤثرة وجعلتها تفقد 10 كيلو جرام شهريا لكنها أثرت سلبا على حالتها النفسية وأصابتها بالاكتئاب.

خالد عبدالراضي رجل أربعيني، أكد لمصراوي أنه يعاني من السمنة يقول أنه حاول بشتى الطرق إنقاص وزنه الزائد من خلال عدد من المنتجات التي شاهدها على شاشة التليفزيون، لكن تجربته باءت بالفشل نظرا لعدم فعالية هذه المنتجات، التي كانت عبارة عن بدلة الساونا وجهاز الساونا وحزام التخسيس وجهاز تفتيت الدهون، وكانت النتيجة توقفه عن إتباع أي أنظمة غذائية لفقدان الوزن الزائد.

''أي دواء غير مسجل بوزارة الصحة لا ينصح باستخدامه على الإطلاق، لأن الدواء ينبغي أن يكون تمت تجربته، ويصفه طبيب بما يتناسب مع حالة المريض وبجرعة معينة''.. هكذا تؤكد دكتورة عزة الجوهري أستاذ الطب الطبيعي بجامعة عين شمس عزة الجوهري في لقاءها بمصراوي.

وتوضح ''الجوهري'' أن أجهزة العلاج الطبيعي والتخسيس بالتحديد يجب أن تستخدم تحت إشراف طبيعي من أجل معرفة الجهاز المناسب لكل حالة ولكل منطقة، كما يحدد عدد الجلسات والبرنامج الغذائي، وتحديد أيضا مدة الجلسة لأنها أدوية لا يمكن الاستهانة في التعامل معها، مضيفة أن الأمر يجب أن يخضع لتشخيص طبيب متخصص في الطب الطبيعي ليضع تعليمات ينفذها طبيب العلاج الطبيعي، أو متخصص التمرينات الرياضية.

''الصحة'' ليس لها دور

بمراجعة رئيس لجنة الصيادلة الحكومية بنقابة الصيادلة هيثم عبدالعزيز ، أفاد أن مسؤولية مراقبة ما يباع من بضائع في هذا السوق تتحمله كلا من وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك، موضحا أن دور وزارة الصحة يمكن أن يكون فنيا في حالة تشكيل لجنة لمعاينة البضائع المباعة في السوق، وبخلاف ذلك لا تملك وزارة الصحة سلطة الإشراف على المحلات التجارية، لمراجعة هل تم دخول هذه المنتجات بشكل شرعي أم من خلال التهريب، لكنها غير خاضعة للتفتيش الصيدلي.

الدكتور محمد إسماعيل عبده، رئيس شعبة المستلزمات الطبية، أكد على أن التهريب موجود والرشاوى هي المدخل لوجود الأدوات والمستلزمات الطبية غير الصالحة للاستخدام، وهو ما أوضح أنها حقيقة لا يمكن إنكارها.

أضاف إسماعيل قائلا إن مصر تعمل بنظام صحي انتهى منذ الخمسينات لأن وزير الصحة مسؤول عن كل ما يخص المنظومة الصحية من تقديم خدمات صحية في 1200 مستشفى، إضافة إلى توفير مستلزمات طبية ومستحضرات التجميل والمكملات الغذائية والأجهزة الطبية ''حتى الفسيخ والرنجة في شم النسيم''.. هكذا يصرح بسخرية رئيس شعبة المستلزمات الطبية.

وطالب ''عبده'' بضرورة فصل الوقاية من الأمراض عن علاج الأمراض كدول العالمي طبق بها هذا النظام وآخر منطبق ها هى دولة الاردن وهى هيئة للغذاء والهواء والدواء والماء لأنها العناصر الأربعة الاساسية التي تؤثر على حياة أي إنسان و ايضا لابد من توفير مستشفى صحى وطبيب وممرضة لخدمة المريض ومتابعة علاجه.

مضيفا أنه لا يوجه اللوم إلى التاجر الذي يبيع سلع تالفة لكنه يحمل المسؤولية للجهات الرقابية التي لم تنفذ القانون، موضحا أن الإشراف على المستلزمات الطبية لا يمكن أن يخضع لرقابة صيدلي لأنه خارج نطاق تخصصه لذلك يجب أن يقوم بالمهمة المتخصصين في الهندسة الطبية.

وأوضح أيضا أن فساد النظام المعمول به حاليا يؤدي إلى وجود تلك المنتجات الفاسدة، والتي تدخل مصر عبر الطيارين الذين يحصلون على نسبة ربح، إضافة إلى الفساد الموجود في الموانئ والذي يسمح بدخول هذه البضائع التالفة بعيدا عن إشراف الدولة.

مخالفة للقانون

طبقا للقانون رقم 67 لسنة 2006، فإن جهاز حماية المستهلك هو الجهة المعنية بحماية المستهلكين، وتوفير لهم الحق في أن يجدوا سلعة أو منتج بالبيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية، ومن خلالها تتلقى شكاوي المواطنين للإبلاغ عن وجود سلع غير قانونية في السوق المصري، وعلى أثره يتعاون جهاز حماية المستهلك مع مباحث التموين لضبط وإحضار هذه السلع الغير قانونية.

وأوضح اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك في تصريحات خاصة لمصراوي أن الجهاز يقوم بظبط عدد من الأجهزة الطبية الرديئة المتواجدة في الأسواق بالتعاون مع مباحث التموين ''أي شئ من مصدر غير شرعي تصبح هي والعدم سواء، نرصد أي جهاز لم يلتزم بالإجراءات القانونية، وهناك حملات مكثفة للمستلزمات الطبية الرديئة ومنها الأجهزة الطبية الخاصة بقياس مرض الضغط أو الضغط، هذه الأجهزة لازم تكون واخدة موافقة من وزارة الصحة''.. هكذا قال.

في الوقت نفسه قال مدير إدارة الإعلام بمباحث التموين مقدم محمد عبد المولى في تصريحات خاصة لمصراوي أن جزء كبير من ورش بير السلم متواجدة في المناطق الشعبية كشبرا الخيمة ووعدد من أحياء محافظة الجيزة، تقوم بتصنيع أجهزة طبية رديئة وغير مطابقة للمواصفات، كما أن جزء من هذه الأجهزة يتم استيرادها من الخارج بدون أي سجلات تجارية او موافقة من وزارة الصحة، مؤكداً أن هناك فريق بحث منتشر في عدد من الشوارع الرئيسية التي يتم الترويج فيها لهذه الأجهزة.

''نصف مليون'' قطعة طبية مغشوشة

وحصل مصراوي على مستندات من جهاز مباحث التموين ترصد عدد الأدوات الطبية والأدوية المغشوشة التي قام الجهاز بضبطها خلال الفترة من أغسطس 2014، وحتى 22 فبراير من عام 2015، حيث وصل عدد المستلزمات الطبية التي لم يعثر بها ع لى مستندات تفيد بمشروعية حيازتها ومجهولة المصدر وغير مدون عليها بلد المنشأ، وصل عددها لـ 523 ألف و599 قطعة، و21 جهاز (من بينهم أجهزة لقياس الضغط والسكر) و22 ألف 575 عدسة لاصقة و171 لتر من المستلزمات، وقامت مباحث التموين بتحرير 140 محضر لتلك الكمية.

كما ضبط الجهاز طبقا للبيان الذي حصل عليه مصراوي أدوية بشرية بدون بيانات ومجهول المصدر وغير مسجل بوزارة الصحة ومنتهية الصلاحية، عددها 439 ألف و875 عبوة وقرص، و120 علية ألبان أطفال، وألف و290 طن، تم تحرير لهم 138 قضية، بالإضافة لضبط ادوية مخدرة محظور تداولها بالأسواق ومدرجة بالجداول الثالث فقرة ''د'' الملحق بقانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960، عددها تسعة ألاف و535 عبوة وقرص، حررت لهم خمسة قضايا، بالإضافة لمنشطات بدون بيانات ومجهولة المصدر وغير مسجلة بوزارة الصحة، عددها 3 مليون،و160 ألف و621 عبوة وقرص، و0,925 كيلو جرام، حررت لهم 37 قضية

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج